الصين دعت كل الأطراف إلى الهدوء.. روسيا تنفي نيتها غزو أوكرانيا وواشنطن تحذر من "مخاطر عالمية"

A view shows Russian BMP-3 infantry fighting vehicles during drills held by the armed forces of the Southern Military District at the Kadamovsky range in the Rostov region, Russia January 27, 2022. REUTERS/Sergey Pivovarov
رغم التحشيد العسكري الروسي الكبير على حدود أوكرانيا موسكو تنفي نيتها القيام بغزو (رويترز)

عبرت روسيا عن عدم تفاؤلها بأن الولايات المتحدة ستلبي مطالبها الأمنية الواسعة من أجل نزع فتيل الأزمة الأوكرانية، في حين استبعد مسؤول روسي إقدام بلاده على غزو الجارة الغربية.

وجاء ذلك بعد حديث أميركي عما وصفته بـ "المخاطر العالمية" إذا هاجمت روسيا أوكرانيا، أما كييف أكدت التزامها بالدبلوماسية، ولوحت بالرد بالمثل إذا قررت موسكو المواجهة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة لم ترد بـ "شكل حاسم" على كل بنود مقترحات الضمانات الأمنية.

وأضاف لافروف للصحفيين أن الرد الأميركي يتضمن مواقف تسمح ببدء حوار جدّي متعلق بقضايا ثانوية، ولكنه شدد على أنه لا يوجد رد إيجابي من قبل واشنطن إزاء القضية الأساسية في المقترحات الروسية، وهي مسألة عدم توسع حلف الناتو تجاه الشرق ونشر أسلحة هجومية يمكن أن تهدد الأراضي الروسية.

وقد سلّمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مساء أمس ردودهما إلى روسيا بشأن الضمانات الأمنية.

وأكد الوزير الروسي أن بلاده سترسل إلى واشنطن ودول غربية استفسارا عن أسباب تجاهل التزاماتها المتعلقة بعدم تجزئة الأمن، لافتا إلى أن "مضمون الرد الأميركي على مقترحاتنا بشأن الضمانات الأمنية سيُنشر قريبا في العلن".

وقال لافروف إن الرئيس فلاديمير بوتين سيتخذ قرارا بالخطوات اللاحقة بعد دراسة وتوافق الوزارات المعنية، بشأن الرد الغربي على المقترحات الروسية المتعلقة بالضمانات الأمنية التي طلبتها موسكو.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال إن بلاده قدمت ردها المكتوب إلى روسيا بشأن الضمانات الأمنية التي طالبت بها موسكو، وإن بلاده لن تنشر الرد علنا لأنها بحاجة إلى فتح مجال للدبلوماسية، على حد وصفه.

وقال البيت الأبيض إن أي عقوبات قد تفرضها الولايات المتحدة على روسيا عند غزوها أوكرانيا ستشمل المصالح الشخصية لبوتين والقيادة الروسية.

وكانت روسيا قد قدمت مقترحاتها بشأن الضمانات الأمنية والأمن في أوروبا لواشنطن أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وطالبت بتقديم رد خطي على مقترحاتها.

مخاطر عالمية

من جانبه، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي لنظيره الأميركي -في اتصال هاتفي اليوم- أن المخاوف الأمنية المنطقية لروسيا يجب أن تؤخذ على محمل الجد.

وأكدت الخارجية الصينية -في بيان- أن وانغ دعا، خلال المكالمة، كل الأطراف إلى الهدوء والامتناع عن تصعيد التوتر.

بدوره أكد بلينكن، لنظيره الصيني، أن عدوانا روسيا على أوكرانيا يهدد الأمن والاقتصاد العالمي، كما قال الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس.

وقال برايس إن الوزير "شدد على المخاطر الأمنية والاقتصادية العالمية التي يمكن أن يشكلها عدوان روسي جديد على أوكرانيا، وأكد أن خفض التصعيد والدبلوماسية هما السبيل المسؤول للسير قدما".

وتتهم واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون موسكو بالإعداد لغزو أوكرانيا بعد حشد 100 ألف جندي بالقرب من حدود جارتها، في حين تنفي روسيا أي خطة للغزو، لكنها تطالب حلف الناتو برفض عضوية أوكرانيا وهو طلب رفضه الغرب.

غير مقبولة

ووسط تبادل التهديدات بين روسيا والغرب، قال أليكسي زايتسيف نائب مدير الإعلام والصحافة بالخارجية الروسية إن بلاده أكدت مرارا أن فكرة اندلاع حرب بين الشعبين الروسي والأوكراني غير مقبولة.

وأوضح زايتسيف، في مؤتمر صحفي اليوم، أن روسيا لا تنوي القيام بعمل عسكري ضد أوكرانيا، مبينا أن ما وصفها بـ "القوى الخارجية التي تُسيّر أوكرانيا" تفكر بشكل مختلف.

