استعراض عضلات أم تحالف إستراتيجي؟.. هذه أهداف المناورات الإيرانية الصينية الروسية في المحيط الهندي

الجزيرة نت- يرى مراقبون في طهران أن المناورات البحرية المشتركة بين إيران والصين وروسيا لم ترتقِ إلى تحالف إستراتيجي، ولا تمهد لحضور دائم للقوات الروسية والصينية في المنطقة، إلا أنها تهدف لتوجيه رسائل سياسية معينة.

وتحت شعار "معا من أجل الأمن والسلام" بدأت البحرية الإيرانية صباح الجمعة المرحلة الأساسية من مناورات "الحزام الأمني البحري 2022" بمشاركة نظيرتيها الصينية والروسية، على مساحة 17 ألف كيلومتر شمالي المحيط الهندي وخليج عُمان.

وتشارك في المناورات 11 قطعة بحرية من الجيش الإيراني و3 قطع أخرى تابعة لبحرية الحرس الثوري، إلى جانب الأسطول الروسي الذي شارك بـ 3 قطع بحرية، أما الصين فقد شاركت بقطعتين، وفق المتحدث باسم المناورات الأدميرال مصطفى تاج الدين.

وقال تاج الدين إن هذه المناورات هي الثالثة التي تنفذها هذه الدول منذ 2019، وستواصلها في المستقبل، مؤكدا أن هدفها ضمان الأمن والاستقرار، وتعزيز التعاون بينها، وإظهار قدرتها على حماية أمن الملاحة البحرية.

ثالوث شرقي

يعتبر الباحث الإيراني في الشؤون الأمنية والعسكرية، حسين دليريان، التدريبات المشتركة الجارية حلقة من التقارب العسكري بين إيران وروسيا والصين خلال السنوات الماضية، موضحا أن التعاون العسكري بين "الثالوث الشرقي" في تزايد مستمر.

وأكد دليريان، للجزيرة نت، أن التعاون العسكري يشكل جزءا أساسيا في المعاهدات الإستراتيجية بين طهران وبكين وموسكو، وينص أحد بنود المعاهدة الإيرانية الصينية على نقل التجارب العسكرية الصينية بما فيها تدريب القوات الإيرانية.

ولعل "معارضة الأحادية الغربية في العالم" تعتبر كلمة السر التي يجتمع من أجلها هذا الثالوث العسكري سنويا للقيام بخطوة عملية لمواجهة هذه الأحادية، وفق دليريان الذي يرى أن دول الشرق الأوسط تحمّلت الويلات جراء السياسات الغربية، على حد قوله.

أهداف ورسائل

ولدى إشارته إلى أن بعض القوى الشرقية مثل روسيا لم تكن في مأمن من تداعيات الأحادية الغربية بالمنطقة، قال الباحث العسكري "مناورات الحزام الأمني البحري السنوية جاءت لتضع حدا للعبث الغربي بالمنطقة ولضمان الملاحة البحرية في المحيط الهندي".

وأضاف الباحث أن أهمية هذه المناورات تأتي من مساحة المنطقة التي تجري عليها التدريبات وموقعها، إذ إن قسما كبيرا من الطاقة والصادرات البحرية الأخرى تمر عبر المياه الخليجية ومضيق هرمز مرورا بالمحيط الهندي ومنطقة المناورات تحديدا.

وعما إذا كانت المناورات تهدف لتوجيه رسائل بعينها إلى الأطراف الإقليمية والدولية، قال دليريان إن المناورات الجارية تطمئن الجوار بعزم الثالوث الشرقي لبسط الأمن والاستقرار في المياه الدولية القريبة منها، وإن المناورات تطبيق عملي لدعوة إيران الدائمة للجوار بضرورة التعاون لضمان الملاحة البحرية بالمنطقة.

أما بخصوص القوات الأجنبية في المياه الإقليمية، فيعتقد الباحث العسكري أنها في طريقها لمغادرة المنطقة عاجلا أم آجلا، وأن إيران ستمسك بزمام المبادرة لإحلال الأمن في المياه الإقليمية، لا سيما مضيق هرمز والمياه الخليجية، بمشاركة دول المنطقة.

هل هو تحالف إقليمي؟

وفي ضوء مطالبة طهران القوات الدولية بمغادرة المياه الخليجية، يرى الباحث العسكري مهدي بختياري أن استضافة إيران للمناورات المشتركة لا تعني حث الصين وروسيا للحضور الدائم في منطقة المناورات لاسيما المياه الخليجية.

وفي حديث للجزيرة نت، شدد بختياري على أن إيران ترى أي حضور أجنبي دائم في المنطقة -سواء كان غربيا أو شرقيا- محاولة لزعزعة أمنها، وأن هذه المناورات تجدد التأكيد الإيراني بضرورة تشكيل تحالف إقليمي لضمان الملاحة البحرية في المياه الخليجية.

وقال أيضا "التحالف العسكري الإيراني الصيني الروسي لم يرتق للتحالف الإستراتيجي بعد" وأوضح أن المناورات تجري بشكل دوري ومخطط لها مسبقا، ولا علاقة لها بالتحالفات الإيرانية الأخيرة مع كل من الصين وروسيا، وهي ليست موجة ضد أي جهة معينة، لكنها لا تخلو من رسائل سياسية عن عمق العلاقات السياسية بين هذه الدول.

مهمة رئيسية

وأوضح الباحث العسكري بختياري أن المهمة الرئيسية للمناورات الجارية للتنسيق المشترك والاستعداد لمواجهة القرصنة البحرية، وإنقاذ السفن العالقة في أعالي البحار، وضمان الملاحة البحرية، إلى جانب رفع جاهزية القوى البحرية وإيصال المساعدات الإنسانية.

أما عن جغرافيا المناورات، فيعتقد بختياري أنها اختيرت بعناية فائقة بالقرب من المثلث الذهبي، أي كل من المضايق الإستراتيجية: مضيق هرمز في المياه الخليجية، ومضيق باب المندب بخليج عدن، ومضيق مالاكا جنوب شرق آسيا.

وخلص إلى أن مناورات الحزام البحري الدورية ستستمر الأعوام المقبلة دون أدنی شك، وأنها ستساهم في ضمان الملاحة والتجارة البحرية والتعاون المعلوماتي بين الدول الثلاث.