تنظيم الدولة.. التهديد المستمر لسوريا

مدونات - داعش تنظيم الدولة
جذوة تنظيم الدولة يمكن أن تشتعل في سوريا في أي وقت (رويترز)
يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبعد ما يكون عن الاختفاء من سوريا، بل لا يزال يستفيد هناك من تناقضات قوات التحالف التي تقودها أميركا ومجاملات النظام السوري.

تلك ملاحظة أوردها المؤرخ الفرنسي البروفسور جان بيير فيلوي أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بالجامعات الفرنسية، في تدوينة نشرها على مدونته الشخصية في صحيفة لوموند الفرنسية.

"فيلوي" ذكَّر في البداية بخسارة تنظيم الدولة "عاصمته" في سوريا في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وخسارته -قبل ذلك بأشهر- الموصل ثانية كبرى المدن العراقية التي كان يسيطر عليها منذ يوليو/تموز 2014.

لكنه لفت إلى أن التنظيم لم يتمكن من تعطيل الانتخابات العراقية الأخيرة، في إشارة إلى قلة حيلته هناك، بينما يحتفظ بقدرات هجومية بالغة الخطورة في سوريا.

وقال إن آخر معقل لـ"داعش" في منطقة دمشق كان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي استعادته قوات بشار الأسد في 21 مايو/أيار 2018.

وهذه العملية جاءت بعد مرور ثلاث سنوات تقريبا على سماح "الدكتاتورية السورية" للمليشيات "الجهادية" بتصفية القوى الثورية في الحي الذي كان الموالون للأسد يحاصرونه ما بين عامي 2013 و2015، وهو الحصار الذي قضى فيه عشرات الأشخاص بسبب الجوع.

وهنا -كما في مناطق أخرى- آثر الأسد مواجهة "داعش" بدلا من المعارضة، مما سمح له بالهيمنة على هذه المنطقة بأقل تكلفة.

وبعد أن أجهز الأسد على الغوطة الشرقية جاء دور اليرموك، لكنه لم يتمكن من حسم المعركة هناك عسكريا رغم أن الحي مدمر بالكامل، وما فعلته قواته هناك هو أنها أبرمت اتفاق إجلاء مع مقاتلي تنظيم الدولة، وتكتمت على تفاصيله كي لا تتهم بالتمالؤ مع "الإرهابيين"، ولتتجنب ردة فعل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن واستهدف في مرة سابقة "جهاديين من داعش" كان حزب الله قد أبرم معهم اتفاق إجلاء في أغسطس/آب 2017، وهذا الإجلاء شبيه بإجلاء عناصر التنظيم من الرقة عند تحريرها.

والواضح أن تهديد تنظيم الدولة لم يؤثر عليه اتفاقات الإجلاء المذكورة، وإنما حولته من مكان إلى مكان آخر، ولا يزال عناصر التنظيم يسيطرون على أجزاء من صحراء تدمر ويلعبون على الصراعات في وادي الفرات بين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الذي تقوده أميركا من جهة وبين نظام الأسد وحلفائه من جهة أخرى.

وقد ذكّر عناصر التنظيم بقدرتهم على الهجوم عندما أغاروا على محطة ضخ قرب تدمر وقتلوا أكثر من 32 من القوات الموالية للأسد وأكثرهم من الأجانب، كما أنه يستمر في السيطرة على جيب في منطقة حساسة على الحدود الأردنية الإسرائيلية السورية عند سفح الجولان المحتل، حيث يحظى عناصره بكل العناية التي يوفرها نظام الأسد للقوات المناهضة للثوار السوريين.

وختم فيلوي تدوينته بالقول إن هذه المعطيات تدل على أن اشتعال جذوة "داعش" من جديد في سوريا لا يمكن استبعاده، إذ إن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج.

المصدر : لوموند