هل تكون الانتخابات المقبلة أملا في إنقاذ العراق؟

محللون أمنيون: وجود مقاتلي الحشد الشعبي غير مرغوب فيه أمريكيا
مقاتلون من الحشد الشعبي (الجزيرة)

دعت مجلة فورين أفيرز الأميركية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المساعدة في إقامة تحالف من الشيعة "المعتدلين" في العراق مع بعض أحزاب السنة والأكراد؛ من أجل تشكيل الحكومة القادمة عقب الانتخابات البرلمانية التي ستُنظم بعد نحو شهر واحد.  

وحذرت المجلة في مقال للكاتبة إيما سكاي إدارة ترمب من تكرار أخطاء إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وحساباتها التي وصفتها بالكارثية، والتي مددت لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي لفترة ثانية في المنصب.

وفي فترته الثانية، نفذ المالكي سياسات استبعدت قوى كثيرة من السنة، وسمحت بانبعاث تنظيم الدولة من رماد تنظيم القاعدة، ليقدم نفسه مدافعا عن السنة ضد نظام المالكي الذي تهيمن عليه إيران.

مفترق طرق
وقالت الكاتبة إن العراق حاليا في مفترق طرق مثلما كان عام 2010 عقب هزيمة تنظيم القاعدة، حيث كان العراقيون والأميركيون يأملون أن تضع الانتخابات البلاد في طريق السلام الدائم، لكن تبددت هذه الآمال بسبب دعم إدارة أوباما المالكي الذي كانت تعتقد بأنه مؤيد لها.

كذلك اليوم نجد العراقيين يتطلعون "بتحفظ" لمستقبل بلادهم، الذي لا يهدده "الجهاديون" النائمون حاليا فقط، بل تهدده طبقة سياسية فاسدة ظلت تحكم العراق منذ الغزو الأميركي، بالإضافة إلى نظام حكم يدعم نخبة من "اللصوص"؛ هذا الثالوث تقول الكاتبة هو الذي يهدد استقرار العراق على المدى الطويل.

ووصفت الكاتبة المشهد السياسي بالعراق قبل شهر واحد من الانتخابات بأنه متشظ؛ إذ تتنافس في هذه الانتخابات خمس قوى شيعية، وتنافس الحزبين الكرديين الرئيسيين -اللذين أصبحا ضعيفين عقب كارثة الاستفتاء- قوى كردية أخرى، وللمجموعات السنية والعلمانية ثلاث بطاقات: جمال كربولي، وأسامة النجيفي، وإياد علاوي المتحالف مع صالح المطلق وسليم الجبوري.

حيدر العبادي
وأشارت إلى أن أكثر المتنافسين احتمالا بالوصول لرئاسة الحكومة هو رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، لكنها قالت أيضا إنه ورغم رصيده الإيجابي في السياسة الداخلية والخارجية، فإن حملته الانتخابية ضعيفة التنظيم وضعيفة التأثير على العراقيين، كما أنه تعثر في إنشاء تحالفات سياسية.

ومضت الكاتبة تقول إن تشظي المشهد السياسي العراقي يعني أن هناك إمكانية لإنشاء تحالفات عابرة للطوائف تستطيع تقديم أجندة تكافح الفساد وتحسن مستوى الحكم والخدمات، كما أن المزيد من الاستقرار للوضع الأمني سيمنح العراقيين فرصة لتجاوز السياسات القائمة على الهوية إلى السياسات القائمة على قضايا.

وأضافت أن العراق بحاجة الآن إلى استبدال النظام الطائفي الموجود بحكومة راغبة في إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية وقادرة على تنفيذها، وهذا أمر لم يكن أكثر إلحاحا من الآن نظرا إلى أن العوائد النفطية لم تعد كافية لتغطية الميزانية والبطالة في ارتفاع، خاصة بين الشباب.

العراق والاتفاق النووي
لكن الانقسامات السياسية في العراق لها جانبها السلبي أيضا؛ إذ تفتح الباب للمتشددين الإيرانيين للتأثير على العراقيين، فمع تهديد إدارة ترمب بالتخلي عن الاتفاق النووي في نفس يوم الانتخابات العراقية، سيقوم الشيعة الموالون لإيران بالدعوة لسحب جميع القوات الأميركية من العراق وتوحيد الصف الشيعي في وجه أميركا، وسيعيد ذلك سيناريو 2010 حيث ضغطت إيران لتشكيل حكومة طائفية تحقق مصالحها.

والعراقيون لا يزالون يعتبرون أن الولايات المتحدة لاعب كبير في بلادهم ولها القدرة على تعزيز جانب بعض السياسيين العراقيين في مواجهة إيران، لذلك من الضروري أن تساعد واشنطن المعتدلين الشيعة في وجه الضغوط الإيرانية وضغوط المتشددين الشيعة العراقيين بدفع السنة والأكراد وتحفيزهم للتقارب مع المعتدلين الشيعة. 

المصدر : فورين أفيرز