مع توسع طالبان باتجاه حدود باكستان.. إسلام آباد قلقة من تدفق اللاجئين وواشنطن تؤكد إجلاء المتعاونين هذا الشهر

قوات الحكومة في قندهار التي تشهد معارك مع طالبان (رويترز)

تواصل حركة طالبان توسعها حيث سيطرت اليوم الأربعاء على معبر حدودي مع باكستان، مما دفع الأخيرة للإعراب عن قلقها، كما توالت الدعوات الدولية لوقف القتال واستئناف الحوار، بينما أكدت واشنطن للجزيرة أنها ستجلي المتعاونين قبل نهاية الشهر الجاري.

وقال مراسل الجزيرة إن مظاهر التأهب الأمني الباكستاني تظهر بوضوح على طول الحدود، وتحديدا عند معبر "تشمن" الحدودي الذي سيطرت عليه طالبان صباح اليوم.

وأضاف أن حكومة باكستان لم تعلن بعد عن موعد فتح المعابر، مما يثير حفيظة السكان الذين يحتاجون إلى التنقل.

ويعدّ المعبر أحد المعابر الرئيسة بين ولاية قندهار الأفغانية وإقليم بلوشستان غربي باكستان، وكانت تمر منه معظم مواد الدعم اللوجستي الخاصة بالقوات الدولية العاملة في أفغانستان خلال العقدين الماضيين.

وتُظهر صور التُقطت بهاتف محمول مجموعة من مقاتلي طالبان يقفون قبالة البوابة الحدودية، في حين شوهد جنود من قوة حرس الحدود الباكستانية على الجانب الآخر.

ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر أمني أن مقاتلي طالبان لا يزالون يشتبكون حاليًّا مع الجيش الأفغاني في بلدة "سبين بولدك"، المحاذية لمعبر "تشمن".

وسبق أن أعربت باكستان عن خشيتها من اندلاع حرب أهلية في أفغانستان بسبب تدهور الوضع الأمني هناك؛ مما قد يجبر مزيدا من المدنيين الأفغان على اللجوء إلى دول الجوار.

وأضافت أن عمليات اللجوء الأفغانية المستمرة منذ 42 عاما إلى باكستان، واضطراب الأوضاع الحالية هناك ينذر بتفاقم المأساة، خاصة مع انتشار وباء كورونا.

وفي سياق متصل، أكدت السلطات الطاجيكية أن 347 أفغانيا، نصفهم من الأطفال، نزحوا إلى طاجيكستان في اليومين الأخيرين قادمين من ولاية بدخشان التي تشهد معارك عنيفة.

والأسبوع الماضي، لجأ نحو ألف جندي أفغاني إلى طاجيكستان بعد معارك مع طالبان، مما دفع رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن للتوجيه باستنفار 20 ألفا من عناصر الاحتياط لتعزيز الحدود.

A man holding a gun speaks as an Islamic Emirate of Afghanistan flag flutters in front of the friendship gate of Afghanistan and Pakistan at the Wesh-Chaman border crossing
صورة من مقطع مصور بالهاتف لعناصر طالبان عند المعبر (رويترز)

إجلاء المتعاونين

في موضوع آخر، قالت وزارة الخارجية الأميركية للجزيرة إن إجلاء المتعاونين الأفغان مع القوات الأميركية وعائلاتهم سيبدأ أواخر الشهر الحالي، مضيفة أن العملية التي أطلق عليها اسم "ملجأ الحلفاء" ستركز على تسهيل رحلات طائرات مدنية لنقل المتعاونين الأفغان وعائلاتهم إلى دولة ثالثة إلى حين صدور تأشيراتهم لدخول الأراضي الأميركية.

وأوضحت وزارة الخارجية -في تصريحات خاصة بالجزيرة- أن من سيقود العملية هي السفيرة تريسي جاكوبسون التي ترأست في السابق البعثة الأميركية في كل من طاجيكستان وتركمانستان وكوسوفو.

كما اعتبرت وزارة الخارجية أن إعدام مسلحي طالبان أفرادا من القوات الأفغانية بعد استسلامهم أمر "مقزز وشائن للغاية".

