بين مخاوف كورونا وآلام الغربة.. مصريون يتشبثون بأمل اللقاح

قالت شركة مصنعة لأحد لقاحات فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، إن لقاحها يوفر حماية من الفيروس لعام واحد على الأقل، فما هذا اللقاح؟ وكيف يعمل؟
لقاحات كورونا أمل البشرية للتخلص من الجائحة (شترستوك)

بين مخاوف جائحة كورونا وآلام الغربة -اختيارا أو قسرا- يتشبث مصريون بالخارج بعد أن فقدوا أحبة وأصدقاء، بأمل الحصول على اللقاح للنجاة من أزمة طال أمدها واشتد خطرها.

وبحسب تصريحات لوزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم في فبراير/شباط 2020، فإن عدد المصريين بالخارج يبلغ قرابة 13 مليون مصري، يتركز أغلبهم في الدول العربية، لكن لا يوجد إحصاء رسمي لعدد المصابين أو المتوفين بينهم بسبب فيروس كورونا.

الجزيرة نت تحدثت إلى مصريين في الخارج، حكوا عن أحوالهم وكيف قضوا عاما تحت وطأة انتشار الفيروس، ورؤيتهم للقاحات المقدمة في البلدان الموجودين بها، وفرصهم في الحصول عليها.

مصاعب

في البداية، يشير المحاضر في معهد الشرق الأوسط بجامعة صقاريا التركية محمد سليمان الزواوي إلى أن أوضاع كثير من المصريين المغتربين صعبة، وربما غير نظامية، ويقول إن هذا قد يمنعهم من الحصول على اللقاح بصورة طبيعية.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت "شبح المرض هو آخر شيء يتمناه المصريون في الغربة، ولا سيما أولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على وظائف ثابتة تضمن دخولا مستقرة".

وتابع "كذلك العاملون أو أصحاب المشاريع الخاصة باتوا يعانون بسبب الإغلاق الجزئي أو التام والقيود المفروضة على مختلف المهن والمجالات التجارية، ومن ثم فإن خروجهم من شبكة الأمان الاجتماعي التي توفرها تلك الدول لمواطنيها يجعلهم أكثر هشاشة وضعفا ولا سيما في حال وجود أطفال يعولونهم".

وأكد الزواوي أن للغربة مرارات أصلية تتمثل في غياب الأهل والأقرباء والأصدقاء المقربين في وقت الشدة، حيث يحيط بالمغتربين في الأغلب زملاء عمل ورفقاء غربة وسفر وطريق، لكن لدى كل منهم ما يشغله.

وشدد على أنه من الصعب بناء شبكات أمان اجتماعي بين المغتربين، كما يظهر من حالة المصريين في تركيا على سبيل المثال، معللا ذلك بأنهم من ذوي الحاجات في الأعم الأغلب، وتمثل حالاتهم طبقات من التحديات والصعاب.

وختم الزواوي بالتأكيد على ضرورة بناء شبكات الأمان الاجتماعي هذه بمساعدة الكيانات الخيرية والدعوية في العالم الإسلامي.

هاجس كورونا واللقاح

أما الباحث السياسي عمار فايد فيرى أن الحصول على لقاح كورونا ليس هو المشكلة الأساسية للمصريين في الخارج، لأن العدد الكبير من المصريين يوجد في دول الخليج، وسوف يحصلون على التطعيم ولن يتم استثناؤهم، وكذلك من يعيشون في أوروبا سيحصلون على اللقاح وإن طال الوقت.

المشكلة الأخرى التي تواجه المصريين في الخارج، وفق فايد، هي رحيل وموت أشخاص بسبب إصابتهم بكورونا بعيدًا عن ذويهم، ودفنهم في أرض غير أرض وطنهم ودون حضور الأهل، فهذا هاجس كبير أكثر من الحصول على التطعيم، وهو يطارد كثيرا من المصريين المغتربين.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف فايد أن الألم الحقيقي هو فقدان الأهل والأقرباء والأصدقاء داخل مصر بسبب الإصابة بكورونا، وعدم القدرة على وداعهم، والإحساس المتزايد بالوحدة في تلك الغربة.

