يافا.. صمود يتحدى الاستيطان والتهويد
محمد محسن وتد-يافا
تتعرض عقارات اللاجئين الفلسطينيين في يافا إلى أوسع عملية تصفية وتطهير وبيع بالمزاد العلني من قبل الدولة الإسرائيلية التي فتحت المجال أمام شركات العقارات الإسرائيلية والأجنبية لجلب المستثمرين والأثرياء من جميع أنحاء العالم وتوطينهم فيها.
وقبل نكبة 1948 كان في يافا أكثر من مائة ألف فلسطيني هُجّر وشرد غالبيتهم العظمى ليبقى منهم وقتها نحو أربعة آلاف نسمة عانوا الأمرّين، الاضطهاد والتطهير العرقي. في حين يبلغ عددهم الآن ما يقارب 15 ألفا فقط.
ومكّنت إسرائيل شركات العقارات من فرض وقائع على الأرض باعتماد النهج الاستثماري واستقدام الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال على حساب السكان الأصليين الذين تحولوا جراء السياسات الحكومية لطبقة ضعيفة مُعدمة وحلقة مستضعفة، إذ أُخضعت جميع عقارات وأملاك اللاجئين والغائبين عن المدينة وأملاك الوقف الإسلامي لسيطرة ما يسمى "حارس أملاك الغائبين".
وبالتوازي مع ذلك تم استقدام جماعات يهودية استيطانية من الضفة الغربية خصص لهم مبنى لإنشاء مدرسة دينية توراتية تغذي الفكر الاستيطاني. كما طُرح عطاء لإقامة حي استيطاني خاص بهذه الجماعات في قلب التواجد السكاني العربي بحي الجبلية، مما ينذر باحتكاك وتصادم ومواجهة حتمية مستقبلية مع هذا المخطط الديني السياسي الذي يهدف لتفريغ الوجود الفلسطيني من يافا وشطب تاريخها وحضارتها.
قرصنة وصراع
ويقول القيادي بحي الجبلية والباحث في تاريخ يافا د. سامي أبو شحادة إن المدينة تتعرض لهجمة إسرائيلية تهدف لبيعها بالمزاد العلني وذلك عبر طمس معالمها والاستحواذ على عقارات وأراضي اللاجئين بمختلف أنحائها، ومن ثم إنشاء منتجعات سياحية وفنادق ومجمعات تجارية وترفيهية للأثرياء لتكون مدينة للفنانين وأصحاب رؤوس الأموال، مع الاهتمام بتغييب تاريخ وحضارة المدينة التي تحولت إلى أغلى مدن العالم من حيث العقارات والمساكن.
تهميش وإقصاء
وحذر أبو شحادة من اتساع ظاهرة هجرة الأزواج الشابة من المدينة لعجزهم عن تأمين مصاريف السكن في ظل مصادرة الأراضي وإخلاء العقارات والمنازل بذريعة أنها تتبع "لحارس أملاك الغائبين". ومقابل ذلك تضخ شركات العقارات مبالغة خيالية للاستثمار في عقارات وأملاك اللاجئين لطرحها للبيع، إذ يتراوح سعر المنزل ما بين مليون إلى خمسة ملايين دولار، بينما يحرم الشاب العربي من أرضه ومنزل عائلته وخاصة أن 70% من الفلسطينيين بالمدينة يسكنون بالإيجار بعد سلبهم أرضهم ومنازلهم.
ويتفق مدير مشروع المساواة والصحة للفلسطينيين بإسرائيل بجمعية أطباء لحقوق الإنسان إيتمار عنباري مع أبي شحادة بكل ما يتعلق بإقصاء السكان الفلسطينيين من المدينة، ولكنه قال للجزيرة نت إن السكان اليهود من الشرائح الاجتماعية الضعيفة هم أيضا ضحية لسياسة استثمار الأثرياء في يافا. ودعا عنباري لخوض نضال مشترك ضد القوى المسيطرة على سوق العقارات في يافا والتي لا تفهم إلا لغة المال.
تهجير ناعم
بدوره وصف رئيس الحركة الإسلامية في يافا الشيخ أحمد أبو عجوة ما تتعرض له المدينة بسياسة تهجير "ناعم" تنفذ بإطار القوانين التي شرعتها المؤسسة الإسرائيلية لتصفية أملاك اللاجئين والدفع بالسكان الفلسطينيين المقيمين في المدن الساحلية للهجرة، حيث تتواصل في يافا ومنذ النكبة عملية التشريد والتضييق على السكان، فقد هدمت آلاف المنازل ودمرت مئات العقارات التاريخية وطمست الحضارة العربية والإسلامية سعيا للتهويد والاستيطان وقطع كل صلة بالماضي وكل أمل مستقبلي للاجئين بالعودة، كما سُلبت كافة عقارات اللاجئين وتم بيعها بالمزاد العلني للأثرياء اليهود والمستثمرين الأجانب.
وشدد أبو عجوة على أن يافا تمر بمرحلة حرجة ومفصلية ستؤدي لمواجهة حتمية مع الجماعات الاستيطانية التي تريد "ذبحها"، مشيرا إلى أن المستقبل الذي ينتظر المدينة سيكون مظلما ما لم توضع خطة إنقاذ عربية.