بعد كلمة الرئيس.. أربعة أحزاب تونسية ترفض تمديد العمل بالإجراءات الاستثنائية

المئات من التونسيين خرجوا السبت الماضي تنديدا بما سموه الانقلاب على الدستور (الجزيرة)

أعلنت 4 أحزاب تونسية أمس الثلاثاء رفضها تعليق العمل بالدستور أو تمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق، محذرة من أن هذا الوضع يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد.

وتعاني تونس أزمة سياسية حادة منذ أن قرر رئيسها قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز الماضي إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة.

وأمس الثلاثاء، التقى الأمناء العامون لأحزاب "التيار الديمقراطي" (اجتماعي ديمقراطي: 22 نائبا من أصل 217) و"أفاق تونس" (ليبرالي: نائبان) و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" (اجتماعي ديمقراطي: بلا نواب) و"الجمهوري" (وسط: بلا نواب) مع الأمين العام لاتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية) نور الدين الطبوبي بمقر الاتحاد في العاصمة، وفق بيان للحزب "الجمهوري".

 

 

قلق بالغ

وعبّرت الأحزاب الأربعة، وفق البيان، عن "قلقها البالغ إزاء استمرار الغموض والدفع بالأوضاع نحو مزيد التصعيد والتشنج، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى تعاطي هادئ مع تداعيات الأزمة التي باتت تهدد مؤسسات الدولة بالشلل التام".

وأفادت بـ"رفضها لكل الدعوات الصريحة والمقنعة لتعليق العمل بالدستور أو لتمديد العمل بالتدابير الاستثنائية دون أفق"، محذرة من أن هذا الوضع "يكرّس الحكم الفردي ويهدد بعودة الاستبداد".

ودعت إلى "الإسراع بتكليف رئيس حكومة لمواجهة الملفات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية، والقطع مع كل سلبيات الإدارة السابقة لمؤسسات الحكم".

وأول أمس الاثنين، أعلن سعيد، في خطاب من ولاية سيدي بوزيد (وسط)، أن "العمل بالتدابير الاستثنائية سيتواصل، وتم وضع أحكام انتقالية (دون توضيح)، مع المحافظة على كل ما ورد في الدّستور"، في إشارة إلى بداية التجهيز لسن قوانين انتقالية وتعديل القانون الانتخابي.

وأعلنت حركة النهضة، صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائبا، عبر بيان أمس الثلاثاء رفضها توجّه سعيد إلى إقرار "أحكام انتقالية"، معتبرة أنه مصمم على إلغاء الدستور، ومحذرة من "تفكك الدولة" في حال استمرار العمل بتدابيره الاستثنائية.

ورفضت غالبية الأحزاب هذه التدابير، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، في حين أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).

blogs المرزوقي
المرزوقي اعتبر أن الرئيس سعيد منقلب ولا يمكن وصفه إلا بذلك (رويترز)

سقوط الشرعية

من جانبه، قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إن إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن وجود أحكام انتقالية هو إعلام بنهاية الدستور، وهو ما يعني سقوطَ شرعية الرئيس نهائيا ووجوبَ عزله ومحاكمته، حسب قوله.

جاء ذلك في كلمة توجه بها المرزوقي، مساء أمس الثلاثاء، للشعب التونسي، بثتها صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" (Facebook).

وقال المرزوقي إن "حديث سعيد عن وضع الأحكام الانتقالية يعني إلغاء الدستور، وهو ما يعني الذهاب في سن قوانين على المقاس، وحالما تصدر هذه الأحكام سيتحكم (سعيد) في مصيرنا، وسيكون ذلك اعترافا صريحا بموت الدستور".

وجدّد المرزوقي التأكيد على أن "سعيد منقلب ولا يمكن وصفه إلا بذلك، وشرعيته متآكلة وستنتهي، ويصبح عزل الرجل وإحالته على المحاكمة هو وكل من ساهم في مأساة تونس قضية مطروحة بكل جدية".

المحامي التونسي سيف الدين مخلوف (مارس/اذار 2015 في احد نزل العاصمة تونس)
النائب سيف الدين مخلوف من ائتلاف الكرامة (الجزيرة)

سجن ومخاوف

في سياق متصل، قالت محامية ومصدر رسمي إن قاضيا عسكريا تونسيا أمر أمس الثلاثاء بسجن نائبين من ائتلاف الكرامة المعارض للرئيس سعيد.

وكان الرئيس التونسي قد رفع الحصانة عن نواب البرلمان وجمّد أعماله وعزل رئيس الحكومة ضمن إجراءات استثنائية وصفها خصومه بأنها انقلاب، في حين قال سيعد إنها كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار والتفكك.

وأصدر قاض بالمحكمة العسكرية بطاقة إيداع بالسجن بحق سيف الدين مخلوف ونضال السعودي القياديين بائتلاف الكرامة.

وقالت المحامية إيناس حراث إن القاضي أمر بسجن السعودي بدعوى الاعتداء على رجال الأمن في مطار تونس قرطاج منذ شهور.

وقال بيان للقضاء العسكري إن مخلوف وجّه تهديدا للقضاة العسكريين أثناء وجوده في المحكمة.

وأورد موقع "باب نات" الإخباري الخاص أن قاضي التحقيق العسكري أصدر مساء أمس الثلاثاء بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامي والنائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، وتم تعيين موعد 30 سبتمبر/أيلول الحالي لاستنطاقه في قضية تعلقت بأحد القضاة العسكريين رفعها.

وإذا تم سجن سجن السعودي ومخلوف، يرتفع عدد النواب المسجونين إلى 5. ودافع سعيد عن تدخله ورفض الاتهامات بالانقلاب وتعهد بدعم الحقوق.

وطالبت جماعات حقوقية بالإفراج عن عضو البرلمان ياسين العياري، وانتقدت استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين. كما أعربت عن قلقها إزاء حظر السفر على عشرات الأشخاص.

المصدر : الجزيرة + وكالات