كلينتون تتمرد على إرث زوجها في ظل أحداث بالتيمور
انعكس التوتر الذي نشب في عدة مدن أميركية -إثر وفاة شاب أسود خلال احتجازه- على مناح عدة من الحياة السياسية الأميركية، ومن بينها حملات المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الأحداث أجبرت المرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون على تضمين قضايا الجريمة والفقر في حملتها الانتخابية.
وكانت التوقعات أن تستمر السيدة كلينتون -في حال فوزها- بنهج زوجها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الذي اتسم عهده بالحرب على الجريمة عن طريق دعم قوات الأمن وتشييد مزيد من السجون وغيرها من الإجراءات التنفيذية، لكن السيدة كلينتون قدمت منظورا مختلفا فاجأ الجميع يوم الأربعاء الماضي.
يقوم مفهوم السيدة كلينتون على معالجة السبب وليس النتيجة، وكسر الحلقة المفرغة التي تضم الفقر والجهل والجريمة.
المفاجأة الأخرى كانت الهجوم الضمني غير المباشر على القانون الجنائي لسنة 1994 والذي برأيها زج الآلاف من أفراد الشرطة في الشوارع ونتج عنه بناء مزيد من السجون واستحداث عقوبات أغلظ على المتورطين بقضايا المخدرات.
وأطلقت السيدة كلينتون نداءها "لننهي عصر السجون الجماعية"، ووصفت الصحيفة توجهها بأنه سعي لإعادة تعريف إرث عائلة كلينتون الديمقراطي.
وعلى أساس ما تقدم، تركز كلينتون في حملتها على تنشيط الاقتصاد الجماهيري بدل بناء السجون، واستئصال الفقر بدل خفض عجز الميزانية وعلى التأهيل وإعادة التأهيل بدل السجن.
وحثت كلينتون الطبقة الفقيرة في الولايات المتحدة على أن تأخذ بزمام المبادرة وأن تتحمل مسؤولياتها وفي ذات الوقت أبدت اعتزازها بالمؤسسات الكبرى ودورها في الاقتصاد الوطني، وكلاعب رئيس في استئصال الفقر وتوفير الوظائف.
يذكر أن كثيرا من المحللين والمراقبين يجمعون على أن أحداث مدينة بالتيمور والمواجهات التي عمت المدينة ومدن أميركية أخرى -عقب وفاة الشاب فريدي غراي في التوقيف- ليست بدافع عرقي وتختلف عن أحداث فيرغسون بولاية ميسوري الأميركية التي شهدت أحداثا مشابهة إثر مقتل شاب أسود على يد شرطي أبيض.
ويرجع المراقبون أحداث بالتيمور إلى أسباب طبقية ووجود حاجز يقف بين سلك الشرطة وأهالي بالتيمور حيث يتعالى أفراد الشرطة على الفقراء، ويشعر سكان الضواحي الفقيرة بأنهم مستهدفون ويعاملون بطريقة غير عادلة، الأمر الذي ولّد شعورا لدى الطبقات الفقيرة بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
وتساءلت كلينتون "كم من الأطفال نشؤوا في بيئة فقيرة وخرجوا منها إلى السجن؟ هكذا يجب أن يقاس الازدهار (…) إنها طريقة أفضل بكثير من صرف المكافآت في مكاتب (الحكومة) وسط المدينة".
من جهة أخرى، برزت تطورات جديدة في قضية غراي حيث يعتقد المحققون بأنه عانى من إصابة في الرأس ولم تدرجها الشرطة في تقريرها لمكتب المدعي العام الثلاثاء الماضي.
وتصف صحيفة واشنطن بوست الأميركية تلك التطورات بأنها تطرح كثيرا من الأسئلة التي تبحث عن إجابات في مقتل غراي ذي الـ25 عاما.
وكان تسجيل فيديو التقط بهاتف نقال قد كشف التعامل الفظ مع غراي وكيف ألقي في شاحنة شرطة مقفلة وهو مصاب في ساقه، وفوق ذلك لم يزوده أفراد الشرطة بحزام أمان لمقعده الأمر الذي تسبب في جروح في رأسه.
وتعتقد السلطات أن أفراد الشرطة قد تجاهلوا توسلات غراي بنقله للمستشفى لتلقي العلاج لإصاباته.