غزة.. حقل تجارب لأسلحة إسرائيل

الإعلام الإسرائيلي روج للمنظومات الدفاعية لاعتراض الصواريخ

الإعلام الإسرائيلي روج المنظومات الدفاعية لاعتراض الصواريخ (الجزيرة نت) 

محمد محسن وتد-أم الفحم

تميز التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بتفاخر المؤسسة الأمنية والسياسية للاحتلال بما سمته "نجاعة ونجاح" تجربة منظومتي "القبة الحديدية" و"معطف الريح" المعدتين لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، والصواريخ المضادة للدبابات.

وقد وثقت الأشرطة المصورة لوزارة الدفاع الإسرائيلية فاعلية المنظومتين باعتراض واستهداف بعض الصواريخ، لكن رد فصائل المقاومة الفلسطينية لم يتأخر، بإطلاق صاروخين باتجاه منطقة النقب داخل الخط الأخضر.

وتحولت غزة بانتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف عام 2006، ومع إطلاق عملية "الرصاص المصبوب" عليها في ديسمبر/كانون الأول 2008، للجبهة العسكرية الوحيدة المقاومة لإسرائيل.

وبينما لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة من العدوان على القطاع، تكشفت مع مرور الوقت أهدافها غير المعلنة، حيث أضحت غزة حقل تجارب للصناعات الحربية والمنظومات العسكرية الإسرائيلية.

ويرى مراقبون ومحللون، أن التصعيد الأخير عزز من هذه القناعات، خصوصا وقد سبق لإسرائيل خلال عملية "الرصاص المصبوب"، تجربة "طائرة بدون طيار"، وفحص نجاعة التحصينات التي طورتها لدبابة "الميركافا" التي اخترقتها صواريخ حزب الله في حرب 2006.

سمير زقوت: إسرائيل تسعى لجر فصائل المقاومة بغزة لجولات من العنف العسكري (الجزيرة نت)
سمير زقوت: إسرائيل تسعى لجر فصائل المقاومة بغزة لجولات من العنف العسكري (الجزيرة نت)

استحداث وتطوير
ويقول مدير وحدة البحث الميداني بمركز "الميزان" الحقوقي بغزة سمير زقوت إن إسرائيل استغلت عدوانها على غزة لتجربة المنظومة الدفاعية لاعتراض الصواري، مشددا على أن غزة تحولت لحقل تجارب للصناعات العسكرية الإسرائيلية.

وكانت عملية "الرصاص المصبوب" بمثابة تصعيد غير مسبوق بتجارب الأسلحة، حيث استعمل الجيش منظومة "طائرة بدون طيار" التي تحمل الصواريخ، واتضح كما يقول زقوت إن "ثلث ضحايا العدوان كانوا جراء استهدافهم بصواريخ هذه الطائرة".

وذكر أن الاحتلال سعى جاهدا لاستحداث وتطوير تحصين دبابة "الميركافا"، التي كشفت عيوبها صواريخ حزب الله، حيث كان التصعيد على غزة فرصة لتوغل الدبابات للتأكد من جدوى التحديث.

ويرى أن إسرائيل وبعد تقييمها للثغرات ونقاط الضعف للأسلحة المطورة، تستغل الظروف لجر فصائل المقاومة بغزة إلى جولات من العنف العسكري، لفحص نجاعة المستجدات والتطويرات العسكرية.

ويتوقع زقوت استئناف إسرائيل في المستقبل القريب لتصعيد عدوانها، بعد دراسة الثغرات وإتمام فحصها أنظمة الردع، خصوصا وأن التقييمات الأمنية المعلنة، تشير لنجاح جزئي لهذه المنظومات الدفاعية.

وتعيش الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو حالة من التخبط، حيث ترى في التصعيد على غزة وسيلة لضمان استقرار ائتلافها، وكسب ثقة الرأي العام الإسرائيلي، وفرصة لتضخيم مبالغ الدعم والمعونات الأميركية.

أمل جمال: المنظومة الأمنية الدفاعية ليست  حلا كاملا للتهديدات التي تحدق بإسرائيل (الجزيرة نت)
أمل جمال: المنظومة الأمنية الدفاعية ليست  حلا كاملا للتهديدات التي تحدق بإسرائيل (الجزيرة نت)

ثمن سياسي
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، أمل جمال إن "إسرائيل تراهن على المنظومة الدفاعية والتحصن بغية الامتناع عن دفع أي ثمن سياسي بالمستقبل".

واستبعد أن تكون المنظومة الأمنية الدفاعية حلا كاملا للتهديدات التي تحدق بإسرائيل في حال نشوب مواجهة شاملة مع دول الجوار أو دخولها في مواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.

وبين في حديثه للجزيرة نت، أن الصواريخ التي تطلق من القطاع بدائية وغير سريعة، وعليه لن تكون مشكلة للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية باعتراض بعضها، لكن بحال صراع شامل مع العرب، فهذه المنظومات لن تجد نفعا.

وشدد جمال على أن ترويج الإعلام الإسرائيلي تلك المنظومات الدفاعية، ما هو إلا توظيف للتأثير على الحالة النفسية السائدة بالمجتمع الإسرائيلي، لتصوير الحكومة بقيادتها الأمنية والسياسية بأنها تعمل جاهدة لدرء المخاطر عن منطقة النقب.

ولم يستعبد جمال عودة مشهد التصعيد بالمستقبل القريب، وتساءل "إذا كانت المنظومة ناجحة، لماذا تسقط بين الحين والآخر صواريخ بالجنوب؟.

وخلص إلى القول "لقد تحولت غزة إلى حقل الصراع الأساسي على المستوى العسكري كونها الجبهة الوحيدة النشطة، وإذا ما أرادت إسرائيل تجربة أي منظومة عسكرية، فجبهة غزة هي الوحيدة التي بقيت أمامها".

المصدر : الجزيرة