مناطق "سي".. معاناة فلسطينية

أعمال تجريف في مستوطنة مسيكوت بالاغوار الفلسطينية-حيث تشهد مناطق سي في الاغوار ومناطق مختلفة بالضفة والقدس كذلك اوسع عمليات البناء الاستيطاني- الجزيرة نت4

أعمال تجريف في مستوطنة مسيكوت بالأغوار الفلسطينية (الجزيرة)

عاطف دغلس-نابلس

بدأ أهالي قرية العقبة غرب مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة قبل أيام قليلة استكمال بناء مقر جمعية المرأة الريفية في قريتهم بعد أربع سنوات من تقديم طلب ترخيص من سلطات الاحتلال التي ترفض وتتذرع بأن القرية تقع ضمن المناطق التي تصنف "ج" أو "سي" وهي تخضع بالتالي للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.

وقال رئيس المجلس القروي سامي صادق إن الأهالي يتوقعون هدم المقر في أي وقت، خاصة وأن أكثر من 95% من منشآت القرية من مؤسسات ومنازل وحتى رياض الأطفال ومسجدها الوحيد أُخطرت بالهدم والإزالة.

وأشار إلى أن القرية تعرضت لأربع عمليات هدم خلال السنوات القليلة الماضية، ومنعت عنها التراخيص ولم تحصل على "تخطيط هيكلي" من سلطات الاحتلال.

رئيس المضارب البدوية في الأغوار الشمالية عارف دراغمة (الجزيرة)
رئيس المضارب البدوية في الأغوار الشمالية عارف دراغمة (الجزيرة)

اتفاق أوسلو
وتهدف إسرائيل عبر هذه السياسة المعروفة بـ"مناطق سي" إلى السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين في تلك الأماكن، زاعمة أن هذه المناطق خاضعة لسيطرتها الأمنية حسب اتفاق أوسلو عام 1993.

ويبرز الوضع بقرية الحنّة في منطقة الأغوار الشمالية أكثر صعوبة وهشاشة بعدما أخطر الاحتلال 18 عائلة من أصل 19 هم كل سكان القرية بهدم منازلها العام الماضي.

وقال رئيس المضارب البدوية في الأغوار الشمالية عارف دراغمة إن الاحتلال هدم أكثر من 159 منشأة سكنية وحيوانية في مناطق الأغوار خلال العام الماضي، وأصدر أكثر من 80 إخطارا آخرا في القرية نفسها.

ويضيف أن السلطات الإسرائيلية تدعي أن هذه الأماكن المصنفة "سي" تعد مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق تدريبات عسكرية وهي تضم ثلاث مستوطنات رغم أن أصحابها يملكون أوراقا رسمية (طابو) تثبت ملكيتهم لها.

وكان تقرير لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان نُشر قبل عدة أيام حذر من عمليات "ترحيل جماعية" للبدو والرعاة المقيمين في المناطق المصنفة "ج" خلال العام الجاري، كما حذر من تصاعد عمليات الهدم لمنازل الفلسطينيين المقامة دون ترخيص في المنطقة نفسها، خاصةً لأولئك الذين تلقوا إخطارات في أوقات سابقة.

وذكر مدير المركز عصام أبو الحاج أن أكثر من 60% من مناطق الضفة الغربية المحتلة التي تصل مساحتها 5500 كيلومتر مربع تعتبر مناطق "سي"، وأن أكثرها يتوزع في محيط القدس والأغوار والتجمعات البدوية والرعوية في جنوب الخليل.

وتقدر مساحة مناطق "سي" حسب أبو الحاج بـ3 ملايين دونم (الدونم=1000 متر مربع)، وتعتبر إسرائيل أن أكثر من نصفها هي أراضي دولة وتضعها تحت تصرف المستوطنين.

الرئيس السابق لوحدة الاستيطان والجدار بالسلطة الفلسطينية علي عامر (الجزيرة)
الرئيس السابق لوحدة الاستيطان والجدار بالسلطة الفلسطينية علي عامر (الجزيرة)

خطة ممنهجة
ويعد استهداف إسرائيل المناطق الرعوية وترحيل البدو من مناطق "سي" خطة ممنهجة الهدف منها قطع الطريق أمام أي أمل بإقامة دولة فلسطينية، كما تستهدف الخطة الأمن الغذائي الفلسطيني لاسيما وأن 25% من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان للمجتمع الفلسطيني تأتي من هذه التجمعات البدوية.

ولفت أبو الحاج إلى أن إسرائيل صعّدت خلال العام 2011 من عمليات الهدم بمناطق "سي"، حيث دمرت 540 منشأة بين منزل وخيمة ومنشأة زراعية.

ويؤكد رئيس وحدة الجدار والاستيطان السابق بالسلطة الفلسطينية علي عامر أن أراض "سي" تعتبر أراضي فلسطينية وليست متنازعا عليها مثلما تحاول إسرائيل أن تظهر، وأنه "لاعتبارات سياسية وفترة مرحلية مؤقتة بخمس سنوات" وافقت السلطة الفلسطينية عام 1994 على تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى "أ" و"ب" و"ج"، "وهذا موقف السلطة من ذلك، حسب قوله.

وقال عامر للجزيرة نت إن إسرائيل تحاول فرض سياسة الأمر الواقع والسيطرة المباشرة على هذه الأراضي، وتسرّع في تهويدها عبر اعتبارها أراضي دولة ومناطق عسكرية وغير ذلك.

وقد أجمع المتحدثون على ضرورة المواجهة الفعلية على الأرض بدعم صمود المواطنين في تلك المناطق، إضافة لبحث الأمر على المستوى القانوني والحقوقي المحلي والدولي.

المصدر : الجزيرة