هل ثمة ارتدادات على قضيتهم.. تطورات أفغانستان كيف قرأها الفلسطينيون؟

يرى معلقون فلسطينيون فروقا بين الحالتين الفلسطينية والأفغانية في حين لم يستبعد آخرون ارتدادات أحداث أفغانستان على المشهد الفلسطيني

Taliban forces patrol in Kabul
مقاتلون من طالبان في أحد شوارع كابل بعد سيطرتهم عليها (رويترز)

رام الله- حين سيطرت حركة طالبان الأفغانية على العاصمة كابل، كتب الناشط الفلسطيني هشام الشرباتي على حسابه بفيسبوك: ننتظر تعليق هؤلاء على انتصار طالبان وهم حزب التحرير، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان.

علق صديقه نسيم رجبي: "أعتقد أنهم يراقبون ما تصنع طالبان"، وتساءل "هل تثبت أنها حركة إسلامية أم أداة استعمارية؟".

 

 

المنشور والتعليق عليه جزء من حالة سجال ونقاش فلسطيني بدأ مع الإعلان عن سيطرة حركة طالبان الأفغانية على العاصمة كابل دون أن ينتهي.

وأثرت التجاذبات الحزبية على الساحة الفلسطينية في تشكيل الرأي والموقف إزاء ما يجري هناك: ففريق يرى فيه زوالا للاحتلال وهذا أيضا يمثله الموقف الرسمي، وآخر يراه استبدالا لأدوات الحكم.

ورغم 20 عاما من الاحتلال الأميركي للبلاد وإنفاق مئات المليارات من الدولارات، تمكنت حركة طالبان خلال أسابيع من السيطرة على البلاد، ودخول العاصمة كابل منتصف أغسطس/آب الجاري.

Chairman of Hamas Political Bureau Ismail Haniyeh in Beirut
إسماعيل هنية: زوال الاحتلال عن التراب الأفغاني مقدمة لزوال كل قوى الظلم، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي ( الأناضول)

ردود فلسطينية: الاحتلال إلى زوال

لم يتأخر المستوى الرسمي الفلسطيني عن التعليق على الحدث، إذ قالت الرئاسة الفلسطينية في اليوم التالي لدخول حركة طالبان كابل إن ما حدث في أفغانستان، وقبلها في فيتنام "يؤكد أن الحماية الخارجية لأية دولة لن تجلب لها السلام والأمن".

وأضافت أن "الدرس الذي يجب أن تستوعبه إسرائيل هو أن الأوضاع لم تعد تحتمل" وأن "الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية لن يدوم وسيزول".

وخلال اتصال هاتفي، هنأ رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية حركة طالبان "بزوال الاحتلال الأميركي عن أفغانستان".

وقال هنية إن "زوال الاحتلال (الأميركي) عن التراب الأفغاني مقدمة لزوال كل قوى الظلم، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي عن أرض فلسطين".

بشارات: فروقات موضوعية

رحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان بعد 20 عاما من المكوث والإنفاق والتدريب والتسليح يطرح تساؤلات عن تأخر رحيل الاحتلال الإسرائيلي، وارتدادات الحدث الأفغاني على القضية الفلسطينية، والدروس المستفادة.

يرى مدير مركز "يبوس" للدراسات الباحث سليمان بشارات، فروقا بين الحالتين الفلسطينية والأفغانية، مكّنت حركة طالبان من العودة إلى المشهد، وجعلت عمر الاحتلال الأميركي لأفغانستان أقصر من عمر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت: "هناك اختلاف من حيث التركيبة الداخلية: حركة طالبان متماسكة ضد الاحتلال الأميركي، ولديها الخطة والجهوزية النضالية، في حين تفتقد الحكومة الأفغانية للقاعدة الشعبية".

أما فلسطينيا، فيقول بشارات إن القضية "تتنازعها فصائل مشتتة من حيث البرامج والرؤى والأهداف، وحتى الموقف من الاحتلال".

من هنا، يقول بشارات إن حركة طالبان استخدمت السلاح لمقاومة الوجود العسكري الأميركي قبل وخلال خوضها المفاوضات مع الولايات المتحدة، بينما ألقت فصائل فلسطينية سلاحها واعترفت بواقع الاحتلال وتتعايش معه، والأخيرة لها تيار شعبي.

ويشير المحلل الفلسطيني إلى فارق آخر "فالاحتلال الأميركي كان عسكريا حاضنته الشعبية وراء البحار، بينما الاحتلال الإسرائيلي استيطاني إحلالي عقائدي حاضنته في ذات الأرض والمعركة معه عليها".

مع ذلك يضيف أن الدرس الأساسي الذي على الفلسطينيين تعلمه أن "الاحتلال بكافة أشكاله لا يمكن أن يبقى، إن توفرت الإرادة وسبل المواجهة، وحُرم الاحتلال من التعايش مع الواقع الموجود فيه".

 

 

لا جدوى من مفاوضات بلا مقاومة

عن ارتدادات، أحداث أفغانستان على المشهد الفلسطيني، يرى الكاتب السياسي الدكتور تيسير عمرو أن "العالم قرية صغيرة، وما يحدث في منطقة يؤثر في أخرى".

مع ذلك لا يتوقع ارتدادات سريعة، بل "مدخلات لاستنهاض الخط الداخلي (في فلسطين) ومراجعة النفس".

يوضح عمرو، أن قادة في الهرم السياسي على قناعة بأن إسرائيل لن تعطيهم شيئا "مما يستدعي مراجعة شاملة، واستنهاض منظمة التحرير الفلسطينية، وإحياء مؤسساتها".

ويدعو الكاتب الفلسطيني إلى "التوقف عن معاملة فلسطين من المنظور الإداري والحياتي، واستنهاض المنظمة بما يضمن خروجها عن  دائرة التأثير الإسرائيلي المباشر".

يلفت عمرو إلى تضاعف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ مؤتمر أوسلو 1993 واقتصار المنظمة على المفاوضات كخيار لتحرير فلسطين.

ويجزم الكاتب بأن "الشعوب التي تقاتل وتقاوم هي التي تستطيع تحقيق الأهداف".

 

 

ويزيد: "أما إذا استبعدت خيار المقاومة، ولجأت للمفاوضات فقط، فهذا لا يؤدي إلى التحرير، أو تحقيق الأهداف خاصة عندما تكون المعركة مع حكومة عنصرية متطرفة".

والأربعاء الماضي، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن  وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري حاول في الأعوام 2013-2014، إقناع رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك بنيامين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون بأن يوافقا على حل في الضفة الغربية على طريقة الحل في أفغانستان.

ووفق الصحيفة، بموجب الحل تقوم الولايات المتحدة بتأهيل الأمن الفلسطيني والاعتماد على قواتها وقوات من حلف الناتو، إلا أن نتنياهو رفض هذا الطرح.

المصدر : الجزيرة