سعي لمجلس أعلى للثقافة بالعراق

اتحاد الادباء العراقي.
undefined

علاء يوسف-بغداد

ينادي الوسط الثقافي في العراق منذ عشرة أعوام بتأسيس مجلس أعلى للثقافة يساهم في تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للأدباء والكتاب، ويردم الفجوة بين السياسي والمثقف، وهي الفكرة التي تبناها الرئيس العراقي جلال الطالباني مؤخراً. 

ويقول رئيس اتحاد الأدباء والكتاب فاضل ثامر للجزيرة نت إن الاتحاد يطالب منذ عشر سنوات بتأسيس مجلس أعلى للثقافة، وإنه اتخذ سلسلة من الخطوات في هذا المجال من خلال ما يسمى بالهيئة العليا للمؤسسات والمنظمات الثقافية وتضم عشر منظمات منها اتحاد الأدباء، وأضاف أنهم وضعوا نظاما داخليا وقدموه إلى مجلس النواب في عام 2006، لكن لم تكن هناك جدية في التعامل مع هذا الأمر.

ويضيف فاضل ثامر أن هذه الفكرة عادت مرة أخرى وأنهم عملوا عليها بعد أن تبنى رئيس الوزراء نوري المالكي تأسيس مجلس أعلى للثقافة واعتبره مشروعه الشخصي، وأشار إلى أنهم شكلوا لجانا وتعاونوا بمرونة كبيرة إلا أنه لم تتخذ خطوات إجرائية بل ظلت الفكرة حبرا على ورق بسبب وزارة الثقافة التي قال إنها تؤدي دورا محدودا في المشروع الثقافي.

الروائي حميد الربيعي: يمكن بناء عراق جديد من خلال مجلس أعلى للثقافة (الجزيرة نت)
الروائي حميد الربيعي: يمكن بناء عراق جديد من خلال مجلس أعلى للثقافة (الجزيرة نت)

وأشاد ثامر بمبادرة الرئيس العراقي جلال الطالباني بتبنيه هذا المشروع، لكنه أكد أن الاتحاد يرفض الخطوات العملية التي تجهض هذا الحلم، وتحدث عن ما سماها حساسيات كبيرة بين السياسي والمثقف بسبب أن الأول يفكر بعقلية برغماتية ويطالب بإخراج وزارة الثقافة من المحاصة وإسنادها إلى أحد المثقفين.

وضع متوتر
من جانبه، يقول الروائي حميد الربيعي للجزيرة نت إن الفكرة ليست جديدة، وإن الرئيس الطالباني أكد على تبنيها عام  2003، وأضاف أن الاتحاد بذل جهودا بهذا الاتجاه لكنها لم تكلل بالنجاح بسبب الإشكاليات السياسية القائمة في العراق، واعتبر أن دعوة الطالباني مرة أخرى خطوة إيجابية، وتساءل: لكن هل فعلا يمكن أن تنفذ الفكرة في ظل الوضع السياسي المتوتر حاليا؟ وأعرب عن أمله أن تعطى الأهمية لهذا الموضوع.   

ويرى الربيعي أنه من خلال مجلس أعلى للثقافة يمكن بناء عراق جديد، ثقافيا تربويا، خاصة إذا تولى المثقفون مسؤولية هذا المجلس.    

ويشير إلى أن الدولة غير جادة في تبني قضية المثقفين وأحوالهم المعيشية والاقتصادية إلا في حالة إقرار مجلس أعلى للثقافة فيجب أن يقر على كافة النواحي والقضايا التي تهم المثقف سواء كانت الإبداعية أو المعيشية أو الاجتماعية.

أما الناقد علي الفواز، فقال للجزيرة نت إن نجاح أي عمل ثقافي يعتمد الآن على توفير البرامج والبيئة المؤسساتية التي تكفل النجاح لهذا العمل الثقافي وتعززه على مستوى الصناعة والتسويق الثقافي، وإن الحديث عن مجلس أعلى للثقافة يصب في هذا الاتجاه من خلال إيجاد الأطر المؤسساتية والبرامج التي تنظم الفعالية الثقافية التي تعيد تأهيل المشروع الثقافي لكي يكون فاعلا ومؤثرا وقادرا على استيعاب العديد من المثقفين والنشاطات الثقافية.

البيروقراطية الثقافية
ويؤكد الفواز أنه يجب تجاوز الأشكال التقليدية للبيروقراطية الثقافية التي ترتبط بالمؤسسات الرسمية وعادة الثقافة العراقية التي ارتبطت بالحكومة أو بالبرنامج الرسمي منذ عقود.

الناقد علي الفواز: المشروع يصطدم بالعقل البيروقراطي القديم (الجزيرة نت)
الناقد علي الفواز: المشروع يصطدم بالعقل البيروقراطي القديم (الجزيرة نت)

ويوضح علي الفواز أن المثقف العراقي يجد نفسه أمام فضاء جديد وأسئلة ووقائع جديدة بحاجة إلى إعادة ترتيب بما يعزز فعاليات الثقافة العراقية، "لكن للأسف أن مشروع مجلس أعلى للثقافة يصطدم بذات العقل البيروقراطي القديم، العقل الخائف من الثقافة بوصفها نقدا وخروجا عن المعايير والقياسات التقليدية التي دأبت على تكريسها الأنظمة السياسية".

ويشير الناقد إلى أن وجود مثل هذا المجلس يحتاج إلى إصرار وجهد استثنائي من قبل المثقفين العراقيين ليشرعوا في إعادة تأهيل مشروعهم الثقافي بعيدا عن المشروع السياسي المأزوم والصراعات، وبما يجعل الثقافي داعما للسياسي وباحثا عن شكل من أشكال التكامل بين السياسي والمثقف.

ويضيف أن هذا الأمر يمكن أن يمنح الفعالية الثقافية العراقية الجديدة أفقا جديدا بما يتعاطى مع قيم الحرية والدولة المدنية والحقوق والتعدد وهذه مهمات وتحديات للمستقبل يجب على المثقف العراقي إن يناضل من أجلها وكذلك أطياف المجتمع الثقافي العراقي لتكريس واقع جديد ينبغي لهذا الواقع أن يولد وأن يصنع تحديات المستقبل.

المصدر : الجزيرة