الهدم.. سلاح إسرائيل لتهجير فلسطينيي 48

"صنع بإسرائيل"..هدم منازل لفلسطينيي 48
undefined

محمد محسن وتد- أم الفحم

ترقب المؤسسة الإسرائيلية الاثنين القادم تداعيات وتطورات الحراك الشعبي المتواصل لفلسطينيي 48 وإمكانية الصدام والمواجهة، وذلك على خلفية قرار لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالإعلان عن إضراب شامل ببلدات الداخل الفلسطيني.

ويُعد هذا القرار خطوة تصعيدية لمواجهة مخطط إسرائيل بمصادرة 800 ألف دونم بالنقب والتصدي لأوامر الهدم الفورية لمئات المنازل بحجة انعدام التراخيص.

وتعتمد لجان البناء والتنظيم الإسرائيلية سياسة الهدم والتضييق على فلسطينيي 48 بمصادرة أراضيهم وتوظيفها للاستيطان والتهويد ولمشاريع البنى التحتية القومية، في حين تمتنع عن توسيع مسطحات ونفوذ البلدات والمصادقة على الخرائط الهيكلية والتفصيلية للتوسع والتطور، وتوظف وحدات شرطية خاصة لتنفيذ مخططات الهدم والمصادرة وقمع أي مقاومة شعبية للدفاع عن الأرض والمسكن.

ناصر: هدم البيوت هو أحد أسباب أزمة السكن لدى الفلسطينيين (الجزيرة نت)
ناصر: هدم البيوت هو أحد أسباب أزمة السكن لدى الفلسطينيين (الجزيرة نت)

انتهاكات وعقوبات
واضطرت حاجة السكن عشرات آلاف العائلات من فلسطينيي 48 إلى البناء من دون رخصة، مما عرضهم إلى أبشع أنواع العقوبات المحددة بالقانون الإسرائيلي ومنها غرامة مادية عالية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات وهدم المبنى وتغريم صاحبه وإلزامه بدفع رسوم الهدم التي تصل إلى مائة ألف دولار، وقد تصل تلك العقوبات إلى السجن الفعلي في حالات معينة.

ويُعد هدم بيوت الفلسطينيين بالداخل والمساس بحقوقهم الأساسية في العيش والمسكن "إخلالا سافرا" من جهة إسرائيل بكل المواثيق الدولية التي وقَعت تل أبيب عليها والتي تحفظ الحقوق المدنية والاجتماعية لكل موطن بما في ذلك الحق في المسكن، كما أنه يتنافى مع القوانين الدستورية بإسرائيل نفسها.

ويرى المختص بقانون البناء والتنظيم المحامي قيس ناصر أن هدم البيوت هو أحد أسباب أزمة السكن لدى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فمؤسسات التنظيم والبناء بإسرائيل تهدم بيوت المواطنين العرب وتهجر عوائلهم بحجة البناء غير المرخص، في حين لا تقوم تلك المؤسسات نفسها بتأمين المخططات الهيكلية التفصيلية بغالبية البلدات العربية ليستطيع المواطن الفلسطيني استصدار رخصة بناء.

وأضاف ناصر وهو محاضر بالجامعة العبرية بالقدس، أن تقاعس المؤسسات بإسرائيل عن تخطيط البلدات العربية ومنح المواطن الفلسطيني الفرصة الحقيقية للبناء بشكل قانوني، وهدم البيوت يندرج في إطار سياسة حكومات إسرائيل المتعاقبة التي لم تجعل العرب يوما مواطنين متساوين في الحقوق بل أعطت الأفضلية دائما لتطوير البلاد باعتبارها دولة يهودية.

عشرات آلاف المنازل لفلسطينيي 48 ترفض إسرائيل ترخيصها وتلوح بهدمها(الجزيرة نت)
عشرات آلاف المنازل لفلسطينيي 48 ترفض إسرائيل ترخيصها وتلوح بهدمها(الجزيرة نت)

اقتلاع واستيطان
وشدد على أن هذه السياسية نُفذت على مر السنين على حساب الحقوق الأساسية لفلسطينيي 48، مؤكدا على أن هذه السياسة أنتجت مؤخرا مخطط اقتلاع باسم "مخطط برافر" لتهجير آلاف المواطنين الفلسطينيين البدو بالنقب، مما سيسفر عنه محو عشرات القرى العربية التي ترفض إسرائيل الاعتراف بها حيث تصر على مصادرة 800 ألف دونم من أراضي البدو وتحويلها على اسم دولة إسرائيل بغرض التهويد والاستيطان.

ودعا ناصر المجتمع الفلسطيني بإسرائيل إلى تدويل قضية هدم البيوت، واستنفاذ كل الإجراءات القانونية حسب القضاء المحلي لإلزام حكومة إسرائيل بتنفيذ واجباتها تجاه المواطنين العرب.

من جهته اعتبر الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح أن المرحلة التي يعيشها فلسطينيو 48 تتسم بوضوح معالم مشروع الحركة الصهيونية الذي لم يستكمل إبان نكبة الفلسطينيين عام 48.

وبيّن أن هذا المشروع يستهدف في هذه المرحلة ما بقي من شعب فلسطين في وطنه ويأخذ أشكالا متعددة ومتسارعة، وما مخطط "برافر" إلا فصل من فصول التشريد والتهجير لتعزيز التهويد والاستيطان بفلسطين التاريخية.

نهب وسلب
وقال عبد الفتاح في حديثه للجزيرة نت إن ما يحصل لفلسطينيي 48 "تطهير عرقي واستعمار داخلي"، حيث توظف المؤسسة الإسرائيلية لتحقيق مخططاتها وأهدافها كافة الأدوات الاستعمارية التقليدية للسيطرة على الشعب الفلسطيني ونهب وسلب أملاكه وثرواته، مضيفا أن هذه المؤسسة من "أسوأ وأبشع أنواع الاستعمار الذي شهده التاريخ البشري الهادف للاقتلاع والطمس".

عبد الفتاح: إسرائيل تصعد من هجومها على الداخل الفلسطيني(الجزيرة نت)
عبد الفتاح: إسرائيل تصعد من هجومها على الداخل الفلسطيني(الجزيرة نت)

ويجزم عبد الفتاح بأن إسرائيل وبسبب التحديات التي تواجهها لحسم موقفها من حل القضية الفلسطينية، تصعد من هجومها على الداخل الفلسطيني لتحسم الحدود النهائية للدولة اليهودية بإعادة ترسيم الحدود بقضم وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بالضفة لسيادتها عبر فرض نظام "أبرتهايد" عنصري يزحف نحو الخط الأخضر ويتكرس بشكل سافر عبر رزم من القوانين العنصرية تحاصر الوجود الفلسطيني بالداخل.

ومقابل هذه الهجمة السلطوية الشرسة ومخططات التطهير العرقي، يؤكد عبد الفتاح أن القوى الحزبية والحركات الوطنية مطالبة بالارتقاء بمستوى النضال والانتقال من مرحلة الرد إلى المبادرة والأفعال عبر خلق حالة متواصلة من الاحتجاجات الشعبية يتعايش معها الداخل الفلسطيني بنفس طويل، بخوض سلسلة من الإضرابات تؤدي إلى حراك ونضال شعبي عارم يؤثر ويفرض أجندته على السياسة الإسرائيلية.

كما يعول عبد الفتاح على اللجان الشعبية وجمهور الشباب لإعادة تنظيم المجتمع الفلسطيني بالداخل للتصدي للمخططات الإسرائيلية.

المصدر : الجزيرة