مجاعة الصومال.. وحرب المناخ

عمر محمود

الصومال طالما عانى من الهجمات العدوانية المتكررة للطبيعة الأمر الذي دفعها إلى مجاعات متكررة (الجزيرة)

لا تذكر جمهورية الصومال إلا وترفق دائما بكلمات على شاكلة المجاعة، القتل الحرب، التهجير، القرصنة. ولكن ما هي الأسباب وراء هذه الحالة المزرية التي وصلت إليها ما كانت تعرف بجمهورية الصومال الديمقراطية، رغم موقعها الجغرافي الإستراتيجي المهم على الطرق الشمالية المؤدية إلى باب المندب، البحر الأحمر، قناة السويس.

هذه الدولة العربية (637.657 كيلومترا مربعا) التي تقع شمال شرق أفريقيا فيما يُعرَف بالقرن الأفريقي، يحدها من الشمال خليج عدن، ومن الشرق والجنوب المحيط الهندي، ومن الجنوب الغربي كينيا ومن الغرب إثيوبيا ومن الشمال الغربي جيبوتي.

ويمتلك الصومال أطول السواحل على مستوى القارة الأفريقية، حيث يبلغ إجمالي طول سواحله أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر وتمتد حدوده المائية الإقليمية مسافة مائتي ميلٍ بحري.

إضافة إلى أن بعض الدراسات أثبتت وجود اليورانيوم، واحتياطي غير مستغل من خام الحديد، والقصدير، والجبس، والبوكسايت، والنحاس، والملح، لكن لا يُستغل تجاريّاً إلاّ القصدير.

مشكلة المناخ
ولكن لماذا الجفاف يضرب أوصال الصومال ومجاعته تتكرر؟ هنا تبرز مشكلة مناخ البلاد الصحراوي والذي يتنوع من مداري إلى شبه مداري ومناخ استوائي جاف في بعض الأحيان ومناخ شبه استوائي شبه جاف.

يكون متوسط درجات الحرارة غالبا 28 درجة مئوية إلا أنه في بعض الأحيان تصل درجات الحرارة إلى الصفر في المناطق الجبلية، وترتفع لتصل إلى 47 درجة مئوية على الساحل.

كما يتسبب هبوب الرياح الموسمية في فصل جاف خلال الفترة من سبتمبر/ أيلول إلى ديسمبر/ كانون الأول، وفصل ممطر من مارس/ آذار إلى مايو/ أيار.

هذا المناخ "القاتل" قلص نسبة الأراضي الصالحة للزراعة إلى نحو 2% من مساحة بلد يبلغ عدد سكانه زهاء عشرة ملايين، ناهيك عن تعرضها لمواسم متكررة من الجفاف.

صفوف طويلة منتظرة توزيع المساعدات (الجزيرة) 
صفوف طويلة منتظرة توزيع المساعدات (الجزيرة) 

فضلا عن هبوب العواصف الترابية على السهول الشرقية، في الصيف، إضافة إلى الفيضانات في الموسم المطير، كما تعاني مشاكل صحية ناجمة عن استخدام المياه الملوثة وإزالة الغابات، وتجريف التربة وتآكلها، إضافة إلى التصحر.

زد على ذلك تفاقم الأزمة الغذائية جراء موجة الجفاف الاستثنائية التي تضرب منطقة القرن الأفريقي.

ويجمع المراقبون الناشطون في المنظمات غير الحكومية وتقارير أممية على أن منطقة جنوب الصومال هي التي تعاني أكثر من سواها من تركيبة مهلكة من الجفاف، وما يترتب عن ذلك من سقوط كل مناطق الجنوب في براثن المجاعة الشاملة.

وتعتبر مناطق جنوبي الصومال، مناطق كارثية بامتياز، حيث تراجعت المحاصيل الزراعية إلى نسبة متدنية جداً، والتي قادت إلى موجة من زيادة أسعار المواد الغذائية بنحو 270% للقمح والذرة الصفراء.

تاريخ المجاعات
ويتذكر التاريخ أن مجاعة ضربت الصومال عام 1974، ورغم تواضع الإمكانيات لدى الحكومة العسكرية حينها، إلا أنها استطاعت السيطرة على الأزمة، بعدما تمكنت من إجلاء مئات الآلاف من المناطق التي ضربها القحط إلى المناطق الجنوبية وأغاثتهم، لكن اليوم الحكومة ضعيفة جدا إلى حد أنها لا تستطيع توزيع المواد الإغاثية على المحتاجين.

كما مر الصومال والقرن الأفريقي بمجاعة سببها قلة الأمطار فى ثمانينيات القرن الماضي.

فالمجاعة في الصومال ليست بسبب الجفاف وحده، بل هي نتيجة لمسار طويل من التدهور، يجمع بين الهجمات العدوانية المتكررة للطبيعة "الجفاف والكوارث الطبيعية" والعادات الاجتماعية والصراعات الأهلية المستمرة مند عشرات السنين.

المصدر : وكالات