قوائم مختلفة.. محللون: الانتخابات الفلسطينية تشتت فتح والتأجيل لا يخدمها

عُقدت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي (البرلمان) مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز حماس بالأغلبية، بينما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي عباس.

كومبو لمحمود عباس ومروان البرغوثي وناصر القدوة
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يمين) والأسير مروان البرغوثي (وسط) والقيادي المفصول من فتح ناصر القدوة (رويترز)

مع إسدال الستار عن فترة الترشح للانتخابات التشريعية الفلسطينية أول أمس الأربعاء ليلا، تقدمت 36 قائمة بطلبات للجنة الانتخابات المركزية.

وشكلت فترة الترشح اختبارا حقيقيا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، إذ تقدمت -إلى جانب القائمة الرسمية- قوائم أخرى بطلبات ترشح للانتخابات، يترأس بعضها قادة في الحركة أو محسوبون عليها، مما يعني تشتت أصوات أنصارها، وذلك في حال جرت الانتخابات وفق الوضع الحالي.

وتعد القائمة الأبرز -بين القوائم المنفصلة عن حركة "فتح"- تلك التي شكلها عضو اللجنة المركزية للحركة الأسير مروان البرغوثي، وزميله المفصول من اللجنة ناصر القدوة الذي يتصدر هذه القائمة، تليه فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان.

وسلّم ناصر القدوة وفدوى البرغوثي قائمتهما الانتخابية "حرية" إلى اللجنة المركزية في الساعات الأخيرة قبيل إغلاق باب الترشح، بعد وقت قصير من وصول وفد الحركة الرسمي لتسليم قائمته الانتخابية "العاصفة" للجنة.

وفي فبراير/شباط الماضي أعلن مقربون من البرغوثي اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية من داخل سجنه، في حين أعلن القدوة دعمه لهذا الترشح.

واعتقلت إسرائيل البرغوثي عام 2002، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة المسؤولية عن عمليات نفذتها مجموعات مسلحة محسوبة على حركة فتح، وأدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين.

وهناك قائمة أخرى لأنصار القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، وعدة قوائم يتصدرها محسوبون على الحركة.

ووفق مرسوم رئاسي سابق، ستجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري في الأشهر القادمة، وهي انتخابات تشريعية (برلمانية) في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب.

تيارات وتشرذم

ويُرجع محللون ما اعتبروه "تشرذما" داخل حركة فتح إلى مجموعة من العوامل تتعلق أساسا بآليات العمل داخلها ومواقع النفوذ وتغير الأولويات.

ويقول مدير مركز "يبوس" للدراسات سليمان بشارات، إن "فتح تشهد حالة انقسام جعلتها تستعد للانتخابات القادمة بـ3 تيارات: تيار الرئيس محمود عباس، وتيار الأسير مروان البرغوثي الذي تحالف مع تيار القدوة، وتيار القيادي المفصول محمد دحلان، إضافة إلى حالة انخراط فردي أو غير تنظيمي داخل بعض القوائم للمستقلين".

وبالتالي يتوقع بشارات أن يؤثر هذا الواقع على الوزن الانتخابي للحركة، وقدرتها في الحصول على عدد المقاعد التي تؤهلها لتكون صاحبة الحسم بالمجلس التشريعي القادم.

ويقول الباحث الفلسطيني إن "قوائم الحركة المبعثرة تستهدف نفس القاعدة الجماهيرية من حيث المنطلقات الفكرية، ولا تستطيع استقطاب الأصوات المعارضة للقوائم الأخرى كون القوائم المستقلة ستعمل على استقطاب من يختلف فكريا وسياسيا مع التيارات الرئيسية المشاركة".

ومع قناعته بأن فتح تخسر من تفرقها، يرى بشارات إمكانية لتغير المشهد وعودة الحركة للملمة ذاتها بعد الانتخابات، وتشكيل كتلة تضم تحت إطارها كافة القوائم المنبثقة عنها، إضافة إلى بعض قواعد القوائم المستقلة التي تتقاطع معها فكريا.

