القضاء العراقي يوقف ترشيح زيباري لرئاسة العراق وعلاوي يحذر من منعطف خطير

المحكمة الاتحادية العليا بالعراق أشعلت التنافس الشيعي بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان عندما ردت قبل أيام دعوى قدمها نواب في تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى سياسية شيعية بارزة باستثناء الكتلة الصدرية بوصفهم الكتلة البرلمانية الأكثر عددا.

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري
قرار المحكمة العليا بشأن ترشيح زيباري جاء بعد يومين من دعوة الصدر نوابه لعدم التصويت له إذا لم يكن مستوفيا للشروط (الجزيرة)

قررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأحد، إيقاف إجراءات ترشيح هوشيار زيباري من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني لمنصب رئاسة الجمهورية، في وقت يستعد فيه البرلمان لعقد جلسته الثانية غدا التي ستكون مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية من بين 25 مرشحا، أغلبهم من القومية الكردية.

وجاء في قرار المحكمة (وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد) أنها "قررت إيقاف إجراءات انتخاب زيباري لمنصب رئيس الجمهورية مؤقتا لحين حسم الدعوی (17اتحادية/2022)". وأضافت أن "القرار صدر بالأكثرية".

وقالت المحكمة في قرارها، إنها قررت وقف إجراءات الترشيح لإنها جاءت مخالفة للقوانين والدستور، وأن هذا الوقف سيستمر إلى حين البت بالدعوى المقامة ضد زيباري من قبلها.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت في العام 2018 طالبا يقضي بمثول زيباري أمامها على خلفية إقالته من قبل البرلمان في العام 2016 بتهم تتعلق بفساد إداري ومالي في فترة عمله وزيرا للخارجية.

وفي سياق متصل نقل مراسل الجزيرة عن مصادر من داخل المحكمة الاتحادية، أنها تنظر حاليا في دعوى أخرى تطعن بشرعية ودستورية ترشيح زيباري والرئيس الحالي برهم صالح لمنصب الرئيس.

وقال المراسل إن هذه الدعوى المقدمة، عرضت أدلة على مشاركة كل من زيباري وصالح في استفتاء الانفصال الذي أجري في إقليم كردستان العراق في 2017، وهو ما يثبت، بحسب الدعوى المقدمة، أن المرشحين خالفا المادة 67 من الدستور العراقي التي تفرض أن يحافظ رئيس الجمهورية على وحدة العراق.

وكان زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر قد دعا يوم الجمعة الماضي تحالفه السياسي داخل البرلمان إلى عدم التصويت لزيباري، في حال عدم استيفائه الشروط.

وقال الصدر في تغريدة له على تويتر إنه إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الإصلاح (الكتلة الصدرية) لعدم التصويت له. وأضاف "نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم" من دون أن يحدد الشروط الواجب توافرها في المرشح للرئاسة.

Saddam Hussein Trial Continues
أمين رأى أن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية يمكن أن يصبح سببا لتوحيد البيت الكردي (غيتي)

مرشح تسوية

وفي سياق متصل، توقع المرشح لمنصب الرئاسة القاضي رزكار محمد أمين أن يتم اختياره "مرشح تسوية" لمنصب رئيس الجمهورية.

وقال أمين -خلال مؤتمر صحفي عقده في محافظة السليمانية بإقليم كردستان أمس- إن ترشيحه يمكن أن يصبح سببا لتوحيد البيت الكردي، مشيرا إلى أنه في حال عدم توافق الجهات على مرشح ما فإنه سيصبح مرشحا للحزبين الرئيسيين بالإقليم الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيين.

وأضاف "لم أتواصل مع أية جهة علنا أو بشكل سري للحصول على هذا المنصب، لكنني متأكد من دعم الأحزاب والجهات جميعا لي، ولن يقفوا حجر عثرة في طريقي، ومع هذا سوف نرى بعض المفاجآت".

وأمين (65 عاما) من القومية الكردية، وكان كبير القضاة السابع في محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين التي جرت تحت إشراف المحكمة الجنائية العليا، وكان القاضي الوحيد الذي كُشف عن اسمه بافتتاح المحاكمة يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2005، ولم يُسمح بإظهار أسماء القضاة الأربعة الآخرين وجميع وجوه زملائه باستثناء اثنين خلال المقاطع المتلفزة من المحاكمة، إلا أنه تنحى عن رئاسة المحاكمة بعد ترؤسه 7 جلسات علنية وواحدة سرية.

وتمكّن هذا القاضي من لفت الأنظار خلال محاكمة صدام من خلال حياديته في إدارة الجلسات، وقوة حضوره. وأكد أمين في تصريحات سابقة أنه استقال من المحاكمة بسبب "الضغوط والأجواء المشحونة في المحاكمة بسبب أطراف سياسية وحاكمة".

ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسة خاصة غدا لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين 25 مرشحا، أبرزهم مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس الحالي برهم صالح.

ووفق العرف السياسي المتبع منذ أول انتخابات برلمانية عقدت بالبلاد عام 2005، فإن منصب رئيس الجمهورية من حصة المكون الكردي، ورئاسة البرلمان للسنّة، ورئاسة الحكومة من نصيب الشيعة. وغالبا ما تكون رئاسة الجمهورية من حصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إذ تقلدها الراحل جلال الطالباني على مدى دورتين، ثم فؤاد معصوم، فالرئيس الحالي.

