إيمانويل ماكرون.. اليوم نصر وغدا أمر
توقفت كبرى الصحف الفرنسية عند التحديات الكبرى والملفات الملحة التي تنتظر الرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون، وذلك بالنظر إلى العديد من المعطيات والتطورات السياسية غير المسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، والتي حملت لسدة الحكم شابا ذا سيرة وخلفية غير مألوفة وعلى قطيعة تامة مع الدوائر الحزبية والأيديولوجية التقليدية ولم يسبق له أن ترشح لأي اقتراع.
وقالت لوموند في افتتاحيتها إن على ماكرون وهو يقود بلدا مأزوما أن يثبت بسرعة أنه تلقى الرسائل التي انطوى عليها سباق الرئاسة والمتمثلة أساسا في انهيار حزبي اليمين واليسار على خلفية فضائح قضائية وسياسية وأداء حكومي متواضع، وفي اتساع دائرة المد الشعبوي المتمثل في تأييد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
وأشارت الصحيفة إلى أن "هناك أسبابا للتقليل من قوة هذا الانتصار"، ونقلت عن بعض الساسة وصفهم ذلك الإنجاز بأنه "هش"، موضحة أن العديد من الفرنسيين لم يدلوا بأصواتهم لصالح ماكرون اقتناعا ببرنامجه السياسي ولكن من أجل قطع الطريق أمام مرشحة اليمين، فضلا عن وجود نسبة قياسية من الامتناع من التصويت (25.38%) والأوراق البيضاء والأوراق اللاغية (11.5%).
وفي ظل تلك الأرقام القياسية وما تعكسه من انقسامات حادة في صفوف الطبقة السياسية بمختلف ألوانها ومن تصدعات في المجتمع، قالت الصحيفة إنه على الرئيس ماكرون أن يتحلى بأقصى درجات الحنكة والدبلوماسية لتجاوز العراقيل والتحديات التي تنتظره في الأفق القريب، وعلى رأسها تحقيق أغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة (11-18 يونيو/حزيران) لتنفيذه وعوده بالتغيير.
أما بالنسبة لصحيفة لوفيغارو اليمينية فإن التحدي الأول التي ينتظر الرئيس الجديد هو تشكيل حكومة بمواصفات التي وعد بها الناخبين، وقالت إن تلك المهمة تبدو سهلة للوهلة الأولى لكنها في حقيقة الأمر هي مصدر "وجع رأس"، لأن الرجل يتطلع لفريق حكومي مكون من 16 وزيرا (بمن في ذلك رئيس الحكومة) نصفه رجال ونصفه نساء، وفيه تمثيل بالتساوي لقوى اليمين واليسار.
وبنبرة أكثر نقدية وصفت صحيفة ليبراسيون اليسارية فوز ماكرون بأنه "انتصار تحت الضغط" بالنظر إلى النسبة الكبيرة للامتناع عن التصويت، ووصفت ذلك بأنه "إشارة الى عدم ارتياح حيال الرئيس الجديد".
واستفاضت الصحيفة في التذكير بمسار ماكرون وخلفياته المهنية وصعوده السريع واللافت، وتوقفت بشكل خاصة عند علاقته بالرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، حيث كان وزيرا للاقتصاد قبل أن يستقيل ورأت في فوزه كل مواصفات "ثورة قصر".
وتساءلت الصحيفة عما سيكون عليه شكل الحكم في فرنسا خلال عهد ماكرون، وما إذا كان سيوفق في ترميم الجمهورية الخامسة المتهالكة أم سيكون قيما وشاهدا على إعلان إفلاسها؟