باحث: أوروبا تحتاج قوة خاصة لمواجهة تنظيم الدولة

تفجيرا في مطار بروكسل
مطار بروكسل وقد تصاعدت منه أعمدة الدخان جراء التفجيرات التي تعرض لها الشهر الماضي (ناشطون)

قال الكاتب كلينت واتس العسكري السابق والباحث في شؤون مكافحة الإرهاب إن أوروبا تعاني من اختلال في موازين القوى بين أجهزة مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة التي تسعى لضرب مصالحها.

ورأى واتس -الذي يعمل باحثا مقيما في معهد بحوث السياسة الخارجية بولاية بنسلفانيا الأميركية- أن البيروقراطية في دول أوروبا الغربية والقوانين الصارمة التي تكبل أي تحرك أمني أو عسكري للجم جماح الجماعات المسلحة تقابلها عناصر تخطط لعمليات وهجمات في أوروبا هم في الأصل مواطنون أوروبيون يعرفون حقوقهم وقوانين بلدانهم جيدا، وبالتالي يعلمون تماما من أين تؤكل الكتف.

ويتطرق الكاتب في مقال له في موقع "وور أون ذا روكس" المتخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي إلى الأضرار الجانبية للبيروقراطية الأوروبية في المجال الأمني، حيث إن أوروبا قضت السنين والعقود الأخيرة وهي في حالة سبات وإنكار للواقع من حولها، وهذا ما أدى إلى افتقار أجهزة الأمن في دول أوروبية عديدة لأنظمة فعالة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية مع الدول الأخرى.

حلول مقترحة
من جهة أخرى، يعود المقاتلون الأوروبيون الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق إلى دولهم وهم مسلحون بخبرات قتالية طويلة، إضافة إلى مؤهلات التواصل والمراوغة على أعلى مستوى.

إن هذا المزيج "الفتاك" -يقول كلينت واتس- هو الذي أسفر وسيظل يسفر بلا ريب عن هجمات إرهابية بتوجيه وإلهام من تنظيم الدولة.

ويعطي الكاتب في مقاله الذي كتبه بعد أيام من هجمات بروكسل -التي وقعت الشهر الماضي- الحلول التي من المفترض أن تلجأ إليها أجهزة الأمن الأوروبية لتلافي هجمات في قلب أوروبا، خاصة في البلدان التي تعد صغيرة وذات قدرات استخبارية محدودة مثل بلجيكا وهولندا والدانمارك، وأول تلك الحلول التخلص من البيروقراطية التي تحكم العمل الاستخباري في دول الاتحاد الأوروبي.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي لم يصدر إلى حد الآن قوانين تلغي بعض الحقوق المدنية للأفراد في مواجهة أجهزة الأمن كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث أصدر الكونغرس الأميركي قانون المواطنة في أكتوبر/تشرين الأول 2001 أي بعد شهر واحد من هجمات الـ11 من سبتمبر وصادق عليه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

على الاتحاد الأوروبي الشروع فورا في تشكيل قوة أوروبية للمهام الخاصة يكون محور تركيزها منصبا على التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة على أوروبا، و

ويتيح القانون لأجهزة الأمن مراقبة أي شخص تشتبه به والتنصت على اتصالاته، ورغم أن القانون لا يزال ساريا فإنه يثير ضجة بين الحين والآخر كان آخرها كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن في مايو/أيار 2013 عن تنصت الوكالة على آلاف الأشخاص في الولايات المتحدة وخارجها، من بينهم قادة دول حليفة لواشنطن.

من جهة أخرى، لا تزال هذه الممارسات ممنوعة أو على الأقل في حدها الأدنى في الاتحاد الأوروبي، حيث إن التنصت على هاتف شخص ما أو مراقبته يحتاج إلى إجراءات قانونية معقدة تستغرق وقتا طويلا.

قوة مهام خاصة
واستحضر واتس ادعاء تنظيم الدولة بإرساله أربعمئة عنصر إلى أوروبا، وتوقع أن توجه هذه القوة ضربات أخرى في قلب أوروبا وفي وقت قريب.

ولدرء هذه المخاطر المحتملة رأى الكاتب أن الأمر سيستغرق من هذه اللجان سنوات لصياغة النتائج التي ستكشف ما هو معلوم سلفا، وهو أن الدول الأوروبية لا تتبادل في ما بينها المعلومات الاستخبارية أو الأفكار بنفس السرعة التي ينتهجها أعداؤها الإرهابيون.

ورأى كاتب المقال أن على الاتحاد الأوروبي الشروع فورا في تشكيل قوة أوروبية للمهام الخاصة يكون محور تركيزها منصبا على التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة على أوروبا.

إن مثل هذه القوة من شأنها أن تنظم الموارد المتاحة بسرعة لتستشرف التهديدات الوشيكة، وتحدد المهمات وإعطاء الصلاحيات لكيان مركزي واحد يوفر الغطاء اللازم للمحققين الذين يسعون للقبض على عناصر تهدد الأمن، كما سيسهل تشكيل هذه القوة تمرير وتبادل المعلومات والقدرات الاستخبارية بشكل لم يكن موجودا في السابق في دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني من نقطة ضعف حيوية تتمثل في الشبكة المعقدة للحدود في ما بينها والتي يصعب السيطرة عليها بالسبل التقليدية.

ويرى الكاتب أن مثل هذه القوة أثبتت نجاحها في الولايات المتحدة، وأن تشكيل مثيلتها في أوروبا من شأنه سد الفجوة في ميزان القدرات بين أجهزة الأمن الأوروبية وعناصر تنظيم الدولة، إضافة إلى أن الصيغة الشاملة للقوة المؤلفة من دول أوروبية عديدة من شأنها تخطي عقبة البيروقراطية وثقافة مقاومة الإجراءات التي قد تصادر بعض الحريات المدنية للأشخاص.  

المصدر : مواقع إلكترونية