لوفيغارو: الأتراك يعيدون تأهيل القدس القديمة

التاجر المقدسي عماد أبو خديجة
أبو خديجة يقول إن التعاون التركي أحيا الأمل لدى كثير من المقدسيين (الجزيرة)
أعادت أنقرة منذ العام 2005 تأهيل أكثر من سبعين منزلا وشركة ومباني دينية عربية ومسلمة في البلدة القديمة في القدس والمناطق المحيطة بها، مما أثلج صدور الفلسطينيين وسبب عدم ارتياح بين المسؤولين الإسرائيليين، حسب ما جاء في صحيفة لوفيغارو الفرنسية.

تبدأ المراسلة سيريل الويس تقريرها عن هذا الموضوع بقصة عماد أبو خديجة مع آثار كانت مغمورة خلف حانوته الصغير ولم يكن لديه من سبيل لكشفها للعيان، إذ كانت تنام تحت جبال من الرمال والأنقاض.

لقد اكتشف وهو يحاول توسعة حانوته سردابا يؤدي إلى محلات تجارية من العصر "الصليبي" (الأيوبي حسب مصادر موثوقة)، ويقول إنه ظل خلال سنوات كثيرة ينشد مساعدة البلدان الخليجية والسلطة الفلسطينية لكن دون جدوى، فبدأ اليأس يدب إلى نفسه إلى أن جاءته مؤسسة تيكا التركية وتطوعت بإعادة الترميم ونفذت وعدها.

فأنقرة -حسب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في القدس عكرمة صبري– "تلعب منذ عشرات السنين دورا لا مثيل له في تعزيز الوجود العربي والإسلامي بالقدس"، وقد قامت على وجه الخصوص بتمويل ترميم الهلال الذهبي الذي يغطي قبة الصخرة والسيراميك الذي يزين قبة السلسلة.

تأهب دائم
كما بدأت بأعمال صيانة وحفظ مقبرة باب الرحمة الإسلامية عند سفح الجدار الشرقي للحرم القدسي، ودخلت السلطات التركية محادثات مع المملكة الأردنية راعية المقدسات الإسلامية بالقدس لتجديد المتحف القديم للمسجد الأقصى.

ويؤكد أحد الدبلوماسيين الأتراك أن "سياسة بلاده في القدس وإن وطدت التقارب الثقافي والتاريخي القوي الذي يربط بلادنا بفلسطين تتماشى تماما مع أهداف المجتمع الدولي"، مشيرا إلى أن "تركيا مثلها مثل العديد من الدول الأوروبية -على سبيل المثال- تعمل على تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين في القدس الشرقية"، الأمر الذي يمثل -حسب رأيه- "أداة لا غنى عنها للحفاظ على صلاحية ما يسمى حل الدولتين".

ويبقى أبو خديجة في حالة تأهب دائم ولا يترك متجره ليلا ولا نهارا مخافة ولوج الغرباء إليه وقت غيابه، ويدعي أنه عرض عليه "ما يصل إلى 24 مليون دولار لإخلاء المبنى، ولا يمر أسبوع دون أن يأتيني إسرائيليون يودون شراء هذا المكان".

وتراقب السلطات الإسرائيلية المنزعجة من خطاب أردوغان العدائي عن كثب الاستيطان التركي في القدس، وتقول صحيفة هايوم الإسرائيلية في عددها الصادر في يوليو/تموز الماضي "بعد مئة عام من تراجع الإمبراطورية العثمانية تنفق المؤسسات التركية اليوم عشرات الملايين من الدولارات على القدس"، ويقول الباحث الإسرائيلي في مركز القدس للشؤون العامة بنحاس إنباري إن "جهود أنقرة تهدف إلى تعزيز صلات الإخوان المسلمين بالقدس وكذلك دعم طموحات أردوغان الإقليمية".

ولا تزال آثار البنى التحتية التي شيدها الخليفة العثماني سليمان القانوني في القرن الـ16 بالقدس القديمة شاهدا على البصمة التركية في المدينة.

لكن ذلك لا يعني -حسب الدبلوماسي التركي المذكور آنفا- "أن سياستنا التعاونية تستهدف التقليل من شأن دور دول إسلامية أخرى مثل الأردن، فتلك اتهامات سخيفة توجه إلينا"، والواقع أن "هدفنا الوحيد هو مساعدة الفلسطينيين في مدينة عزيزة على قلوبنا".

المصدر : لوفيغارو