وأضافت الخارجية الأميركية أن المفاوضات الأفغانية في الدوحة والمسار الدبلوماسي هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام.

بالمقابل، قال المتحدث باسم طالبان إن تقرير شبكة "سي إن إن" عن إعدام الحركة عناصر من القوات الأفغانية بعد استسلامهم غير صحيح.

ومن ناحيتها، قالت وزارة الدفاع (بنتاغون) "حددنا مواقع محتملة خارج الولايات المتحدة لاستقبال المتعاونين الأفغان نهاية الشهر الجاري".

وأضافت الوزارة أنها تبحث إمكانية استخدام قواعد عسكرية على الأراضي الأميركية لاستقبالهم، مشيرة إلى أن بعض المواقع المحتملة هي منشآت تابعة لها.

بدوره، انتقد الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، في مقابلة مع قناة "دويتشه فيله" الألمانية، انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أفغانستان، معتبرا أنه "خطأ" ستعاني منه "النساء والفتيات الأفغانيات".

وقال الرئيس الأسبق الذي أرسل القوات الأميركية إلى أفغانستان خريف 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، إن النساء والفتيات "سيتركن ليُذبحن من قبل هؤلاء الوحوش وهذا يحزنني".

السلام والحوار

وفي بيان صدر اليوم، دعت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان أطراف النزاع إلى إعلان وقف إطلاق النار تزامنا مع عيد الأضحى، معتبرة أن ذلك سيسهم في دفع عملية السلام إلى الأمام.

وأعربت البعثة عن قلقها المتزايد إزاء ما وصفته بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان، كما شددت على دعمها مطالب الشعب الأفغاني والحكومة بتحقيق السلام والاستقرار.

من ناحيتها، دعت "منظمة شنغهاي للتعاون" أطراف النزاع في أفغانستان إلى الامتناع عن استخدام القوة، مشددة على أنه لا بديل عن تسوية الوضع من خلال الحوار السياسي بمشاركة جميع المجموعات العرقية.

وشددت المنظمة، في بيان مشترك لوزراء الخارجية عقب اجتماعهم في العاصمة الطاجيكية دوشنبه، على أن استقرار أفغانستان وازدهارها من أهم مقومات ضمان الأمن في المنطقة.

وأكد البيان أن الدول الأعضاء في المنظمة مستعدة لمواصلة تطوير التعاون مع أفغانستان في مكافحة التهديدات الأمنية، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والجرائم المتعلقة بالمخدرات بجميع أشكالها.

'Russia, US preparing Taliban list for sanctions lift'
كابولوف: طالبان ستخسر كثيرا إذا هددت أمن حلفاء موسكو (الأناضول)

تحذير روسي

من جهة أخرى، حثت وزارة الخارجية الروسية طرفي الأزمة في أفغانستان على بدء مفاوضات جدّية لتشكيل حكومة ائتلافية انتقالية قبل فوات الوقت، حسب تعبيرها.

وفي سياق متصل، حذر المبعوث الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف، طالبان من القيام بأي خطوات تضر بمصالح حلفاء موسكو في آسيا الوسطى، وأضاف أن الحركة ستخسر كثيرا إذا هددت أمن حلفاء موسكو، حسب قوله.

وأعرب كابولوف عن قلق موسكو إزاء إمكانية استغلال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الفوضى الناجمة عن تجدد الأعمال القتالية شمالي أفغانستان، محملا الحكومة الأفغانية مسؤولية بقاء نحو 4 آلاف مسلح تابع للتنظيم هناك.

ورأى كابولوف أن "نجاحات طالبان" تحرم تنظيم الدولة من إمكانية امتلاك الأرضية لشنّ هجمات في بلدان آسيا الوسطى، حسب قوله.

وزار وفد من حركة طالبان موسكو الأسبوع الماضي، سعيا لطمأنة روسيا بأن الحركة لن تسمح باستخدام البلاد قاعدة لمهاجمة الآخرين.

المصدر : الجزيرة + وكالات