استفتاء تونس.. سعيد يتحدث عن مرحلة جديدة وجبهة الخلاص تطالب بانتخابات مبكرة وواشنطن تحذر

طالبت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس الثلاثاء بانتخابات مبكرة بعد تسجيل مشاركة محدودة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، وفي حين قال الرئيس قيس سعيّد إن البلاد دخلت مرحلة جديدة، حذرت واشنطن من أن الدستور الجديد قد يقوّض الحريات وحقوق الإنسان.

وينتظر أن تعلن الهيئة المستقلة للانتخابات مساء الثلاثاء عن نتائج الاستفتاء بعدما كشفت في وقت متأخر من مساء الاثنين أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم بلغ مليونين ونصف المليون ناخب، أي ما يعادل 27.5% من الناخبين المسجلين الذين يتجاوز عددهم 9 ملايين ناخب.

وجرى الاستفتاء في ظل مقاطعة من أحزاب المعارضة ومن بينها حركة النهضة التي كانت القوة الكبرى في البرلمان المنحل.

وقال مراسل الجزيرة في تونس حافظ مريبح إن 92% من الأصوات المعبر عنها أيدت مشروع الدستور الذي اقترحه الرئيس سعيد، في حين صوتت البقية بعدم الموافقة، وفق ما ذكرته مؤسسة "سيغما كونساي" (sigma conseil) لسبر الآراء مساء الاثنين.

وتتوالى الردود من مختلف الأطراف السياسية على الاستفتاء الذي يفترض أن يسفر عن إقرار مشروع الدستور الجديد الذي يرسي نظاما رئاسيا بدلا من النظام شبه البرلماني الذي كان قائما منذ 2014، ويمنح الرئيس صلاحيات واسعة مقابل تهميش صلاحيات البرلمان.

انتخابات مبكرة

وفي مؤتمر صحفي بالعاصمة التونسية الثلاثاء، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي إن الجبهة تطعن في الأرقام التي قدمتها هيئة الانتخابات باعتبارها تتناقض مع ما عاينه المراقبون المحليون والدوليون من حالة فراغ ومقاطعة واسعة للاستفتاء.

وأضاف الشابي أن الرئيس قيس سعيد فشل في إضفاء الشرعية على انتهاكه للسلطة، ودعا إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة لإخراج تونس من أزمتها.

وشدد رئيس جبهة الخلاص على أنه إذا كانت هناك إصلاحات يمكن إدخالها على دستور عام 2014، فيجب أن يجري ذلك بطريقة توافقية وتشاركية.

وخلال المؤتمر الصحفي نفسه، قالت سميرة الشواشي نائبة رئيس البرلمان المنحل إن الشعب التونسي رفض مشروع الدستور الجديد من خلال مقاطعته الاستفتاء، وأكدت أن جبهة الخلاص متمسكة بدستور عام 2014.

أما القيادي الآخر في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك فدعا الرئيس سعيد للاستقالة.

تصريحات المعارضة

بدوره، قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي للجزيرة إن إقالة الرئيس قيس سعيد اليوم مسألة حيوية للبلاد، مضيفا أنه ليس هناك الآن أي خيار إلا العودة للشرعية، وفق تعبيره.

وتابع المرزوقي أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن تونس ذاهبة للانقسام.

كما قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي إنه على الرغم مما سماه التزوير والخزعبلات والدجل وتوظيف وسائل الدولة والإعلام العمومي، فإن 75% من التونسيين قاطعوا الاستفتاء وقالوا "لا لدستور سعيد".

واتهم الشواشي الرئيس التونسي باستغلال إمكانيات الدولة للدعاية والدعوة للتصويت بنعم في الاستفتاء الذي جرى الاثنين، قائلا إنه "لا يمكن لأقلية من الشعب فرض مشروع الدستور، وسنواصل المقاومة".

من جهته، حذر حزب العمال من تداعيات الاستفتاء على الدستور الجديد، وقال إنه سيدخل البلاد مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية ويرسخ نظام حكم الفرد المطلق، وفق بيان للحزب.

وأضاف البيان أنه لم يبق للرئيس قيس سعيد سوى الاستقالة وترك الشعب يحدد مصيره بنفسه، داعيا إلى بلورة مشروع لإنقاذ تونس مما وصفها بمنظومة الاستبداد والعمالة، ووضع أسس لتونس جديدة.

بدوره، أعلن الحزب الدستوري الحر أنه لن يعترف بنتائج الاستفتاء، متهما الرئيس التونسي بارتكاب خروقات غير مسبوقة بحق دولة القانون.

وكانت 5 أحزاب منضوية ضمن "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء"، وهي الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل والعمال والقطب، قد وصفت الاستفتاء بالمزيف، كما وصفته حركة النهضة بالصوري.

الرئيس سعيد ألقى كلمة وسط مؤيديه في العاصمة التونسية (الفرنسية)

مرحلة جديدة

في المقابل، وفي كلمة ألقاها مساء الاثنين وسط حشد من أنصاره تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة للاحتفال بنتيجة الاستفتاء، قال الرئيس التونسي إن التوافد كان كبيرا على لجان الاقتراع، وإنه لو جرى الاستفتاء على مدى يومين لكانت نسبة المشاركة أعلى. وكشف أن أول قرار بعد الاستفتاء سيكون سن قانون انتخابي جديد.

وتحدث الرئيس قيس سعيد عن دخول تونس مرحلة جديدة بعد الاستفتاء، وقال إن "ما قام به الشعب درس، أبدع التونسيون في توجيهه للعالم".

وأضاف "اليوم عبرنا من ضفة إلى أخرى. من ضفة اليأس والإحباط إلى ضفة الأمل والعمل، وسنحقق هذا بفضل إرادة الشعب والتشريعات التي ستوضع لخدمته".

واحتفل أنصار الرئيس سعيد بنسبة المشاركة المعلنة في الاستفتاء، معتبرين إياها نجاحا، وقد رفعوا شعارات في هذا الاتجاه.

تعليقات أميركية

في هذه الأثناء، أعلنت الخارجية الأميركية الثلاثاء أن الولايات المتحدة تخشى أن يقوض الدستور الجديد حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس إن واشنطن تعلم أن مشروع الدستور الجديد قلّل من المراقبة وقلص من الحريات، وأنها لاحظت القلق في وسائل الإعلام والأحزاب السياسية في تونس بشأن افتقار الاستفتاء للشفافية.

وشدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية على ضرورة احترام الفصل بين السلطات، وأن يكون قانون الانتخابات شاملا وشفافا.

وكان الرئيس سعيد عرض مؤخرا مشروع الدستور الجديد ليكون بديلا لدستور 2014 ضمن خريطة طريق أعلنها في يوليو/تموز الماضي، وتنتهي بانتخابات تشريعية في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ويرى معارضو الرئيس التونسي أن الاستفتاء على دستور جديد عبارة عن مسرحية، إذ "فشل سعيد في الحصول على تزكية الشعب، بدليل أن 75% من الناخبين قاطعوا التصويت".

المصدر : الجزيرة + وكالات