دراسة لإعادة هندسة المجتمع السعودي

A Saudi woman and her children get into a taxi in Riyadh on June 14, 2011, three days before a June 17 nationwide campaign by Saudi women who are planning to take the wheel in protest against a driving ban which is unique to the kingdom that applies a strict version of Sunni Islam. AFP PHOTO/FAYEZ NURELDINE

 

                                                          
                                             الجزيرة نت-خاص

حذرت دراسة سعودية حديثة من مسألة ما أسمته "طغيان الولاء للمنطقة والقبيلة والمذهب وهي خصوصية سعودية تشترك بها كل الهويات على حساب الولاء للوطن".

وستصدر الدارسة التي حصلت الجزيرة نت على نسخة حصرية منها في ديسمبر/كانون الأول عن مركز ساس الوطني لاستطلاعات الرأي العام والبحوث الذي يتخذ من المدينة المنورة مقراً له.

وقد قام بإعداد هذه الدراسة رئيس المركز الدكتور محمد بن صنيتان تحت عنوان "إعادة الهندسة الاجتماعية للمجتمع السعودي".

الهوية الضيقة
وأشارت الدراسة في جزئها الأول إلى أسباب بروز "نزعة مكونات الهوية الفرعية في المملكة السعودية"، قائلة "إنها مستجدة على المجتمع السعودي فهي لم تكن موجودة في عهد التأسيس الوحدوي رغم مكونه القبلي حيث استمد المجتمع دوره في المواطنة من مشاركته في تحمل أعبائها الكاملة في جميع المسؤوليات".

وتستدرك بالقول "إن المواطن السعودي، في عصر الريع النفطي، انحدر وتشبع بثقافة العطاء والرعاية الاجتماعية حتى غدا مغتربا من الداخل ومنزويا في مكان بعيد من مساحة الوطن الواسع، ومحبطا ومتقوقعا في مجال عمله الخاص أو حدود وظيفته المكلف بها وفي حدود مجاله الاجتماعي المحدود الضيق، فلم يعد مؤثرا في الرأي العام وفي مراكز اتخاذ القرار".

كما رأت الدراسة أن القضاء على الهويات الفرعية يقتضي "دمج الهويات الفرعية في سياق المجتمع العام ما يعزز الهوية الوطنية العامة للدولة ويقوي المسيرة الاجتماعية، حيث يشعر الفرد بتساوي حقوقه ومكاسبه وفرصه مع بقية المواطنين بصرف النظر عن هوياتهم الفرعية".

وتربط الدراسة تعزيز تلك الهوية بقدرة الدولة على تعميم المكاسب والمنافع الوطنية على كل المواطنين بالتساوي وفق قدراتهم الذهنية والعلمية، وعدم التمييز بينهم أو تهميشهم أو إقصائهم.

الدراسة دعت إلى ضرروة تذويب المجتمع في نسيج ثقافي واحد وتعايش المذاهب والجهويات وكافة الهويات وفق المشترك من المواطنة

المسألة الدينية
وفي محور آخر تتعرض الدراسة للمسألة الدينية، فتبرز ضرورة تذويب المجتمع في نسيج ثقافي واحد وتعايش المذاهب والجهويات وكافة الهويات وفق المشترك من المواطنة الذي لا يلغي الحقوق والواجبات للأفراد والجماعات ولا المؤسسات الاجتماعية.

وفي سياق إصلاح المؤسسات الدينية توصي الدراسة بالبدء في إعادة هيكلة تلك المؤسسات بشكل يجعل منها رافعة التطور، أو في أدنى الحالات لا تقف في وجه التقدم والتحديث، مع شرط قبولها بقية المذاهب ضمن هياكلها فيما يتعلق بالوقف والأحوال الشخصية وبناء دور العبادة وأداء الشعائر بحرية تامة.

كما تطرق هذا المحور من الدراسة إلى أهمية تقنين القضاء بمدونة على شكل مواد وفقرات مع مراعاة الفروق المذهبية في بنود ومواد ومنشورة ومعلومة للجميع، في نظام قضائي يوضح الحقوق والواجبات بصرف النظر عن مذهب القاضي وميوله الأيديولوجية.

 الدراسة حثت الإعلام الرسمي السعودي على "عدم تضخيم الإنجازات المتواضعة بأكثر من واقعها، لأن الدعاية الإعلامية السياسية ربما تعطي نتائج عكسية"

السياسة والمجتمع
وفي ما يتصل بمطالب الإصلاح السياسي، توجه الدراسة مجموعة رسائل سياسية حيوية تؤكد ضرورة تحديث هياكل مؤسسات الدولة بكاملها في إطار إصلاح شامل يلازم بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وتدعو الدراسة إلى تفعيل سلطة الإعلام بكافة وسائله ودراسة ردود الأفعال من المواطنين إزاء القضايا العالمية واستباق المطالب بالعمل على المعالجة وايجاد الحلول بصورة مسبقة.

وفي مجال الإعلام أيضا تحث الدراسة الإعلام الرسمي السعودي على "عدم تضخيم الإنجازات المتواضعة بأكثر من واقعها، لأن الدعاية الإعلامية السياسية ربما تعطي نتائج عكسية"، معللة ذلك بأن التضخيم "قد يستفز أركان المجتمع المحلي في ظل عدم وجود شواهد حقيقة تؤكد الإنجازات المروج لها".

وتتوجه الدراسة إلى القيادة السياسية السعودية، داعية إياها إلى "التحرر، في إدارتها للدولة، من الضغوط الأسرية والتفاف أصحاب المصالح الخاصة التي كثيرا ما تكون قاصمة الظهر في كثير من الأنظمة السياسية المعاصرة".

ولم تغفل الدراسة مسألة التنشئة السياسية والاجتماعية فقد طالبت بإلغاء مادة "التربية الوطنية"، وهي مادة جديدة مقررة على جميع صفوف المراحل التعليمية الأساسية، مقترحة بدلها مادة "التنشئة السياسية والاجتماعية".

وبررت اقتراحها بأنه أعم وأشمل تربوياً وتعليمياً بتركيز المادة المقترحة على مبدأ حقوق الإنسان، فإذا كانت التربية -تقول الدراسة- من ضرورات المنهج التعليمي فإن تعليم حقوق الإنسان من أهم حقوق المواطنة.

وخلصت الدراسة في الأخير إلى التوصية بتعميق مبدأ الشفافية في المجتمع عبر تأسيس مراكز الأداء الحكومي تتولاه مؤسسات المجتمع المدني، وتوسيع التنمية والمشاركة السياسية على مختلف أنحاء الوطن.

 

وحثت الباحثين على تقديم النصح والمشورة للقيادة السياسية لتجنيب الوطن بعض الانقسامات والاهتزازات الأمنية، وعلى وضع اليد دائما على جرس الإنذار المبكر بكشف هواجس المجتمع وتقديم الحلول للقيادة.

المصدر : الجزيرة