هل السلطة ورقة توت للاحتلال الإسرائيلي؟

epa03012115 Yossi Beilin, Chief of Israeli delegation for Geneva Initiative, delivers his statement during the conference 'Geneva Initiative 2.0' at the University of Geneva, in Geneva, Switzerland, 22 November 2011. The Geneva Initiative was drafted jointly by Israelis and Palestinians from civil society with the aim of resolving the conflict between the two peoples peacefully and on the basis of fair negotiations. EPA/SALVATORE DI NOLFI
undefined

دافع يوسي بيلين -الذي كان مهندسا لاتفاق أسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993- عن دعوته الأخيرة إلى حل السلطة الفلسطينية التي وصفها بأنها "ورقة توت" للاحتلال الإسرائيلي، وسط تباين في المواقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتحذير من تبعات تلك الفكرة وعلى رأسها نشوب انتفاضة ثالثة.

وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور -التي أجرت مقابلة مع بيلين- إن المؤسسات الفلسطينية الوليدة بموجب أوسلو تواجه شكوكا متزايدة بشأن مدى جدواها بعد 19 عاما من الاتفاق، ولا سيما أن مصير الدولة الفلسطينية لا يلوح في الأفق وأن المفاوضات تشهد حالة من الجمود الكبير.

وبينما يؤيد العديد السلطة الفلسطينية باعتبارها تجربة هامة في الحكم الذاتي للفلسطينيين، فإن يوسي بيلين الذي كان من أشد المؤيدين لها ينضم إلى صفوف المنتقدين لها اليوم ويصفها بأنها واجهة الحكم الذاتي التي يعمل من خلفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توسيع نطاق القبضة الإسرائيلية على الضفة الغربية ويتجاهل الازدراء الدولي والتكاليف الكاملة للاحتلال الإسرائيلي.

ويرى بيلين أن الحل يكمن في تفكيك السلطة وحض المجتمع الدولي على إحياء دبلوماسية السلام نحو إقامة حل الدولتين.

وكان بيلين -الذي عمل شريكا في محادثات سرية مع رئيس السلطة محمود عباس لإتمام اتفاق أوسلو- قد دعا محمود عباس إلى حل السلطة وإعادة مواطني الضفة الغربية تحت احتلال إسرائيلي مباشر وكامل.

وقال له في رسالة مفتوحة الشهر الماضي "من أجل الفلسطينيين، ومن أجل السلام، لا يمكنك أن تسمح باستمرار هذه المسرحية الهزلية".

ويذكر بيلين للصحيفة أن اتفاق أوسلو كان إجراء مؤقتا لمدة خمس سنوات قبل الاتفاق على حل نهائي يغطي القضايا الشائكة مثل اللاجئين والقدس وحدود 1999، ويقول إن الاتفاق كان يعتبر مجرد "ممر" لحل دائم للسلام، ولكنه تحول إلى إجراء دائم، أو "غرفة معيشة"، ملقيا باللائمة على المتشددين من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الذين يحاولون أن يتجنبوا التوصل إلى تسوية بشأن الأراضي.

ويقول "كلانا، أنا وعباس أب لأوسلو، ولكننا لم نقصد أبدا أن نصل إلى وضع (أوسلو إلى الأبد) على هذا النحو". 

عباس ليس تكنوقراطيا، وليس الراحل ياسر عرفات. فهو ليس ثوري التفكير. وليس حذرا وحسب، بل لا يملك بديلا آخر

تشكيك
وكانت فكرة بيلين قد بدأت في الأصل فلسطينية عام 2003، عندما اعتبرها علي جرباوي -الذي كان أستاذا في العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، وأصبح الآن وزيرا للتخطيط بالسلطة- وسيلة تحد لتوصيف إسرائيل بأنها دولة يهودية، عبر إرغامها على استئناف مسؤوليتها للسكان الفلسطينيين الذين يأخذون في النمو.

غير أن تلك الفكرة واجهت مقاومة في أوساط الفلسطينيين الذين سيفقدون وظائفهم ومناصبهم -السلطة توظف 180 ألفا وتدعم أكثر من مليون- والذين يشككون فيما سيتمخض عنه ذلك لاحقا.

ولكنها في المقابل وجدت مؤيدين بارزين منهم أحمد قريع -وهو رئيس الوزراء السابق ومفاوض أوسلو- الذي أيد فكرة التخلي عن الحكم الذاتي وانضمام الفلسطينيين والإسرائيليين إلى دولة واحدة، وهو ما يعني حل السلطة الفلسطينية.

ووفقا لبيلين وتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن محمود عباس بعث برسالة إلى نتنياهو يهدد فيها بحل السلطة إذا لم يتم إحراز تقدم على صعيد السلام، غير أن مسؤولين فلسطينيين رفضوا التعليق، ومن جانبه نفى عباس في تصريح صحفي ذلك، وقال إن "الفكرة غير واردة".

ويقول المحلل مهدي عبد الهادي الذي يدير الجمعية الأكاديمية الفلسطينية لدراسة الشؤون الدولية إن محمود عباس ليس تكنوقراطيا، وليس الراحل ياسر عرفات. فهو ليس ثوري التفكير. وليس حذرا وحسب، بل لا يملك بديلا آخر.

بعض الفلسطينيين والإسرائيليين يحذرون من فكرة حل السلطة، ويقولون إن ذلك يزعزع الاستقرار، وبالتالي يلحق الضرر بالطرفين

انتفاضة ثالثة
ويحذر بعض الفلسطينيين والإسرائيليين من فكرة حل السلطة، ويقولون إن ذلك يزعزع الاستقرار، وبالتالي يلحق الضرر بالطرفين.

فمن جانبه يشير المدير العسكري السابق للضفة الغربية وقطاع غزة غادي زوهر إلى أنه في اللحظة التي تلغى فيها السلطة الفلسطينية، ستندلع الفوضى إلى أن تعيد إسرائيل تنظيم الوضع الجديد.

ويحذر من أن النتيجة الواضحة لهذه الحركة في أوساط الفلسطينيين الذين يتحولون ضد الاحتلال، هي اندلاع انتفاضة ثالثة.

أما المسؤولون في وزارة التعليم الفلسطينية، فيرون أن حل السلطة يعني ذهاب ما بنوه في السنوات الأخيرة أدراج الرياح.

حيث يقول بصري صالح مساعد وكيل الوزارة إن الإنجازات اشتملت على رفع قيد التعيين إلى 97%، وإعداد منهج فلسطيني ليحل محل المناهج الأردنية والمصرية قبل أوسلو، وبناء المدارس في المناطق النائية، ورفع مستوى المعلمين.

ويضيف: في منهجنا الوطني تجد الكثير مما يتحدث عن الهوية الفلسطينية وخاصة العناصر الإيجابية لصراعنا.

المصدر : كريستيان ساينس مونيتور