انطلاق معركة الدستور بليبيا

اقتحام محتجين مقر المؤتمر الليبي العام في طرابلس أثناء التصويت على تشكيل الحكومة الجديدة
undefined

خالد المهير-طرابلس

فتحَ النقاش الأولي حول صياغة الدستور الليبي في آخر جلسة عقدها المؤتمر الوطني العام الأحد الماضي، الباب على مصراعيه لمعركة الدستور الجديد وخصوصا حول آليات انتخاب أم تعيين لجنة الستين المعنية بصياغة الدستور.

وكان المجلس الوطني الانتقالي قرر قبل يومين على انتخابات المؤتمر الوطني في السابع من يوليو/تموز الماضي تعديل الفقرة 30 من الإعلان الدستوري الصادر في أغسطس/آب 2011، بحيث باتت اللجنة المعنية بالدستور تنتخب ولا تُعين، في خطوة هدفت إلى تهدئة الأوضاع في شرق البلاد الرافض حينها لتوزيع مقاعد الوطني.

ولجنة الستين جاءت على غرار لجنة تاريخية أعدت دستور عام 1951، ومثلت الأقاليم الثلاثة: طرابلس وبرقة وفزان.

وتوقع القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عماد البناني أن تكون المعركة الدستورية على جولتين، الأولى اختيار لجنة الستين، والأخرى صياغة الوثيقة الدستورية.

وقال للجزيرة نت إن هناك تباينات كبيرة بين الآراء والتوجهات، معبرا عن خشيته من أن يؤدي ذلك إلى إرباك الاستحقاق الدستوري. ومن بين التباينات -حسب البناني- البنود التي تتعلق بنصوص الشريعة الإسلامية، رغم قوله إن هناك إجماعا على ضرورة تضمينها في الدستور.

معارك طاحنة
وأشار إلى أن تجربة الليبيين مع المجلس الانتقالي والمؤتمر الوطني رسخت في أذهانهم عدم استقرار الدولة البرلمانية، وهو ما يدعوهم إلى التوجه لدعم النظام الرئاسي أو البحث عن "دكتاتور آخر"، وتوقع احتدام النقاش حول هذا النص، وحول حقوق الأقليات الأمازيغ والطوارق والتبو التي وصفها بأنها ملفات ستثير "حساسية " كبيرة عند طرحها في نقاشات الدستور.

بدوره أكد رئيس تجمع "ليبيا الديمقراطية" يونس فنوش أن المعركة الأولى قد بدأت منذ الآن وهي القرار بشأن طريقة تشكيل لجنة الدستور بالتعيين أم بالانتخاب.

مظاهرات سابقة في ليبيا مناهضة للتقسيم والفدرالية (الجزيرة)
مظاهرات سابقة في ليبيا مناهضة للتقسيم والفدرالية (الجزيرة)

وأضاف للجزيرة نت أنه رغم الضغوط الشديدة التي يمارسها المنادون بالانتخاب -وهم أساسا من أنصار الدعوة إلى الفدرالية- فإن الاتجاه الغالب يذهب نحو تبني أسلوب الاختيار والتعيين، لما تحفل به طريقة الانتخاب من سلبيات، أهمها عدم ضمان تمثيل مختلف فئات وشرائح المجتمع في لجنة صياغة الدستور.

أما المعركة الثانية -حسب فنوش- ستكون حول طبيعة اللجنة وعددها، وهي بين من يقبل بفكرة لجنة الستين ومن يرفضها من حيث المبدأ. وبينما أكد أنه من أنصار الرأي الأخير، أشار إلى أن فكرة الستين بتقسيمها الثلاثي تعود بالبلاد إلى حالة التقسيم التي كانت واقعا قبل الاستقلال.

وقال إنه نادى بتكوين لجنة الدستور "من عدد لا يقبل القسمة على ثلاثة"، ورأى أن تبني فكرة العدد المتساوي بين المحافظات قد يكون حلا مناسباً، لأن المعركة الأخيرة ستكون بين الأطياف السياسية عند الشروع في بحث المسائل الأساسية لاختلاف القناعات السياسية والفكرية، بينها الاختلاف على فهم الإسلام.

ورجح وقوع خلاف بين المتشددين الذين يصرون على النص بأن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وبين من يرون أنها أحد مصادر التشريع.

نقاشات لا خلافات
من جانبه أمل رئيس حزب الاتحاد الوطني (المحسوب على الفدراليين) أبو بكر بعيرة أن تكون المعركة من أجل تغليب مصلحة ليبيا على أي اعتبارات أيديولوجية أو جهوية ضيقة.

كما توقع في حديث مع الجزيرة نت سجالا سياسيا كبيرا بين دعاة المركزية ودعاة اللامركزية السياسية، مؤكدا أن إقرار شكل الدولة في الدستور يحكم مسيرة ليبيا خلال السنين القادمة.

وأشار بعيرة إلى معركة مبكرة بدأت الآن حول لجنة الستين، وأوضح أن الخروج من المأزق الحالي يكمن في وضع معايير موضوعية للجنة، "لأن عدم وضع المعايير يفرز أشخاصا لا يستطيعون الإسهام بفاعلية في هذا العمل الفني الدقيق".

أما عضو المؤتمر الوطني موسى فرج الزوي عن مدينة إجدابيا فأعلن أن النقاشات تشير إلى حوار وطني ليبي، وليس إلى خلافات أو معارك، متوقعا الاختلاف على تسمية الدولة الجديدة.

وبشأن تعيين أم انتخاب لجنة الستين، كشف أن التوجه العام داخل المؤتمر الوطني يميل إلى التعيين، وأشار إلى أهمية الحوار حتى مع أصحاب التوجهات الفدرالية لمعرفة مطالبهم، قائلا إن المجتمع المدني هو الأعلى صوتا في الجدل الدائر والمتوقع وليس الكتل السياسية.

المصدر : الجزيرة