قوانين انتخابية متباينة في ليبيا تشعل الخلاف حول انتخابات الرئاسة

بينما حلّ الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية المختلفة -الموقّع عام 2015- مسألة قوانين الانتخابات وجهات اختصاصها؛ لجأ مجلسا الدولة والنواب إلى تبني قوانين مختلفة، خاصة ما يتعلق بشروط المرشح للرئاسة، وشكل مجلس الأمة، ومقر السلطة التشريعية.

المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يقر قانوني الانتخابات الرئاسية والتشريعية
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا تبنى قاعدة دستورية نصت على تشكيل مجلس للأمة يتكون من غرفتين (الجزيرة)

طرابلس- تبنّى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مشروع قاعدة دستورية لتجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام الجاري، في حال تعذّر الاستفتاء على مشروع الدستور.

وجاء إقرار المجلس هذه القاعدة -مع قوانين وإجراءات متعلقة بالانتخابات- عقب جلسة عُقدت أمس الأحد في طرابلس للتصويت على قانون انتخاب رئيس الدولة القادم وقانون السلطة التشريعية المكونة من غرفتين للنواب والشيوخ.

وكان المجلس الأعلى يتمسك بإجراء استفتاء شعبي على مسودة دستور يتم تنظيم الانتخابات وفقا له، ويرفض سعي مجلس النواب -برئاسة عقيلة صالح- إلى إقرار قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.

غير أن مراقبين ليبيين يعتقدون أن إجراء استفتاء على مسودة الدستور غير ممكن لضيق الوقت، ويدعمون تنظيم الانتخابات وفقا لقاعدة دستورية، على أن يؤجّل الاستفتاء لما بعدها.

وفي صورة تعكس التنازع بين جهات تبني القوانين وإصدارها في ليبيا، أحال رئيس مجلس النواب (وهو مقرب من اللواء المتقاعد خليفة حفتر) قانون انتخاب رئيس الدولة وتحديد مهامه، وشروط وإجراءات الترشح والاقتراع إلى المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا وجهات الاختصاص في البلاد.

ورفض رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قانون انتخاب رئيس الدولة الصادر من مجلس النواب، مؤكدا أنه صدر بطريقة غير توافقية، واتهم رئيس مجلس النواب بتجاوز "الاتفاق السياسي".

ويعود هذا الاتفاق إلى ديسمبر/كانون الأول 2015، ويسمّى أيضا "اتفاق الصخيرات" تبعا لتوقيعه في مدينة الصخيرات المغربية، ووقعت عليه أطراف الصراع في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.

 

ما القوانين التي تبناها المجلس الأعلى للدولة؟

أعدت لجنة صياغة قانون الانتخابات بالمجلس الأعلى للدولة وثيقة تتألف من 63 مادة، تتشكل منها قاعدة دستورية تنص على تشكيل مجلس للأمة يتولى مهام السلطة التشريعية في ليبيا مكوّن من غرفتين: مجلس النواب ومقره طرابلس، ويتألف من 240 عضوا، ومجلس الشيوخ ويتكون من 78 عضوا. وتنص أيضا على انتخاب رئيس للدولة يمارس المهام التنفيذية.

ووضع المجلس شروطا لقبول ترشح أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، منها أن يكون المرشح ليبيًّا مسلما، وألا يحمل جنسية أخرى، ولا يقل عمر المرشح لمجلس الشيوخ عن 40 سنة.

وتضم الوثيقة في بنودها شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، ومنها: "ألا يقل عمره عن 40 سنة يوم الترشح، وأن يكون مسلما ليبي الجنسية لوالدين مسلمين ليبيين، ولا يحمل جنسية أخرى، وألا يكون محكوما عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو رُدّ إليه اعتباره".

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق الذي أقر شروطا تسمح بترشح العسكريين لرئاسة الدولة (الجزيرة)

ما القوانين المختلف عليها بين المجلسين؟

يخالف مجلس الدولة بطرابلس مجلس النواب في طبرق في شروط ترشح رئيس الدولة؛ إذ يمكّن قانون مجلس النواب العسكريين من الترشح لمنصب الرئيس، "شرط التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بـ3 أشهر"، و"إذا لم يُنتخب يعود إلى سابق عمله".

في حين تشترط قوانين المجلس الأعلى للدولة على المترشح للرئاسة أو لعضوية مجلس الأمة ألا يكون من أفراد المؤسسة العسكرية، وأن يمضي عامان على الأقل على انتهاء خدمته.

وتبرز خلافات أخرى بين المجلسين؛ فقد ذهب المجلس الأعلى للدولة إلى تكوين مجلس للأمة بغرفتين؛ نواب وشيوخ، في حين ذهب مجلس النواب إلى تشكيل جسم تشريعي واحد. إضافة إلى الإشكاليات بشأن مقر السلطة التشريعية الجديدة بين طرابلس وبنغازي.

المجتمع الدولي يتجه نحو إجراء انتخابات رئاسية بليبيا
من المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية بليبيا في ديسمبر/كانون الأول القادم (الجزيرة)

ما الخلافات والتحديات بشأن إجراء الانتخابات المقبلة؟

يرى عضو المجلس الأعلى للدولة فتح الله السريري أن حل الخلاف بين المجلسين يكون بتشكيل لجنة مشتركة للتوافق حول القوانين الانتخابية.

ورأى السريري -وهو أيضا رئيس لجنة صياغة قانون الانتخابات بالمجلس- أن المرحلة الأهم هي التوافق بين مجلسي النواب والدولة على القوانين وإصدارها وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات، بالتنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات، والعمل الجاد مع حكومة الوحدة الوطنية.

وأضاف السريري للجزيرة نت أن إقرار هذه القوانين من المجلس الأعلى للدولة يأتي ضمن اختصاصه ووفقا للاتفاق السياسي، "ودفعا لتهمة أن مجلس الدولة ضد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم".

وأكد أن التحديات التي تواجه الانتخابات الرئاسية والتشريعية تكمن في سَنّ قواعد توافقية وتهيئة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للاستحقاق المقبل، لأن فقدان التوافق بين الأطراف الليبية والإقليمية والدولية يجعل إجراء الانتخابات حلما يصعب تحقيقه.

ما أدوار مجلسي النواب والدولة ومفوضية الانتخابات في قوانين الانتخابات؟

يرى عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن الاتفاق السياسي حلّ إشكال إصدار القوانين الخاصة بالانتخابات، بنصه على أن إعدادها منوط بمجلسي النواب والدولة بالمشاركة، ومن خلال لجان مشتركة للتوافق بشأن هذه القوانين.

واعتبر دبرز أن ذهاب عقيلة صالح منفردا في قانون انتخاب الرئيس دفع مجلس الدولة هو الآخر إلى تشكيل لجنة اقترحت قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وصرح دبرز للجزيرة نت بأن مجلس الدولة سيرسل إلى مجلس النواب مقترح القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تبنّاها، من أجل النظر في أية تعديلات، والتوافق عليها قبل اعتمادها بالكامل، إضافة إلى مراسلة المفوضية العليا للانتخابات، التي يقتصر دورها على الجانب الفني لتنفيذ العملية الانتخابية.

المصدر : الجزيرة