الأمم المتحدة تترك سوريا لمصيرها الدموي

UN secretary general Ban Ki Moon adjust his glasses during an interview with AFP on January 30, 2010 in Addis Ababa. Moon is attending the African Union summit
undefined
استهل روبرت فيسك تعليقه في صحيفة إندبندنت بأن المحاولة البائسة من قائد بعثة المراقبين الدوليين -عند مغادرته دمشق- زاعما أن الأمم المتحدة لن تتخلى عن سوريا، هي في الحقيقة بمثابة تحويل البلد إلى ساحة قتال مفتوحة بمجرد بدء آخر جنوده البالغ عددهم المائة في الانسحاب غدا.

وأضاف أنه من المعروف أنه كلما قامت الأمم المتحدة بسحب أفرادها من الشرق الأوسط في أي وقت تعقب ذلك دوما فاجعة، وتخشى الأمم المتحدة سراً من أن الطريق الآن مفتوحة للغرب ودول الخليج لإغراق سوريا بالأسلحة الثقيلة لمساعدة الثورة ضد نظام الأسد.

وأشار فيسك إلى تعجل قائد البعثة الجنرال باباكار غاي وقواته في جمع أمتعتهم ومغادرة الفندق، حتى إن أحد المسؤولين العاملين معه علق على ذلك متذمرا بـ"أنهم لم يستطيعوا حتى الانتظار إلى أن يأتي المبعوث الأممي الجديد الأخضر الإبراهيمي ويتسلم زمام الأمر".

أما في الخارج في حر الظهيرة بدمشق، فإن الشوارع الخاوية والمحلات المغلقة تعكس فتور همة وليس انهيارا. فنظام بشار الأسد لا يبدو أنه على وشك الرحيل -كما يعتقد بسذاجة الدبلوماسيون الأميركيون والفرنسيون- لكن علامات التشويش بادية في كل مكان، حسب الكاتب.

ويصف فيسك الوضع في دمشق وتركيز الآلة الإعلامية الرسمية على الحديث عن الاستيلاء على أسلحة للجيش السوري الحر واغتيال مدنيين في وحول دمشق، الذين يوصفون دائما بأنهم إرهابيون، والخطب الرنانة لمعاوني الحكومة المغايرة للواقع.

ويقول إنه ربما لهذا السبب فإن السوريين في دمشق يتحدثون بحرية أكثر عن فرص بقاء النظام ويناقشون علانية نصر أو هزيمة بشار في المقاهي والمطاعم. والجميع يعلمون أنه على بعد كيلومترات معدودة خارج العاصمة تبدأ منطقة مظلمة تبلغ آلاف الكيلومترات تحدث فيها بشاعات باستمرار. والطريق السريع الرئيسي الشمالي قُطع، وخطوط الهواتف إلى حلب انهارت إلى حد كبير، ومعظم المسافرين يفضلون الطيران إلى المدينة من دمشق، رغم خطورة الطريق من مطار حلب إلى وسط المدينة.

تخشى الأمم المتحدة سراً من أن الطريق الآن مفتوحة للغرب ودول الخليج لإغراق سوريا بالأسلحة الثقيلة لمساعدة الثورة ضد نظام الأسد

ويقول الكاتب إنه على الرغم من ذلك يبدو أن النظام -الذي يغوص تاريخه وجذوره في أعماق أرض سوريا، مهما كانت وحشية وفاسدة كما يعتقد معارضوه- فيه حياة أكثر مما يعتقد وزير الدفاع الأميركي بانيتا ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.

وقال فيسك إن وداع الجنرال غاي الأخير كان قاتما كما كان قصيرا. فقد قال إنه بعد أن وصلت القوات الأممية في 21 أبريل/نيسان لمراقبة سحب الأسلحة الثقيلة ووقف إطلاق النار انحسر العنف، لكن "بحلول منتصف يونيو/حزيران بدا واضحا أن الطرفين لم يعودا ملتزمين بوقف إطلاق النار". وحاول المراقبون الأمميون آنذاك تسهيل توقيفات في القتال لمساعدة العمل الإنساني. وأعلن غاي وقتها ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي.

وعلق الكاتب على ذلك بأن القانون الإنساني غير محترم ولن يكون محترما، ومن الغد لن يكون هناك أحد "لتسهيل توقيفات في القتال" كما قال غاي.

وختم فيسك تعليقه ببعض التساؤلات المثيرة للجدل، مثل هل كان ينبغي للبعثة السورية الأممية أن تقاد بواسطة دبلوماسي بدلا من جندي؟ فلا أحد هنا يبدو أنه يفهم لماذا ترك الجنرال النرويجي مود -سلف الجنرال غاي- منصبه. وهل كان ينبغي لها أن تقضي وقتا أطول في الحديث إلى قوات المعارضة خارج سوريا بينما كان لا تزال هناك أسئلة متداولة في الأمم المتحدة أمس؟ ولماذا إنهاء البعثة الآن؟ هل لأن البعض في مقر الأمم المتحدة بنيويورك كانوا يعرفون منذ البداية أن المهمة لم يُقصد بها أن تنجح؟ أو لأن الدول الغربية والجهات الراعية في الخليج لا تريد من المراقبين أن يتجسسوا على كمية الأسلحة الجديدة والأكثر فتكا التي قد يتم التخطيط لإرسالها إلى الجيش السوري الحر؟

المصدر : إندبندنت