جندي أوكراني على خط المواجهة قرب مدينة دونيتسك الخاضعة لسيطرة المسلحين الموالين لروسيا (الأوروبية)

وأشار المسؤول الإعلامي الروسي إلى أن الغرب يقوم بتصعيد الأوضاع في أوكرانيا، معربا عن أمله في أن تكفّ دول الناتو عن تأجيج الصراع شرق أوكرانيا أو التدخل في الشؤون الداخلية لكييف.

وأضاف أن توقف دول الناتو عن التدخل في شؤون أوكرانيا الداخلية سيمكّن الأطراف في هذا البلد من حل النزاعات القائمة عبر الحوار المباشر.

"سنرد بالمثل"

ومن الدانمارك، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا اليوم الخميس إن من المرجح أن تلتزم روسيا بالمسار الدبلوماسي في تعاملها مع أوكرانيا والغرب لمدة أسبوعين على الأقل بعد المحادثات التي عقدت في باريس لتهدئة الوضع.

وأضاف -في مؤتمر صحفي في مدينة كوبنهاغن بعد لقاء مع نظيره الدانماركي جيبي كوفود- أن "أعداد القوات الروسية قرب حدودنا تتزايد يوما بعد يوم، لكننا لن نسمح لبوتين بتحقيق أهدافه وسنواجه ذلك دبلوماسيا واقتصاديا".

وأكد كوليبا أن كييف لا تخطط لأي أعمال هجومية، وأنها ملتزمة بالدبلوماسية، ولكن إذا ما قررت روسيا المواجهة "فسنرد بالمثل".

تحشيد روسي

وعلى الأرض أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أكملت نقل مقاتلات "سوخوي 35" (SU-35S) المتطورة إلى بيلاروسيا ضمن عملية تفتيش وتدريب تنفذها القوات الجوية الروسية.

ونشرت الوزارة مقطع فيديو عبر موقعها الإلكتروني يوثق إعادة نشر المقاتلات المتطورة وهبوطها في مطارات المنطقة المركزية العسكرية، مشيرة إلى أن التدريبات العسكرية ستنفذ على مرحلتين حتى 20 من فبراير/شباط المقبل.

Russia sends air defense systems to Belarus for joint military drill
صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية لإقلاع طائرة سوخوي-35 مشاركة بالتدريبات العسكرية مع بيلاروسيا (الأناضول)

بدورها، قالت وزارة الدفاع البيلاروسية إن التدريبات المشتركة مع روسيا ذات طابع دفاعي ولا تمثل تهديدا لأوروبا ودول الجوار، وإن القوات الروسية ستغادر بعد انتهاء التدريبات.

وفي سياق متصل، دعا رئيس حزب روسيا الموحدة الحاكم الرئيس فلاديمير بوتين لتزويد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين بالإمدادات العسكرية الضرورية لكبح أي عدوان، حسب تعبيره.

وقال فيكتور فودولاتسكي نائب رئيس لجنة شؤون رابطة الدول المستقلة بمجلس الدوما إن أي هجوم من القوات الأوكرانية سيقابل بنقل أسلحة في غضون ساعات للقوات في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك.

من جهته، رحب دينيس بوشيلين رئيس جمهورية دونيتسك، المعلنة من طرف واحد جنوب شرق أوكرانيا، بالتصريحات الروسية بشأن إمكانية تزويد الانفصاليين في إقليم دونباس بدعم عسكري.

وأضاف أن لديه معلومات استخباراتية تفيد بوجود تعزيزات عسكرية للجيش الأوكراني بعيدا عن أعين مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

دعم كندي

من جهته، أعلن وزير الدفاع الأوكراني ألكسي رزينكوف تسلّم شحنة ثالثة من الأسلحة الأميركية تزن نحو 80 طنا، وتضم صواريخ جافلين المضادة للدبابات.

وفي كندا، قال رئيس الوزراء جاستن ترودو إن بلاده ستقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 340 مليون دولار كندي (حوالي 280 مليون دولار أميركي) من ضمنها تمديد وتوسيع مهمة التدريب للجيش الأوكراني للمساعدة في ردع الحرب وإحباط "غزو روسي محتمل".

وأضاف ترودو، خلال مؤتمر صحفي أمس، أن كندا سترسل قوات إضافية وستقدم أيضا دعما للأمن السيبراني، وستشارك المعلومات الاستخبارية مع كييف "حتى تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها".

على صعيد متصل، قالت مصادر إن الولايات المتحدة وحلفاءها يجرون محادثات لنشر مزيد من القوات في دول شرق أوروبا الأعضاء بحلف الناتو، في استعراض للدعم مع تزايد تهديد روسيا لأوكرانيا.

وساطة تركية

ومن جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس -في مقابلة تلفزيونية- إنه "سيكون من الحماقة أن تهاجم روسيا أوكرانيا".

وأضاف أردوغان أن موسكو إذا أقدمت على مثل هذه الخطوة، فإن بلاده "ستقوم بما يلزم باعتبارها أحد الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي".

وكشف أنه دعا الرئيس بوتين لزيارة تركيا في إطار اقتراح استضافة الجانبين لاعتماد طريق الدبلوماسية والسلام، مشيرا إلى أنه يتوقع ردا من موسكو.

المصدر : الجزيرة + وكالات