رمضان بخيمة نواب القدس المعتصمين

إفطار رمضاني بمشاركة أهالي صور باهر في خيمة نواب القدس بمقر الصليب الأحمر

إفطار رمضاني بمشاركة أهالي صور باهر بخيمة نواب القدس بمقر الصليب الأحمر (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة


تحولت خيمة الاعتصام لنواب القدس الصادر بحقهم أوامر إبعاد وطرد عن المدينة، من أهم رموز صمود المقدسيين، لتجسد واقع التحديات التي تعصف بالمدينة.


ويأتي رمضان الثاني على النواب خالد أبو عرفة، وأحمد عطون، ومحمد طوطح، بخيمة الاعتصام بمقر الصليب الأحمر رافضين إملاءات الاحتلال، وهم يعانون كافة أنواع الاستبداد والقهر الرامي لتوسيع دائرة تشريد المقدسيين.


وتعيش القدس وسكانها حالة من الاحتضار في ظل ممارسات الاحتلال الهادفة لحسم ملفها، لكن الحراك الشعبي بخيمة النواب تحول إلى رأس الحربة بمعركة الصمود.


وتسارع بلدية الاحتلال لتهويد وتزييف معالم المدينة وتاريخها، وكثفت من مخططاتها الاستيطانية استباقا لتداعيات ما سيشهده سبتمبر/ أيلول، حيث من المفروض أن تعترف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، بينما ستبت المحكمة العليا الإسرائيلية بقرار وزارة الداخلية لشرعنة أوامر الإبعاد.


وتتحرك المشاعر الإنسانية خصوصا برمضان، حيث طال الزمان والغربة على الأولاد والأطفال، فالنواب يعيشون غربة داخل وطنهم، اختاروا الأسر من تلقاء أنفسهم على أن يتركوا مدينتهم.

النائب محمد طوطح (الجزيرة)
النائب محمد طوطح (الجزيرة)

صبر وصمود
ورافقت الجزيرة نت النواب بمقر اعتصامهم في ليلة رمضانية اختلطت فيها المشاعر الإنسانية، والمعاني الدينية، والثوابت الوطنية.


وتنادى أهالي بلدة "صور باهر" لتكريم النواب بمأدبة الإفطار، وقبل دقائق من غروب الشمس كان صوت القرآن الكريم يعطر الخيمة.


وزين المشهد أطفال النائب محمد طوطح، حيث أصروا على إحضار الطعام للإفطار مع والدهم، ليرتفع بعدها أذان المغرب معلنا اليوم الرابع عشر من رمضان… وهو اليوم الـ410 من الاعتصام.


وقال النائب محمد طوطح "قضيتنا ومعركتنا تجسد صبر وصمود المقدسيين الرازحين تحت الاحتلال".


ولفت إلى أن الاحتلال الذي اعتاد على تنفيذ مخططات تهويدية واستيطانية بشكل تدريجي، بات بعجلة من أمره لتفريغ القدس من سكانها، واستثنائها من أي مسار تفاوضي مستقبلي.


وأضاف "تتطلع سلطات الاحتلال من خلال طردنا إلى فتح باب الإبعاد على مصراعيه ليطال آلاف المقدسيين، لكن وحدتنا وصمودنا وتلاحمنا حال دون ذلك".


وعن تداعيات ابتعاده عن أطفاله تحدث بالقول "حتى وإن وصل إليك الناس والأبناء والأهل، فلا تمارس حياتك الطبيعية كإنسان، فأنت بعزلة عن أطفالك بالذات بالمرحلة التي هم أحوج بها إليك".


وبغية مواجهة التهويد والتشريد، يقول طوطح "لا بد من التضحيات وإن كانت غالية الثمن، وكلما كبرت التضحية كان التحرر من الاحتلال أسرع".


 خالد أبو عرفة مع عائلته خلال الإفطار بمقر الصليب الأحمر (الجزيرة)
 خالد أبو عرفة مع عائلته خلال الإفطار بمقر الصليب الأحمر (الجزيرة)

مشاعر مختلطة
وقال النائب خالد أبو عرفة "نحن فرحون لأننا حققنا مرادنا بالبقاء رغم إجراءات الاحتلال، فنحن وأهلنا نشكل درعا صامدا لوقف الإبعاد والتشريد، ولم نشعر بالفراغ العائلي والاجتماعي بفضل أهلنا، ولكن يحزننا أن القدس ما زالت محتلة والعرب والمسلمون يلتزمون الصمت".


وسرد النائب أحمد عطون تجربة الاعتصام، لافتا إلى أنها أصعب من سنوات الأسر حيث أمضى 12 عاما بسجون الاحتلال، وفور تحرره بأسابيع قبيل رمضان العام الماضي لجأ إلى مقر الصليب الأحمر للاعتصام.


وأضاف "الاعتصام أصعب من الاعتقال الذي يفرض عليك وتعيشه، بينما بمقر الصليب الأحمر أنت معتقل بمحض إرادتك، دفاعا عن القدس وسكانها".


وتابع "نتحدث عن معاناة جماعية لشعبنا، ننظر إلى أسر الشهداء والأسرى ومشهد اللجوء والتشريد لمن يسكنون بالخيام بعد هدم منازلهم، فهذه معاناة يومية يعيشها شعبنا ونحن هنا جزء من هذه المعاناة".

ومضى إلى القول "قلوبنا تعتصر ألما ومرارة عندما نسمع صوت الأذان من المسجد الأقصى، لكننا لا نستطيع الوصول إليه مع أهلنا للصلاة".

وختم قائلا "سلب الاحتلال فرحتنا برمضان، فأنت لا تعيش أجواء المنزل، تلتقي زوجتك وأطفالك للحظات بين جموع المتضامنين، لكن هول المعاناة يتلاشى بالنظر بعيون أبناء الأسرى والشهداء".

المصدر : الجزيرة