التشجير أحد دعامات الاحتلال الإسرائيلي
وحسب الكاتبين، فإن زرع الغابات يندرج ضمن برنامج تمّ وضعه بشكل منهجي ليضرب عصفورين بحجر: وضع اليد على الأراضي ثم المطالبة بملكيتها.
واستغل القادمون الجدد شروط الملكية التي يحدّدها قانون العقارات العثماني لسنة 1858، الذي مثّل قاعدة لتشريعات الانتداب البريطاني ثم الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الشروط تتضمن وجوب زراعة الأرض ثلاث سنوات متتالية كي تتسنى المطالبة بامتلاكها، وهكذا فإن زراعة الأرض تمكن الصندوق القومي اليهودي من ضمان وضع يده على الأراضي التي يشتريها.
شجرة اليهود
وابتداء من سنة 1880 كان شجر "الكينا" هو الذي استعمل في المزارع الأولى في الأراضي الرطبة التي باعها مُلاكها العرب بأثمان زهيدة، وهو شجر يسمح بتجفيف وامتصاص المستنقعات الواقعة في المناطق الساحلية، ونتيجة لنموه السريع وقدرته الكبيرة على التكيف مع التربة، أصبح استعماله عاما ومرتبطا بصفة وطيدة بالجهود الصهيونية الأولى، ويطلق الفلسطينيون عليه أحيانا اسم "شجرة اليهود".
ولأنهم يعتبرون أن الزيتون شجرا فلسطينيا، قام العمال اليهود بزرع الصنوبر بدلا منه، وهو شجر قليل التكلفة، وعالي المقاومة، حسب الكاتبين.
وأكدا أن اليهود زرعوا شجرتهم الخاصة على حافة الطريق الرابط بين الساحل ومدينة القدس، كي يراها المارة ويدركوا أن حضور "اليهود راسخ على الأرض"، وذلك ضمن إستراتيجية التوسع في تملّك الأراضي.
وتركزت جهود التشجير في الخليل وعلى السهول الساحلية وفي مدن ذات رمزية خاصة مثل القدس، حيث زرعت أشجار في الأحياء الجديدة وحول المصالح العمومية وفي المواقع الدينية والتاريخية.
وفي أعقاب إنشاء دولة إسرائيل، قُدم التشجير كأحد ركائز الأمة الجديدة؛ ففي خطاب افتتاحي للكنيست الثاني سنة 1951 طلب دافيد بن غوريون (رئيس الحكومة آنذاك) من الشعب أن يتحد من أجل "تزهير الصحراء"، معلنا حملة دعائية حقيقية تقوم على مشاريع المزارع.
وكانت لمشروع التشجير هذا ميزة مضاعفة، إذ خلق العديد من فرص العمل، ونسج "وثاقا قويا بين الوافد الجديد وبين الأرض، وفقا لآديل ريبوت ونداف جفي.