نساء مغربيات يصارعن تقاليد توزيع الأراضي الجماعية

الصور خاصة بالجزيرة نت وهي لوقفات النساء المتضررات أمام البلديات والبرلمان
النساء السلاليات في المغرب في وقفة للمطالبة بمساواتهن في توزيع الأراضي (الجزيرة نت)
 
الحسن سرات-الرباط
 
تكثف هيئة نسوية بالمغرب جهودها لتمكين النساء من الحصول على نصيبهن مما يعرف في المملكة بالأراضي السلالية (الجماعية) في حال توزيعها من قبل الدولة.
 
وتقول ناشطة نسوية إنه يوجد بالمغرب أكثر من تسعة ملايين امرأة ليس لهن الحق في نيل نصيبهن من تلك الأراضي.
 
وتعرف هؤلاء النسوة باسم "النساء السلاليات" نسبة إلى الجماعات السلالية الموجودة في أرياف المغرب والتي تمتلك أراضي تعود إلى أجدادها واستقرت فيها عدة قرون أو استفادت من زراعتها.
 
وقد دأبت هيئة "النساء السلاليات" على تكثيف جهودها للمطالبة بإنصاف هؤلاء النساء عبر عدة نشاطات ومراسلات للمسؤولين في الحكومة المغربية من أجل إثارة الانتباه إلى قضيتهن، وأصدرت نداء حصلت الجزيرة نت على نسخة منه تحت عنوان "لا للإقصاء، لا للتمييز، لا للظلم.. ساعدونا، أغيثونا".
 
وتبلغ مساحة الأراضي السلالية 12 مليون هكتار، وينظمها قانون الأملاك الجماعية الصادر عام 1919. وتعتبر وزارة الداخلية هذه الأراضي ملكا خاصا لمجموعات سلالية منبثقة من القبائل أو الفخذات والدواوير المنتمية إليها، حيث لا تستأثر باستغلالها أو الاستفادة من ريعها إلا تحت وصاية وزير الداخلية.
 
وتقول النساء السلاليات في النداء "إننا محرومات من حقوقنا لأننا نساء باسم عرف يرجع إلى ما قبل الإسلام".
 

صورة لأحياء الصفيح التي تلجأ إليهاالنساء المحرومات من الأراضي (الجزيرة نت)
صورة لأحياء الصفيح التي تلجأ إليهاالنساء المحرومات من الأراضي (الجزيرة نت)

للذكور فقط


وعن مجمل القضية تشرح رقية بلوط وهي إحدى الناشطات في هيئة "النساء السلاليات" حكاية طويلة من المعاناة من أجل مجرد إسماع الصوت وتبليغ الرسالة.
 
واستعرضت رقية مظاهر الإقصاء فذكرت أنه "عند استغلال الأرض في الفلاحة تبقى الأرض في ملك الجماعة السلالية، لكن عند نزع الملكية مقابل تعويض، توزع المبالغ بين الذكور فقط".
 
وأضافت أنه عند منح الأراضي للمؤسسات لإنشاء تجمعات سكنية، يحصل كل ذكر على قطعة أرض مجهزة للبناء في ملكيته الخاصة، ويكون مصير النساء الطرد والسكن في مدن الصفيح".
 
وقد أثارت مطالب النساء السلاليات عدة جوانب لقضية الأراضي الجماعية بالمغرب، حسب ما أوضحه للجزيرة نت الخبير في شؤون الجماعات المحلية (البلديات) الدكتور أحمد الرازي.
 
يقول الرازي إن هذه الأراضي يتدخل فيها أكثر من طرف، فهناك "نواب الجماعات" أي ممثلوها الذين يتعرضون لضغط جهات أكبر منهم، فيحددون لوائح بأسماء أفراد الجماعات تحت الطلب، وهناك أيضا المقاولون العقاريون ورؤساء البلديات.
 
وقد أصدرت وزارة الداخلية تعليمات أكدت فيها "أن القواعد العرفية التي تعتمدها الجماعات السلالية لا ترقى إلى مستوى القانون المنظم، وأن مجلس الوصاية دأب خلال السنوات الأخيرة على اتخاذ قرارات تمنح المرأة نصيبها فيما خلفه زوجها أو والدها من أراض سلالية عملا بمبادئ الشريعة الإسلامية وحفاظا على استقرار ومراعاة الوضع الاجتماعي للمرأة القروية".
 
لكن النساء السلاليات انتقدن مجلس الوصاية التابع للداخلية لأنه "لم يحترم التعليمات الصادرة عنه، اذ استمر في قبول لوائح المستفيدين المقصية للنساء والمنحصرة في الذكور".
 

وزارة الداخلية: القضايا المرفوعة بخصوص أراضي السلاليات بلغت 900 قضية (الجزيرة نت)
وزارة الداخلية: القضايا المرفوعة بخصوص أراضي السلاليات بلغت 900 قضية (الجزيرة نت)

ملك للأجيال

من الناحية الشرعية يرى الشيخ عبد الباري الزمزمي أنه ينبغي قبل كل شيء النظر في وضعية هذه الأراضي في ميزان الشريعة الإسلامية وهل هي ملك جماعي للأجيال المتلاحقة فلا يحق لجيل أن يتصرف فيه بمفرده، مشيرا إلى أن هذه الحالة تشبه حالة الوقف.
 
أما التمييز بين الرجال والنساء المسمى عرفا، فيرى الزمزمي أنه عرف يرجع إلى الجاهلية وما قبل الإسلام، وأن أحكام الشريعة واضحة وعادلة ولا تظلم المرأة ولا الرجل.
 
يذكر أن وزارة الداخلية أقرت بوجود عدة خلافات ومشاكل عالقة، إذ بلغت الدعاوى والشكاوى المرفوعة إلى القضاء نحو 900 قضية، وانتدب فيها 15 محاميا للدفاع عن مصالح الجماعات السلالية.
المصدر : الجزيرة