"أمن الدولة" الأردنية تطوي الملف القانوني لقضية الفتنة.. فهل أغلقت شقها السياسي؟

يرى مراقبون أن القضية في شقها السياسي ما زالت مفتوحة ولم تطو فصولها بعد، خاصة أنها شكلت صدمة للمجتمع الأردني عند الإعلان عن تفاصيلها في أبريل/نيسان الماضي

عمّان – بصدور أحكام محكمة أمن الدولة العسكرية، الخاصة بحق المتهمين رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، في ما يعرف بالأردن بـ "قضية الفتنة"، تكون القضية طويت في شقها القانوني.

لكن القضية في شقها السياسي، وفق محللين، ما زالت مفتوحة ولم تطو فصولها بعد، خاصة أنها شكلت صدمة للمجتمع الأردني عند الإعلان عن تفاصيلها في أبريل/نيسان الماضي، وبقي الكثير من الأسئلة مفتوحة لم يجد الأردنيون إجابات شافية لها.

وقوف عوض الله خلف القضبان وببدلة السجن الزرقاء، أشعر الرأي العام الأردني بجدية المحاسبة في قضية الفتنة، وقد طوت الأحكام الصادرة بحقه أي دور سياسي له في المستقبل.

وقضت محكمة أمن الدولة العسكرية صباح اليوم على المتهمين عوض الله وبن زيد بالسجن 15 عاما مع الأشغال المؤقتة، بعدما ثبت لها أن ما قاما بفعله "مشروع إجرامي، ويحقق رغبات داخلية خاصة بالمتهمين، ويستهدف نظام الحكم القائم، وبيانات القضية أثبتت قناعة المحكمة بالجرم".

التمييز ضمانة إضافية

وزير العدل السابق بسام التلهوني قال للجزيرة نت إن الأحكام، التي أصدرتها محكمة أمن الدولة العسكرية اليوم، جاءت بعدما ثبت لها بالبيّانات والأدلة المقدمة لها من قبل النيابة العامة التورط بالجرم والأفعال والتهم المسندة، وهذه الأفعال تعتبر من جرائم الجنايات، والحكم فيها يصل إلى 20 عاما، لكن المحكمة أخذت بالحكم 15عاما، وهو أقل مما كان متوقعا.

وتابع أن أمام وكلاء المتهمين الطعن بالأحكام أمام محكمة التمييز، وهي مستقلة تنظر بالأدلة والبيّنات التي استندت إليها المحكمة في الحكم الذي أصدرته بصفتها محكمة موضوع، وذلك خلال 30 يوما من وقت تقديم الطعن من قبل وكلاء المتهمين.

وتعتبر محكمة التمييز ضمانة إضافية للمحاكمين أمام محكمة أمن الدولة، ويحق للوكلاء الطعن بأحكام المحكمة من خلال تقديم طعون تتضمن بيّنات وأدلة تناقض الأحكام الصادرة بحق المهتمين، وتنظر محكمة التمييز بهذه الطعون وبيّنات الوكلاء وبعدها تتخذ قرارها، إما بفسخ حكم المحكمة، وإما بالمصادقة عليه.

First session of 'sedition' trial begins in Jordan
محكمة أمن الدولة الأردنية (الأناضول)

القضية لم تغلق

سياسيا، ترى المحللة السياسية والكاتبة لميس أندوني أن ملف قضية الفتنة في الأردن لم ينته بهذه الأحكام على هذين المتهمين، لأن القضية بالأصل خلاف بين الملك عبد الله الثاني وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة بن الحسين، وهذا الخلاف لم يطو بعد.

وأضافت -في حديث للجزيرة نت- أن الأحكام الصادرة للمتهمين تشكل إدانة ضمنية للأمير حمزة الذي ورد تورطه في لائحة اتهام القضية، وهو جزء رئيسي من عملية التحريض التي تمت على نظام الحكم، ويعتقد البعض في مراكز صنع القرار أنه تم حرق ورقة الأمير شعبيا، ولن يعود له أي قبول في المستقبل.

وشككت أندوني بالأدلة والبيّنات التي اعتمدت عليها محكمة أمن الدولة العسكرية الخاصة في أحكامها، وتابعت "نحن نعلم أن باسم عوض الله مواطن يحمل الجنسية الأميركية ولو قام وكيل دفاع برفع قضية أمام المحاكم الأميركية فمن الممكن أن يكسبها…".

وأضافت "لذلك كان لافتا سرعة جلسات المحاكمة التي لم نعتد عليها في جلسات المحاكمات لأمن الدولة، ويرجع ذلك إلى أن هناك قرارا من القصر بسرعة إنهاء ملف هذه القضية قبل لقاء الملك عبد الله بالرئيس الأميركي جو بايدن، وأركان الإدارة الأميركية الأسبوع القادم".

ووفق أندوني فإن المطلوب اليوم من صناع القرار للخروج من الأزمات التي تواجهها المملكة "إصلاح حقيقي ملموس، ووقف التدخلات الأمنية في مختلف مفاصل الدولة، ونهج اقتصادي يخرج من التبعية للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، وتغير حقيقي في نهج الحكم".

أسئلة مفتوحة

بدوه يرى المحلل السياسي حسين الرواشدة أن ملف قضية "الفتنة" طوي بشكل جزئي في شقه القانوني بعد إصدار محكمة أمن الدولة أحكامها على المتهمين، وبقي جزء مهم هو محكمة التمييز التي ستنظر برمة القضية والبينات والأدلة والطعون.

أما القضية في شقها السياسي، فيرى الرواشدة في حديثه للجزيرة نت أن هناك "الكثير من الملفات المفتوحة والأسئلة التي لم يجب عليها" منذ الإعلان عن القضية في أبريل/نيسان الماضي، خاصة وأن الإعلان عنها "شكل زلزالا في المجتمع" وتتعلق تلك الملفات بـ "شخصية عوض الله وملابسات ما حدث، وتورط الشريف حسن بن زيد والأمير حمزة، وغيرها" لذلك ستبقى القضية مفتوحة بانتظار الإجابة عن الكثير من الأسئلة.

والسؤال اليوم، كما يقول الرواشدة: هل الرأي العام مطمئن بأن هذه القضية طويت ولم تترك تصدعات داخل المجتمع الأردني؟ مضيفا أن القضية طوت صفحة عوض الله نهائيا، ولن يعود له دور سياسي مستقبلا، ومحاكمته ووقوفه خلف القضبان طمأنت المزاج العام للأردنيين بعد مطالبات شعبية واسعة بمحاكمته على النهج الاقتصادي الذي اتبعه بالخصخصة خلال توليه مناصب المسؤولية على مدى سنوات ماضية.

المصدر : الجزيرة