حوار مصر.. بين التفاؤل والتشاؤم

handout picture released by the Egyptian presidency on December 8, 2012, shows Egyptian President Mohamed Morsi (Top C) meets with Sunni Islam's top authority and the head of Cairo's Al-Azhar university, Sheikh Mohammed Sayyed Tantawi (4th R) and other politicians
undefined

مصطفى رزق-القاهرة

سادت حالة من عدم التفاؤل بين مختلف القوى السياسية والثورية في مصر بالنتائج التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني، ففي حين توافق المجتمعون على إلغاء الإعلان الدستوري الذي أثار حالة انقسام حادة في الشارع المصري، إلا أنهم أبقوا على موعد الاستفتاء على الدستور الذي كان بدوره أحد أسباب المظاهرات التي عمت أرجاء مصر خلال الأيام الماضية.

واعتبر ائتلاف شباب الثورة أن ما خرج به الاجتماع غير كاف لتهدئة الأزمة المشتعلة في مصر. ورغم ترحيبه بإلغاء الإعلان الدستوري فإنه أكد أن الخروج بهذه النتائج انعكاس طبيعي للطريقة التي تم الحوار بها رغم مقاطعة شخصيات سياسية وقوى ثورية بارزة له.

وقال المتحدث باسم ائتلاف شباب الثورة محمد السعيد للجزيرة نت إن مقدمات الحوار الوطني لم تكن تبعث على التفاؤل في ظل هذه المقاطعة.

وأضاف أن مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين تتعامل مع من يختلف معها بمنطق الإقصاء والتجاهل، وهو أمر لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة والانقسام في الشارع المصري.

وأشار إلى أن البيان الذي خرج به الاجتماع كان شبه متوقع بالنظر إلى اللهجة التي تحدث بها كل من المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر في وقت سابق أمس السبت، والتي اعتبرها استمرارا لنهج الجماعة الذي يرى الأمور من منطق القوة والهيمنة لا من منطق التوافق المجتمعي، على حد قوله.

من ناحيته، قال عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي خالد تليمة إن إبقاء موعد الاستفتاء يخالف قواعد الديمقراطية التي لا تعني فقط التصويت على الدستور.

وأكد أن المتظاهرين مصرون على عدم إجراء الاستفتاء قبل توافق كافة القوى الوطنية على مواده الخلافية. وقال تليمة إن ما حدث لم يغير من الوضع شيئا، بل ثبت الوضع الذي خرجت من أجله المظاهرات.

ميدان التحرير أعلن مسبقا رفضه أي حلول لا تلبي مطالب المعتصمين كاملة (الجزيرة)
ميدان التحرير أعلن مسبقا رفضه أي حلول لا تلبي مطالب المعتصمين كاملة (الجزيرة)

سياسة الإقصاء
في السياق نفسه، قال عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية محمد الشهاوي إن الحزب رحب بالحوار وسعى للمشاركة فيه من خلال تقديم مقترحات لمؤسسة الرئاسة يمكن أن تتوافق عليها مختلف القوى والتيارات السياسية المتصارعة.

وأضاف الشهاوي للجزيرة نت أن رئيس الحزب عبد المنعم أبو الفتوح أجرى اتصالات مع نائب الرئيس المستشار محمود مكي ورئيس ديوان رئيس الجمهورية حتى وقت متأخر من مساء الجمعة في محاولة لتوصيل هذه المقترحات لمؤسسة الرئاسة، وكان الرد أن وقت الرئيس محمد مرسي لا يتسع لمزيد من اللقاءات.

وأوضح أن الدعوة التي خرجت من رئاسة الجمهورية للحوار كانت بقائمة أسماء محددة سلفا، لم يكن من بينها حزب مصر القوية بخلاف أحزاب وتيارات أخرى، مما يعني أن مؤسسة الرئاسة لم تكن جادة في دعوتها لهذا الحوار.

وشدد الشهاوي على أن الحزب يرحب بأي خطوة من شأنها إزالة حالة الاحتقان السياسي، مشيرا إلى أن الشكل الذي خرج به الاجتماع قاصر ولا يلبي هذه المطالب.

‪حسن القشاوي: الإعلان الدستوري حل جزءا كبيرا من الأزمة القائمة‬ (الجزيرة)
‪حسن القشاوي: الإعلان الدستوري حل جزءا كبيرا من الأزمة القائمة‬ (الجزيرة)

انفراج سياسي
في المقابل يرى الباحث في مجال إدارة الأزمات حسن القشاوي أن الإعلان الدستوري الجديد حل جزءا كبيرا من الأزمة القائمة وخاصة ما يتعلق بتحصين قرارات رئيس الجمهورية، كما أنه أحدث التوازن المطلوب فيما يتعلق ببقاء المؤسسات الدستورية المنتخبة كمجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور.

وأضاف القشاوي للجزيرة نت أن نص البيان الصادر عن الاجتماع، والذي تلاه الدكتور محمد سليم العوا وأشار إلى بقاء الآثار القانونية المترتبة على الإعلان الدستوري الملغى، يعني نفاذ إقالة النائب العام السابق عبد المجيد محمود، وهو المطلب الذي رفعته مختلف القوى السياسية عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وأكد القشاوي أنه إذا توفر حسن النوايا لدى كافة القوى المتصارعة فإن ما حدث يمثل حلا وسطا لإنهاء الأزمة الحالية.

وأضاف أن مطالب بعض القوى السياسية والثورية بإلغاء موعد الاستفتاء على الدستور الجديد تبدو غير منطقية لأنها ستشكل سابقة خطيرة في تاريخ مصر وتتمثل في عدم الانصياع لإرادة الشعب، بحسب قوله.

ولفت إلى أن إبقاء الاستفتاء في موعده سيحل إشكالا قانونيا كان من الممكن أن يترتب على تأجيله سهولة الطعن في عملية الاستفتاء برمتها أمام القضاء.

وعن مقاطعة بعض القوى للحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي، أعرب القشاوي عن اندهاشه من موافقة المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى ورئيس حزب الدستور محمد البرادعي -خلال تولي الأول منصب وزير الخارجية والثاني منصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية- على مبدأ التفاوض مع إسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين أو التوسط بين إيران والغرب، في حين يرفضون الحوار مع رئيس منتخب من أجل المصلحة العليا للبلاد.

المصدر : الجزيرة