هل امتلاك هاتف نقال سبب كاف لنفي صفة لاجئ؟

A migrant woman uses her smartphone after crossing the border between Macedonia and Greece, near the town of Gevgelija, The Former Yugoslav Republic of Macedonia, 07 September 2015. The Gevgelija-Presevo journey is just a part of the journey that the refugees, the vast majority of them from Syria, are forced to make along the so-called Balkan corridor, which takes them from Turkey, across Greece, Macedonia and Serbia.
صحيفة الإندبندنت تساءلت: إلى أي مدى يحق لنا أن نتعجب من امتلاك سوري هاتفا نقالا؟ (الأوروبية)

تستمر الصحافة البريطانية بتناول أزمة اللاجئين من زوايا عديدة، فناقشت الإندبندنت اللغط المثار بشأن امتلاك اللاجئين هواتف ذكية، بينما أثارت الغارديان سعي ألمانيا المحتمل لتغيير صورتها النمطية المرتبطة بالنازيين.

وتمتلئ منصات التواصل الاجتماعي في عدة دول غربية بتعليقات تتعجب من امتلاك اللاجئين هواتف نقالة ذكية، وتتساءل: كيف للاجئ فقير أن يمتلك هاتفا ذكيا؟ وتربط ذلك بمدى أهليته لاكتساب صفة لاجئ.

ووصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية اهتمام البعض بهذه الجزئية بأنه يعد تغيرا في المزاج العام بشأن اللاجئين، فالمعارضون لاستقبال أعداد كبيرة منهم كانوا قبل أسابيع يتظاهرون مدعين أن اللاجئين هم أناس غير مؤهلين ولا يسعون إلا لنيل المنافع والحياة المريحة.

اليوم، أصبح لدى أصحاب ذلك التوجه مطلبا جديدا، وهو تصنيف اللاجئين حسب حالتهم المادية على أن يحظى الفقراء منهم بأولوية الرعاية.

وتساءلت الصحيفة في تقريرها: حقيقة، إلى أي مدى يحق لنا أن نتعجب من امتلاك سوري هاتفا نقالا؟

وتجيب الصحيفة بأن سوريا تصنف حسب البنك الدولي على أنها دولة ذات "دخل متوسط – منخفض"، وفي عام 2007 كانت حصة الفرد من الناتج القومي الإجمالي 1850 دولارا للشخص، أي أعلى من مصر التي حققت 1620 دولارا للفرد.

‪ميونيخ التي ألقى فيها هتلر أول خطاب تعبوي جماهيري تستقبل اليوم اللاجئين بلا قيد أو شرط‬ ميونيخ التي ألقى فيها هتلر أول خطاب تعبوي جماهيري تستقبل اليوم اللاجئين بلا قيد أو شرط (غيتي)
‪ميونيخ التي ألقى فيها هتلر أول خطاب تعبوي جماهيري تستقبل اليوم اللاجئين بلا قيد أو شرط‬ ميونيخ التي ألقى فيها هتلر أول خطاب تعبوي جماهيري تستقبل اليوم اللاجئين بلا قيد أو شرط (غيتي)

وطبقا لموقع وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) في عام 2014 كانت نسبة الهواتف الذكية في سوريا 87 هاتفا لكل مئة شخص، بينما في مصر هناك مئة هاتف لكل مئة شخص.

وهنا تتساءل الصحيفة، لقد نزل المصريون إلى الشوارع واستخدموا هواتفهم الذكية لنشر روح الثورة وهللنا لهم، فلماذا نستغرب اليوم أن يفعل السوريون الفعل نفسه رغم أنهم من بلد حقق نتائج اقتصادية أفضل من مصر؟

وفندت الصحيفة هشاشة ربط غنى الشخص بامتلاكه هاتفا نقالا، وقالت إن السوري الذي معدل دخله 1850 دولارا سنويا يصرف منه على المأكل والملبس والمسكن، وما يزيد لا يكفي إلا لشراء هاتف ذكي، خاصة إن كان المرء يخطط للنجاة بحياته وأسرته، بينما في الغرب هناك الكثير يمتلكون هواتف ذكية وحواسيب نقالة وثابتة ولوحية في آن واحد لأن دخولهم تسمح بذلك.

ثم ألقت الصحيفة الضوء على حقيقة أن الهواتف الذكية اليوم أصبحت متاحة بأسعار زهيدة نسبيا ناهيك عن الهواتف من الجيل السابق والتي لا تزال تقدم كل ما يمكن لهاتف حديث أن يقدمه وضربت مثلا بآيفون 3 الذي انخفض سعره في بريطانيا ليصل إلى أقل من أربعين دولارا أميركيا.

أما في صحيفة الغارديان فقد علق الكاتب جوناثان فريلاند على ترحيب ألمانيا باللاجئين بمقارنة اليوم بالبارحة، وعنون مقاله بعنوان "ماما ميركل تودع التاريخ المقيت لألمانيا" في إشارة لإعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استعداد بلادها لقبول كل لاجئ سوري يستطيع الوصول إلى نقطة حدود ألمانية.

وقال الكاتب بينما يسعى الآلاف اليوم إلى ركوب القطارات للوصول إلى "ألمانيا الموعودة" تحمل الذاكرة الأوروبية صور القطارات وهي محملة بالناس الهاربين من ألمانيا إبان حكم النازيين.

وتمتلئ محطات قطارات العاصمة المجرية بودابست بلاجئين يصيحون بأعلى الصوت "ألمانيا.. ألمانيا" بلا انقطاع، بينما منذ سبعين سنة كان اسم ألمانيا في أوروبا يعني "الطغيان والقتل العنيف وأرض التمييز والتعصب للعرق".

ويعبر الكاتب عن اعتقاده بأن مرور سبعين عاما على هتلر والنازيين وما يسمى "الهولوكوست" لا تزال عالقة في الذاكرة الجمعية للشعوب الأوروبية، ولكن قريبا سوف تكون هناك ذكريات جديدة.

يقول فريلاند: نعم، ميونيخ ستكون مرتبطة للأبد بأول خطبة جماهيرية نارية لهتلر، ولكنها من الآن سوف تكون مرتبطة كذلك بصور عناصر الشرطة الألمانية بزيهم الرسمي وهم يستقبلون قطارات اللاجئين المنهكين ويحيون الأطفال باللعب.

المصدر : الصحافة الأميركية