اياد علاوي: نعترف ان سماحة السيد مقتدى الصدر يقود الكتلة الأكبر عدداً.. وعلى الاطار،، ان يوقف التراشق الاعلامي المصدر:التلفزيون العراقي الرابط: https://youtu.be/lsKIcv6Ip5I
علاوي طالب القوى السياسية بالجلوس حول طاولة حوار وطنية (مواقع التواصل)

فراغ دستوري

وكانت كتل سياسية حذرت أمس من خطورة دخول البلاد في "فراغ دستوري" على خلفية إعلان الكتلة الصدرية مقاطعة جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس، وتجميد مفاوضات تشكيل الحكومة مع الكتل السياسية إلى إشعار آخر.

‏وقد دعا زعيم الجبهة الوطنية المدنية (موج) ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي -في بيان- إلى التزام التهدئة والابتعاد عن التصريحات الإعلامية التي تُربك الأوضاع وتزيدها تعقيدًا.

وطالب علاوي القوى السياسية بالجلوس حول "طاولة حوارٍ وطنية بأسرع وقت ممكن وبعيدا عن منطق الرفض والفرض" مؤكدا أنها "ربما تكون الفرصة الأخيرة لعبور هذه الأزمة". وأضاف "العراق يمر بمنعطفٍ خطير للغاية يوشك أن يدخله في فراغ دستوري بعد دعوات المقاطعة والخلاف حول الأسماء والمناصب".

ومن جانبه حذر مشعان الجبوري (عضو تحالف السيادة الذي يضم كتلتي "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي و"عزم" بزعامة خميس الخنجر) -في بيان- من دخول العراق في "فراغ دستوري" إذا لم يتم انتخاب رئيس البلاد.

وقال الجبوري "بعد قرار الكتلة الصدرية عدم المشاركة في جلسة انتخاب رئيس العراق، من المرجح عدم حضور كتلتي السيادة والديمقراطي الكردستاني الجلسة، وبذلك لن يتحقق النصاب القانوني".

وأوضح برهان الشيخ (عضو الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني) أن "موقف التيار الصدري جاء بعد التأكد من صعوبة تمرير حكومة الأغلبية الوطنية بسبب صعوبة تمرير رئيس الجمهورية الذي يتطلب تصويت ثلثي أعضاء البرلمان".

ووفق الدستور، يتوجب انتخاب رئيس للبلاد خلال فترة 30 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان، التي كانت قد عقدت في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، وانتخب فيها الحلبوسي رئيسا للبرلمان، أي بموعد أقصاه نهاية الثامن من فبراير/شباط الجاري، وبخلافه تدخل البلاد في فراغ دستوري.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أشعلت التنافس الشيعي بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان عندما ردت قبل أيام دعوى قدمها نواب في تحالف ما يسمى "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى سياسية شيعية بارزة باستثناء الكتلة الصدرية بوصفهم الكتلة البرلمانية الأكثر عددا.

وقالت في قرارها إن تسمية الكتلة الأكثر عددا لا يشترط أن تكون بالجلسة الأولى التي يُنتخب فيها رئيس البرلمان ونائباه، وإن مهمة هيئة رئاسة البرلمان تنحصر في تدقيق القوائم التي قدمتها الكتل البرلمانية بهذا الخصوص.

وسيكون على هيئة رئاسة البرلمان إرسال القوائم إلى رئيس الجمهورية، ليعلن الكتلة الأكثر عددا. وقالت المحكمة الاتحادية إن النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس هو ثلثا أعضاء البرلمان وليس الأغلبية المطلقة.

الثلث المعطل

وتعليقا على ذلك، رأى القاضي العراقي رحيم العكيلي -في تصريح- أن قرار المحكمة سيمكن الأقلية السياسية (110 نواب فقط من إجمالي عدد النواب في البرلمان البالغ 329) من تعطيل انتخاب الرئيس عن طريق الغياب الجماعي المتعمّد، وستفرض هذه الأقلية إذا أرادت حكومة المحاصصة في جميع الدورات اللاحقة، كما سيؤخر الثلث المُعطّل في حال قدرتها على ضمانه العمل بالمواعيد الدستورية الخاصَّة بانتخاب الرئيس ثم الخاصة بتشكيل الحكومة، وبالتالي إفراغ الفوز بالانتخابات من مضمونه.

وتصدرت الكتلة الصدرية الانتخابات التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ 73 مقعدا، تلاها تحالف "تقدم" بـ 37، وائتلاف "دولة القانون" بـ 33، ثم الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بـ 31.

القوى الشيعية المنضوية في ما يعرف بالإطار التنسيقي (الجزيرة)

ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بخلاف بقية القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" الذي يطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان مثل الدورات السابقة.

وكان هذا الزعيم الشيعي أبدى استعداده مرارا للدخول في تحالف مع بقية القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" باستثناء زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، وهو ما ترفضه قوى "الإطار التنسيقي".

المصدر : وكالات