ديباجة الدستور التونسي.. توافق وخلاف

نواب المجلس الوطني التأسيسي بصدد كتابة دستور تونس الجديد (الجزيرة نت)
undefined

إيمان مهذب-تونس

بعد مرور قرابة سنة وعشرة أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ما زال التونسيون ينتظرون دستورهم الجديد، وعلى الرغم من الاختلاف في عدد من المبادئ والمفاهيم، فإن هناك إجماعا على ضرورة التوافق لكتابة الدستور، الذي يجب أن يعكس ما تعيشه تونس من تحولات وتطلعات الشعب الذي قاد ثورة ضد الدكتاتورية.

وقد تم الشروع في مناقشة مشروع توطئة (ديباجة) الدستور والمبادئ العامة في 23 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي بعد مرور سنة على انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، إلا أن جلسات المناقشة انقطعت في انتظار أن تستأنف بعد النظر في قوانين أخرى.

‪نادية شعبان: مشروع ديباجة الدستور ينقصه الكثير من الثورية‬  (الجزيرة نت) 
‪نادية شعبان: مشروع ديباجة الدستور ينقصه الكثير من الثورية‬ (الجزيرة نت) 

تطور النص
وأبان المقرر العام للدستور والنائب عن حركة النهضة الحبيب خضر أن تقديم مشروع ديباجة الدستور للمناقشة، يدل على تطور النص الدستوري، الذي شهد تغيرا مقارنة بالصيغ الأولى التي أعدتها اللجنة المكلفة، موضحا أنه "هذا النص سيشهد المزيد من التطور بناء على النقاشات"، كما أنه لم يستبعد إدخال تحسينات عليه.

وقال خضر للجزيرة نت إن "مشروع ديباجة الدستور عكس مطالب الثورة، من ذلك مراعاته للتوازن بين الجهات، ولمبادئ الحكم الديمقراطي، ولمصالحة الشعب مع هويته".

وأشار إلى أن "الديباجة هي الأرضية التي يبنى عليها الدستور وهي مرجع في تأويله وفهم أحكامه وبهذا المعنى فإن محتواها العام يمكن أن يكون ملبيا ومتفاعلا مع متطلبات الثورة".

إلا أن النائبة عن حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي نادية شعبان، رأت غير ذلك واعتبرت أن مشروع الديباجة ينقصه الكثير من الثورية، إذ إنه لم يذكر الشباب الذين قادوا الثورة، معتبرة أن نص الديباجة فيه الكثير من النواقص يجب تداركها.

نقائص
وواصلت قائلة للجزيرة نت، لم يقع التنصيص على مبدأ المساواة والمناصفة بين الجنسين، وعلى ضمان التوازن بين الجهات وكافة التونسيين في الداخل والخارج، كما أنه لم يتم التنصيص على دسترة الأمن الجمهوري.

وذكرت نادية شعبان أن الإضافات التي سيقترحها حزبها تتمثل في محاولة تحديد السياق الزمني للأحداث، دون إغفال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وحقوق المرأة والشباب.

وترى أن لغة الديباجة يجب أن تكون "سهلة ومفهومة ومعبرة، ولا تحمل أي لبس وتأويل"، حتى يكون النص مفهوما وقريبا من كل التونسيين.

وعلى الرغم من اتفاق النائب عن تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، والناطق باسمها إسكندر بوعلاقي مع شعبان في وجود نقائص بنص ديباجة، فإنه يختلف معها في تحديدها.

وبين بوعلاقي للجزيرة نت أن هناك بعض النقاط الخلافية أبرزها في الفصل الأول، موضحا أن حزبه ينادي بأن يكون الإسلام دين الدولة والمصدر الأساسي للتشريع فيها، لافتا إلى أنه "يجب إبراز كلمة القدس لمساندة القضية الفلسطينية، وتجريم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني".

واعتبر بوعلاقي أن "عدم التنصيص على تجريم التطبيع هو خيانة للأمة لا للثورة فقط"، كما استنكر عدم تطرق نص الديباجة للتونسيين بالخارج الذين يمثلون 10%، والأمر ذاته بالنسبة للشباب الذين لم يذكرهم.

من جهته أوضح الأستاذ في القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والسياسية بتونس قيس سعيّد، أن "المشروع الذي تم إعداده من قبل لجنة التوطئة والمبادئ العامة فيه محاولة واضحة لطمأنة الرأي العام، من خلال الأخذ بعديد المقترحات".

إسكندر بوعلاقي: ننادي بأن يكون الإسلام دين الدولة والمصدر الأساسي للتشريع فيها (الجزيرة نت)
إسكندر بوعلاقي: ننادي بأن يكون الإسلام دين الدولة والمصدر الأساسي للتشريع فيها (الجزيرة نت)

مفاهيم غامضة
إلا أنه أكد أن هذا المشروع تضمن بعض المفاهيم الغامضة التي تقبل تأويلات عديدة وتفسيرات متناقضة من ذلك الكسب الوطني، أو الكسب الحضاري الإنساني وهي مفاهيم تستحق بالفعل مزيدا من التوضيح، حسب رأيه.

وقال للجزيرة نت إن ما تم تداوله خلال الأسبوع الماضي في الجلسات العامة للمجلس التأسيسي، تم التطرق إليه في إطار اللجنة التي أعدت مشروع الديباجة، موضحا أن النقاشات التي تحصل اليوم هي نفسها تقريبا التي حصلت خلال مارس/آذار، وأبريل/نيسان الماضيين وامتدت على مدى أسابيع.

وتساءل سعيّد عن الفائدة من إعادة النقاش في مسائل تم التطرق إليها، قائلا "كان من الأجدى عرض هذا المشروع على المصادقة لا إعادة النقاش حوله دون إحراز أي تقدم".

وأوضح أن النقاشات في بعض الأحيان تحولت إلى نوع من المعارك الانتخابية، إذ يحاول البعض من خلال التأكيد على التمسك ببعض المفاهيم أو الرموز شد أنظار الناخبين إليهم.

المصدر : الجزيرة