واشنطن بوست: لماذا لم يستقر العراق بعد انسحاب أميركا؟

People gather at the site after a suicide car bomb attack at the shopping area of Karrada, a largely Shi'ite district, in Baghdad, Iraq July 4, 2016. REUTERS/Ahmed Saad
عراقيون يتجمعون بموقع تفجير انتحاري بمنطقة تجارية بحي الكرادة ببغداد يوليو/تموز الماضي (رويترز)

ورد في تقرير تحليلي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اليوم الثلاثاء أن الخارجية الأميركية والبيت الأبيض والكونغرس وكذلك حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، جميعهم ساهموا في إفشال خطة استقرار العراق بعد انسحاب القوات الأميركية منه في ديسمبر/كانون الأول 2011.

وذكر المقال المطوّل الذي ساهم في إعداده ثلاثة كتاب، أن البرامج التي وضعتها الخارجية الأميركية لمساعدة العراقيين لتفادي ما آل إليه العراق من تمزق بعد ذلك، قد تم خفضها أو اختصارها، مضيفا أن أبرز ملامح العراق بعد انسحاب القوات الأميركية منه تتلخص في الأزمة العاصفة والمعارضة الشديدة التي واجهت حكومة المالكي، وضعف الجيش العراقي الذي دربته أميركا، واجتياح تنظيم الدولة ثلث أراضي البلاد وسيطرته عليها صيف العام 2014.

وقال إن إصرار البيت الأبيض على خفض نفقات المهمة الأميركية في العراق -وفّر مبلغ 1.6 مليار دولار وجهتها وزارة الخارجية إلى مناطق أخرى تشهد صراعات مثل ليبيا- كان سببا في إفشال خطة الوزارة لاستقرار العراق.

غياب المعلومات
وأضاف المقال أن قادة القوات الأميركية في العراق عارضوا خفض نفقات المهمة الأميركية، مؤكدين أن ذلك ترك الحكومة الأميركية في جهل بما يجري في البلاد خارج العاصمة العراقية بغداد، الأمر الذي سهل على تنظيم الدولة الاستيلاء على تلك المساحة الواسعة من العراق بما فيها ثاني أكبر مدنه، الموصل.

وأشار إلى أن القادة العسكريين الأميركيين لم يكونوا يتوقعون انسحابا عسكريا كاملا، بل توقعوا أن تفضي المحادثات بين واشنطن وبغداد إلى الإبقاء على عشرة آلاف جندي على الأقل هناك لضمان الأمن ومنع انتعاش تنظيم القاعدة ومساعدة الدبلوماسيين الأميركيين، وللتنسيق العسكري بين القوات العراقية والأميركية، لكن تلك المحادثات انهارت.

هيلاري كلينتون
ودافع المقال عن هيلاري كلينتون، قائلا إنها سعت بقوة من أجل وجود أميركي عسكري في العراق حتى بعد الانسحاب، وعندما فشلت في ذلك ضغطت على البيت الأبيض والكونغرس لتمويل برامج مدنية هناك، مشيرا إلى أنها حذرت من ضعف قدرة المالكي على الحفاظ على وحدة البلاد، ومن أن الوضع غير المستقر للحكومة ربما يقود إلى بروز تنظيم القاعدة مرة أخرى أو التنظيم الذي انبثق منه وأسمى نفسه لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

إدارة المالكي الحمقاء وغير الكفأة وغير الملائمة للجيش العراقي وقمعه للسنة أضعفا البلاد ووضعاها على حافة الانهيار

كما ركز كتاب المقال على توقف الجهود التي كان يبذلها الجيش الأميركي في العراق للإشراف على ما أسماه برنامج "المصالحة القبلية" الذي وصفه بالناجح في حل النزاعات بين السنة والشيعة والأكراد، مشيرا إلى أن العداء بين القبائل السنية والمالكي أصبح في نهاية المطاف عاملا رئيسيا في سيطرة تنظيم الدولة على أراضي القبائل السنية.

نوري المالكي
وذكر المقال أن المعارضة التي أبداها المالكي لبرامج المساعدة الأميركية في المناطق السنية والكردية كانت سببا في تدهور الأوضاع الأمنية، وقال إن المالكي بدأ فور مغادرة القوات الأميركية العراق يأمر باعتقال السياسيين السنة المنافسين له، وباستبدال الضباط الذين دربتهم أميركا بعسكريين شيعة موالين له.

وأورد الكتاب الثلاثة عرضا لاحتجاجات السنة التي اندلعت عام 2012 بالتوازي مع زيادة وتيرة التفجيرات الانتحارية في كل أنحاء البلاد والتوترات الطائفية والحرب في سوريا المجاورة، "حيث منحت الحرب الأهلية هناك قادة تنظيم الدولة قضية وملاذا آمنا".

ونسب المقال إلى دبلوماسيين أميركيين قولهم إنهم كانوا على يقين بأن واشنطن تركت فراغا سيتسبب في انتعاش القاعدة بالعراق، لكنهم لم يتوقعوا أبدا أن يتم ذلك بالسرعة التي تم بها.

كما نسب إلى مسؤولين حاليين وسابقين بالإدارة الأميركية قولهم إن إدارة المالكي "الحمقاء وغير الكفأة وغير الملائمة" للجيش العراقي وقمعه للسنة أضعفا البلاد ووضعاها على حافة الانهيار.

وعلق المقال بأن استيلاء تنظيم الدولة على أجزاء من العراق دفع إدارة أوباما إلى إعادة البرامج التي كان يشرف عليها الجيش الأميركي، وأن مستوى الوجود الأميركي الآن يساوي أكثر من عشرة أمثال مستواه عند الانسحاب، وأن الاهتمام بخفض الميزانيات قد توارى حيث وافق الكونغرس على إنفاق مليارات الدولارات للتعامل مع الخطر "الجهادي". 

المصدر : واشنطن بوست