ترحيب وتشكيك بجدوى إرسال مدربين أميركيين للعراق

لا تزال الصحافة الأميركية منشغلة بشكل واسع بإستراتيجية واشنطن للجم تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، بعد أن أطبق قبضته على الرمادي، ثانية المدن العراقية إستراتيجيا التي تقع بيد التنظيم بعد الموصل.

وقد تناولت عدة صحف أميركية لليوم الثاني على التوالي قرار البيت الأبيض إرسال أكثر من أربعمئة عسكري أميركي للعراق لأغراض التدريب، وقد أثنت صحيفة واشنطن بوست على الخطوة، ورأت أنها "صحيحة".

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن الخطوة محمودة، خاصة أنها أتت بعد اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه لا يملك "إستراتيجية متكاملة" لبناء جيش عراقي يمكنه دحر تنظيم الدولة.

مهمة المدربين العسكريين الأميركيين تتلخص في أمرين: تطوير العسكرية العراقية التي ولت أدبارها من ساحة القتال أمام تنظيم الدولة مرتين، والثاني إقناع المسلمين السنة في العراق بحمل السلاح في وجه إخوانهم في المذهب المنتمين لتنظيم الدولة

ورأت الصحيفة أن مهمة المدربين العسكريين الأميركيين تتلخص في أمرين: الأول هو تطوير العسكرية العراقية التي ولت أدبارها من ساحة القتال أمام تنظيم الدولة مرتين، والثاني هو إقناع المسلمين السنة في العراق وتهيئة الدافع لهم ليحملوا السلاح في وجه إخوانهم في المذهب المنتمين لتنظيم الدولة.

ورغم أن الرمادي ليست لها إستراتيجية مهمة من حيث الموقع، فإنها تحمل دلالات كبيرة؛ فهي عاصمة العرب السنة في العراق، وإعادتها لقبضة حكومة بغداد سوف يكون عاملا إيجابيا في معركة استرداد الموصل، ثاني أكبر مدن العراق التي وقعت بيد التنظيم قبل سنة بالضبط.

وأشارت الصحيفة إلى أهمية إشراك السنة في معركة الموصل التي تسكنها أغلبية عربية سنية، فقد يرى أهلها أن قوة شيعية خالصة تحاول تحرير المدينة من التنظيم بمثابة "عدو محتل".

إلا أن صحيفة وول ستريت جورنال لا تشارك واشنطن بوست تفاؤلها في خطوة البيت الأبيض، ورأت أن إرسال مئات المدربين العسكريين الأميركيين للعراق لم يسكت منتقدي إستراتيجية الرئيس أوباما في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وأشارت الصحيفة إلى أن المشرعين الجمهوريين لا يزالون ينتقدون أوباما، ويقولون إنه لا يمتلك خطة متماسكة لاستئصال التنظيم، ويشككون في أي نتيجة قد تغير شكل اللعبة في العراق حتى بعد إرسال أربعمئة مدرب عسكري.

ونقلت الصحيفة عن السيناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي السابق جون ماكين قوله إنه "قلق للغاية"، لأن العسكريين الإضافيين الذين سيذهبون للعراق لن يكونوا قريبين من جبهات القتال بما فيه الكفاية، ولن يستطيعوا أن يكونوا رأس حربة في الاستطلاع لزيادة فاعلية الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.

وقال ماكين "هذه هي المساعدات التي يحتاجها العراق، ولكن الرئيس يرفض أن يقدمها".

ولا تقتصر الانتقادات والمخاوف على الحزب الجمهوري، بل تمتد إلى الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه أوباما، حيث يقول النائب الديمقراطي آدم شيف إنه يؤيد خطوة البيت الأبيض، ولكنه ليس متفائلا بأن العراقيين سوف يتمكنون من إحداث التغييرات المطلوبة بأنفسهم في بلد يعاني من اصطفاف طائفي حقيقي.

في ظل غياب تلك الإصلاحات، لا يمكننا فعل الكثير لإقناع السنة بالوقوف في وجه تنظيم الدولة في العراق والشام

وقال شيف "في ظل غياب تلك الإصلاحات، لا يمكننا فعل الكثير لإقناع السنة بالوقوف في وجه تنظيم الدولة في العراق والشام".

تأتي هذه التطورات في وقت يقود فيه مشرعون أميركيون مسعى لتشريع يمنح البيت الأبيض سلطات واضحة لقتال تنظيم الدولة، ويتمتع هذا المسعى بتأييد الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي.

وتحاول مجموعة من النواب منذ الصيف الماضي إقناع زملائهم المشرعين بإعطاء البيت الأبيض سلطة استخدام القوة العسكرية في الحرب ضد تنظيم الدولة.

وكانت هناك محاولات لإصدار تشريع مماثل لكنها اصطدمت باختلاف وجهات النظر بين الحزبين السنة الماضية، وكان الخلاف يتركز بشكل رئيسي حول حجم المناورة التي يجب أن تعطى للرئيس أوباما لشن عمليات ضد التنظيم.

وكان أوباما قد استند إلى قرار الكونغرس عام 2001 لقتال تنظيم القاعدة في شن حملة جوية ضد تنظيم الدولة، وفندت إدارته ذلك بأن التنظيم هو امتداد للقاعدة وينطبق عليه ما ينطبق على القاعدة.

ورغم ذلك، فإن البيت الأبيض والكونغرس في خلاف مستمر منذ شهور عديدة حول الجهة التي يجب أن تضع صيغة قانون جديد يخول استخدام القوة العسكرية في الحرب على تنظيم الدولة.

ويتركز الخلاف بشكل رئيسي حول التفسير القانوني للكلمات والمصطلحات المستخدمة، خاصة بعد أن قدم أوباما في فبراير/شباط الماضي اقتراحا تضمن مصطلحات مثل "القوات الموالية" لتنظيم الدولة و"استخدام قوات أميركية كبيرة" و"عمليات هجومية برية مستدامة".

المصدر : الصحافة الأميركية