سياسة أوباما الخارجية في ولايته الثانية

الأمريكيون يجددون 4 سنوات لأوباما
undefined

بمجرد فوزه بولاية ثانية، سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التأكيد على أنه سيعود الى البيت الأبيض وهو أكثر تصميما على التصدي للتحديات التي تواجه أميركا، ووعد بأن "الأفضل قادم"، وشدد على أن قيم الثقافة والتضامن هي التي تضمن للولايات المتحدة التفوق وليس فقط التفوق العسكري.

كلمات كهذه قد تبدو متفائلة أكثر مما ينبغي لرئيس حكم أكبر قوة في العالم طيلة أربع سنوات كان فيها أقرب ما يكون إلى "سيد الحلول الوسط" سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية، فبعد أن قاد انقلابا فكريا على سياسة سلفه جورج بوش الابن تحت عنوان "التغيير" و"الأمل"، قارب المواضيع الساخنة بمنطق التدخل من خلف ستار، أو ما يمكن تسميته "الحروب الناعمة".

ويواجه أوباما -خارجيا- مجموعة تحديات سيجب عليه التصدي لها وأبرزها الملف النووي الإيراني والنزاع في سوريا وكذلك عملية التسوية السياسية المتعثرة بين الفلسطينيين وإسرائيل علاوة على الخصومة غير المعلنة مع كل من روسيا والصين.

الأكثر سخونة
ويرى المحلل السياسي جاستين فايس من معهد بروكينغز الأميركي أن الملف النووي الإيراني سيكون "الملف الأكثر سخونة" المطروح على أوباما "لأنه قطع وعدا صريحا باسم الولايات المتحدة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إيران لن تحصل على القنبلة".

الملف النووي الإيراني سيتصدر أولويات أوباما بولايته الثانية(الفرنسية)
الملف النووي الإيراني سيتصدر أولويات أوباما بولايته الثانية(الفرنسية)

وغير بعيد عن ذلك، يعتقد السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتن إنديك أن إيران هي "تحدي عام 2013″، لافتا إلى أن عام 2013 يمكن أن يكون عاما حاسما في الشأن الإيراني، وألمح إلى أن التزام أوباما الأوسع نطاقا بحظر الانتشار النووي يمكن أن يسفر عن سياسة "مركزة وقوية".

وأضاف إنديك أن القضية الإيرانية "سوف تشغل مكانا متقدما في جدول الأعمال. منع إيران من الحصول على أسلحة نووية مطلب حيوي لتعزيز نظام حظر الانتشار النووي".

أما جيمس ليندسي نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية في مركز الدراسات في واشنطن فيذهب إلى أن واشنطن في الفترة القادمة ستبدي حزما أكثر حيال طهران "فإما أن يتوقف الإيرانيون (عن المشروع النووي) أو سيترتب على الولايات المتحدة اتخاذ القرارات الواجبة".

وأقرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة عقوبات شديدة على إيران لحملها على وقف نشاطاتها النووية غير أن الهدف الرئيسي هو "تجنب ضربة إسرائيلية" في نظر المحلل فايس الذي يرى أنه "إذا ما أثارت العقوبات وبداية انهيار للنظام الإيراني سباقا لحيازة القنبلة، عندها قد يواجه الرئيس الأميركي قرارا بالدخول في حرب في 2013 أو 2014".

الملف السوري
وبينما أنهى أوباما الحرب في العراق ويتجه إلى إنهائها في أفغانستان، اشتعلت مناطق أخرى في العالم بدا أوباما أمامها مرتبكا أو فاقد الحيلة خصوصا ما جرى إبان الربيع العربي وتحديدا في سوريا، لكن محللين يرون أن الرئيس أوباما سيطبق في ولايته الثانية الدروس الصعبة التي تعلمها خلال ولايته الأولى.

ويصف المؤرخ جوليان زيليزر الرئيس أوباما بأنه "كان شخصية وعدت بتغيير الطريقة التي تدار بها السياسة" لكنه يستدرك بالقول "لا أظن أن الناس ما زالوا يؤمنون بهذا. المسألة ليست انخفاض الثقة فيه وحسب وإنما انخفاض الثقة فيما يستطيع النظام السياسي أن يقدمه".

الأحداث قد تجبر أوباما على التدخل بدرجة ما في سوريا وربما يقدم السلاح(رويترز)
الأحداث قد تجبر أوباما على التدخل بدرجة ما في سوريا وربما يقدم السلاح(رويترز)

أما مدير مركز راند للأمن الدولي والسياسة الدفاعية جيمس دوبينز فيعتقد أن الأحداث قد تجبر أوباما على التدخل بدرجة ما في سوريا وربما يقدم السلاح لكن من غير المرجح أن يوجه ضربة لإيران.

ويرى محللون أن التحدي الرئيسي بالنسبة لأوباما سيكون محاولة تهيئة البيئة الدولية في صالح الولايات المتحدة في وقت تعاني فيه البلاد من ديون كبيرة وصعود قوى أخرى ومواجهة أخطار خارجية مثل "الإرهاب" والهجمات الإلكترونية وارتفاع حرارة الأرض.

الشرق الأوسط
وقال إنديك "قراءتي لأوباما هي أنه يريد بشكل أساسي الابتعاد عن الشرق الأوسط والتركيز على آسيا"، واستبعد أن يقوم بمحاولة جديدة في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية كما أنه ليس من المرجح أن يبذل جهدا كبيرا للتأثير على نتيجة الصراع في سوريا أو الانخراط بشكل كبير في التعامل مع حكومة إسلامية في كل من مصر وتونس.

وتابع السفير الأميركي السابق في إسرائيل "لا أرى أن مثل هذه الأمور تتصدر جدول أعماله مقابل بناء علاقة مع الصين وتشجيع صعود الهند في آسيا والسعي إلى فرص كامنة في تلك المنطقة من العالم".

وعلى الرغم من الإشارة إلى الصين باعتبارها "خصما لكن في الوقت ذاته شريكا محتملا" في مناظرته الأخيرة مع رومني فإن تركيز أوباما الرئيسي سيكون على الأرجح على محاولة التوصل إلى سبل للتعاون مع بكين بدلا من مواجهتها.

وقال جون الترمان وهو باحث كبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "سنفكر في أنفسنا بشكل متزايد باعتبارنا بلدا ينتمي إلى المحيط الهادي أكثر منه بلدا ينتمي للمحيط الأطلسي".

ويرى محللون أن سنوات حكم أوباما الأربع طبعت بالفشل في الملف الإسرائيلي الفلسطيني، وإدارة اتسمت أحيانا بقصر النظر في تطورات الربيع العربي وانتكاسات في هدف التعامل مع ملفي إيران وكوريا الشمالية، وكل ذلك في ظل علاقات صعبة مع موسكو وبكين.

واعتبر الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أندر فيرث أن أوباما سيكون خلال ولايته الثانية "أكثر تنبها لما يمكن أن تحمله اليد الممدودة (إلى أعداء الولايات المتحدة)، بعد ولاية أولى لم تتحقق خلالها بعض آماله".

وتابع "لكن لا أعتقد أنه تخلى عن هذه الفكرة، أعتقد أيضا أنه يقر بأن الربيع العربي في وقت دقيق وأنه سيجب عليه مزيد من الانخراط".

وعلى هذا الأساس يفترض الخبير الأميركي أن يعود أوباما للتركيز على "خيبة الأمل الكبيرة في ولايته الأولى"، أي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، "الذي له مضاعفات على المنطقة برمتها".

المصدر : الجزيرة + وكالات