قارب غزة الحرة رسالة للعرب أم لإسرائيل؟

وصول قارب الأمل لكسر الحصار إلى ميناء غزة
وصول قارب الأمل لكسر الحصار إلى ميناء غزة (الجزيرة)

حسين جلعاد
 
حمل القارب الثاني لحملة غزة الحرة (فري غزة) أدوية وأطباء ومتضامنين وصرخات ضد حصار موجع فوصلت شاطئ غزة بالعالم، لكن القاربين حملا أيضا بحسب المراقبين والمحللين إدانة خفية للدول العربية شعوبا وأنظمة، فما نجح فيه بضعة متضامنين عجزت عنه حكومات تمتد من المحيط إلى الخليج، فبدا كأن الحصار ليس إسرائيليا فحسب، بل ثمة مسؤولية كبيرة تتحملها الدول  العربية وخصوصا دول الجوار التي تسد المنافذ.
 
ويرى الكاتب الصحفي ونائب رئيس تحرير أخبار اليوم المصرية حسين عبد الواحد أن القضية تحتمل رأيين، الأول هو الرأي المصري الرسمي وملخصه أن معبر رفح تحكمه اتفاقية دولية موقعة بين مصر وإسرائيل والجانب الفلسطيني إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن الحكومة المصرية وفق ذلك لا تستطيع التصرف منفردة بقرار أحادي في مسألة ينبغي أن يقرر فيها جميع الأطراف، لكن ذلك يعني عمليا عرقلة تحركات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وليس أهل غزة، حسب تعبيره.
 
ويوضح الصحفي عبد الواحد أن القاهرة تنظر إلى تشديد إغلاق المعابر من زاوية المصلحة الفلسطينية العامة، ذلك أن السلطات المصرية ترى في الإغلاق عاملا مساعدا للضغط على حماس باتجاه دفعها إلى المصالحة الوطنية، وهو الأمر الذي لن يتحقق إذا فتحت المعابر وتحركت حماس من غزة إلى العالم.
 
ويوضح الصحفي عبد الواحد أن الجانب الآخر للموقف المصري يمكن فهمه على ضوء تحركات إسرائيل لدى الإدارة الأميركية، حيث تتهم تل أبيب القاهرة بالتقاعس في مكافحة الأنفاق التي تصل غزة بالأراضي المصرية، وهو ما لا تريد له مصر أن يؤثر في علاقاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.
 
اتفاق ظالم


عجوز نجت من مجازر النازية ذاهبةللتضامن مع فلسطينيي غزة (الفرنسية-أرشيف)عجوز نجت من مجازر النازية ذاهبةللتضامن مع فلسطينيي غزة (الفرنسية-أرشيف)
عجوز نجت من مجازر النازية ذاهبةللتضامن مع فلسطينيي غزة (الفرنسية-أرشيف)عجوز نجت من مجازر النازية ذاهبةللتضامن مع فلسطينيي غزة (الفرنسية-أرشيف)

ومن ناحيته يرى أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية بجامعة بير زيت سميح شبيب أن الحصار إسرائيلي أولا ويأتي عبر اتفاقات دولية ومنها اتفاقية معبر رفح عام 2005 التي وقعها المصريون والفلسطينيون إلى جانب إسرائيل وأوروبا.

 
ويستدرك شبيب بقوله "لكن هذا الاتفاق ظالم؛ لأنه يعطي إسرائيل حق إغلاق المعابر حين ترى لها فائدة في ذلك". ويضيف "حتى قبل سيطرة حماس على قطاع غزة كانت إسرائيل تجد على الدوام أسبابا للإغلاق".
 
وقال شبيب إن الالتزام الرسمي الفلسطيني والمصري يتيح استمرار الحصار "وهذه حقيقة موضوعية وقانونية لا لبس فيها". ويعلل المحلل ذلك بقوله إن ثمة خطوطا حمراء لا تستطيع مصر تجاوزها إلا إذا عدلت اتفاقية كامب ديفد التي وقعتها مع إسرائيل. وقال إن رفع الحصار يحتاج جهودا عربية وفلسطينية لتغيير بنود اتفاقية معبر رفح "الظالمة".
 
أما حول محاولة الناشطين الدوليين كسر الحصار عبر تسيير قوارب صغيرة، فيرى الصحفي عبد الواحد أن تلك المبادرات لها تأثير أدبي وأخلاقي لكنه غير فعال في إنهاء الحصار، وهذا يفسر –حسب رأيه- سماح إسرائيل لتلك السفن بالعبور.
 
ويضيف أن السلطات الإسرائيلية لو أدركت أن تلك المحاولات ستكسر الحصار فعلا فإنها لن تسمح بها بل ستمنعها قطعيا. ورغم كل ذلك فتلك المحاولات مهمة ويمكن أن يكون لها تأثير على مواقف الدول، كما حدث في احتجاجات ستينيات القرن العشرين على الوجود الأميركي في فيتنام.
 
ويتفق الأكاديمي الفلسطيني مع رأي الصحفي عبد الواحد، إذ يرى شبيب أن القوارب التي عبرت البحر الأبيض المتوسط إلى شاطئ غزة إنما هي احتجاجات ذات طابع أخلاقي، كما أنها إعلان بأن الأسرة الدولية تتحمل مسؤولية هذا الحصار "ولا بد من جهود دولية لرفع الحصار".
المصدر : الجزيرة