وفي الخلاصة يرجح الباحث بشارات أن يترتب على تعدد القوائم الانتخابية "إعادة بناء المشهد السياسي الداخلي فلسطينيا، وإنهاء حالة الاستقطاب الثنائي بين فتح وحماس، ودخول بعض القوى والتيارات".

كما يتوقع إنهاء الاستقطاب الفتحاوي المتمثل في تيار واحد، لصالح تعدد الاتجاهات الفتحاوية.

انقسامات ليست جديدة

من جانبه، لا يرى الباحث والأكاديمي عمر رحال ما يحدث داخل فتح من انشقاقات وانقسامات أمرا غريبا أو جديدا.

ويقول إنه عادة ما ترافق المواقف المفصلية أو الأحداث الكبيرة انقسامات وحالات تشظي داخل حركة فتح، وميلاد أجسام هنا أو هناك.

ويُرجع رحال سبب ذلك إلى آلية اختيار الأشخاص والمرشحين التي تستند إلى النفوذ والعلاقات الشخصية والمناطقية.

ويرى أن "تلك الآلية تحفز كوادر فتحاوية على خلق مظلات جديدة ومختلفة، لتثبت قدرتها على لعب أدوار حاسمة، بعيدا عن سطوة الحركة"، حسب وصفه.

ولا يستبعد الباحث الفلسطيني أن تؤدي الحالة الفتحاوية إلى فقدان الحركة قدرتها على الحسم في الانتخابات التشريعية المقبلة، واستنزاف طاقاتها وتشتيت قوتها.

ويحذر رحال من إمكانية توجه محمود عباس -وهو رئيس حركة فتح- إلى تأجيل الانتخابات، ليكون ملاذا للحفاظ على تماسك حركته، وضمان عدم خسارتها.

لكنه يضيف أن مثل هذا القرار سيترك أصداء ثقيلة في الشارع ولدى القوائم الانتخابية الأخرى، وربما ينعكس على واقع السلم الأهلي الفلسطيني برمته.

التأجيل ليس مخرجا

ويتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت باسم زبيدي مع رحال في كثير مما قاله، ويضيف أن فتح تدفع أثمان استحقاقات قديمة جدا تقاعست عن التعامل معها.

ويقول إن "الحركة تعاني كثيرا من الإشكاليات والانقسامات نتيجة تناقضات كثيرة بين التحرر والسلطة، وبين الوطن والمكاسب، وأصبح صعبا عليها (فتح) التوفيق بين أجنحة وتيارات متعددة داخلها".

ويتابع "جزء من التناحر يدور حول المناصب والامتيازات، وجزء آخر يتعلق بروح وكينونة حركة فتح، وما الذي ينبغي أن تكون عليه الحركة، كحركة ثورية تحررية".

ويشير إلى أن مجمل هذه الصراعات والتحولات طفت الآن على السطح وأصبحت أكثر تعقيدا، لأن هناك جيلا جديدا وفئات عريضة باتت تنظر لواقع الحركة بعدم ارتياح.

ومع كل ذلك يلفت الزبيدي إلى أن أي تأجيل للانتخابات – كخطوة لمنع تمزق حركة فتح- لن يؤدي إلى خلق واقع أفضل لها، مشددا على أن المطلوب علاج كل الترهلات والأخطاء.

قائمة واحدة

ورغم الانقسامات والمخاض الذي رافق تشكيل قائمة حركة فتح الرسمية، يقول أمين سر الحركة في رام الله موفق سحويل إن حركته "ستخوض الانتخابات بقائمة موحدة".

ولا يعتبر سحويل أن أيا من القوائم الأخرى تمثل حركة فتح، بل تمثل أشخاصا فقط، وكل من وُجد في قائمة أخرى -غير القائمة الرسمية للحركة- يتحمل مسؤولية ذلك.

ويضيف إن قائمة حركة فتح التي ستخوض الانتخابات التشريعية المقبلة ستمثل جميع أبناء الحركة في محافظات الوطن دون استثناء.

وأُعلن عن انطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" مطلع يناير/كانون الثاني عام 1965، متخذة من الكفاح المسلح وسيلة لتحرير كامل أراضي فلسطين التاريخية.

المصدر : وكالة الأناضول