أمـل كبير

من جانبه، يقول محمد مصطفى -وهو مصري مقيم في دولة الكويت- إن وجود لقاح لمواجهة فيروس كورونا يمثل أملا كبيرا لدى عامة الناس المتضررين من هذه المحنة.

وحول إمكانية الحصول على اللقاح حيثما يوجد، قال مصطفى "الدولة الكويتية لم تقصر في هذا الموضوع، حيث إنهم أضافوا منصة على موقع وزارة الصحة لحجز موعد لأخذ اللقاح دون التفرقة بين مواطن ومقيم، كما تم تخصيص مكان كبير بمنطقة أرض المعارض كمستشفى ميداني لأخذ اللقاح".

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار المواطن المصري المقيم بالكويت إلى حصول الكثيرين من حوله على اللقاح، رغم وجود مخاوف لدى البعض، مشددا على وجود إقبال كبير من المواطنين والمقيمين.

عادل بكر: الجالية المصرية في فرنسا عاشت أياما من الرعب وفقدت عددا من أبنائها بسبب كورونا (مواقع التواصل الاجتماعي)

نهاية الرعب

بدوره، يقول عادل بكر المواطن المصري المقيم في العاصمة الفرنسية باريس "كنا نظن أن كورونا مثل مرض السارس وسينتهي، لكن سرعان ما بدأ ينتشر حتى دخل القارة العجوز خاصة إيطاليا، ووقتها بدأنا نشعر جميعا بالخطر".

وفي حديثه للجزيرة، أضاف بكر "في المرحلة الأولى كنا نشعر جميعا بالخطر التام، والمحلات أفرغت من المواد الغذائية، حتى إن أدوات النظافة أصبحت سلعة نادرة في بعض الأحيان".

وأوضح أن الجالية المصرية في فرنسا لجأت إلى الهاتف كوسيلة تواصل واطمئنان على أفرادها، في ظل حالة الإغلاق والتباعد المجتمعي ومنع التجمعات.

وأكد بكر فقدانه عددا من الأهل والأصدقاء في فرنسا ومصر، وزاد من المأساة عدم القدرة على وداعهم، معبرا عن أمله في أن يضع اللقاح حدا للرعب الذي يعيشه العالم من هذا الوباء.

سمير الوسيمي: ننتظر أيضا اكتشاف علاج كورونا وليس اللقاح فقط (مواقع التواصل الاجتماعي)

مخرج من الأزمة

من ناحيته، يقول استشاري الإدارة الإستراتيجية المقيم في تركيا سمير الوسيمي "الحقيقة أننا عانينا وما زلنا نعاني من تبعات فيروس كورونا، حيث تعرضت على المستوى الشخصي لفقدان العديد من المعارف والأصدقاء، كان أصعبها فقدان زوج شقيقتي وهو صديق العمر أيضا".

وأضاف الوسيمي في حديثه للجزيرة نت "على ما يبدو أن الأمر مستمر معنا لفترةٍ ما، لم نستطع تحديدها حتى الآن، في ظل تضارب عالمي في التقارير الواردة والتي تصل لأيدينا نحن الشعوب، وإن بدت قريبة في نواحٍ لكنها متضاربة في نواحٍ أخرى".

وأضاف "أرى أن هناك أهمية كبيرة ليس فقط لمسألة إيجاد لقاح، وهو الأمر الذي حدث حاليا، ولكن كذلك على مستوى التوصل لعلاج فعّال لمن يصابون بالمرض".

وعبر استشاري التخطيط الإستراتيجي عن ميله إلى أخذ اللقاح متى توفّر في تركيا وأصبح متاحا للشريحة العمرية التي ينتمي إليها.

ذات جدوى كبيرة

بدوره، أكد عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية السابق محمد فتوح عوض أن اللقاحات ذات جدوى كبيرة، وذات فاعلية تختلف من نوع لآخر، وإذا استطاعت أي دولة تطعيم 70% من شعبها باللقاحات سوف تحصل مناعة جماعية تحدّ من انتشار الفيروس.

وحول حصول المصريين في الخارج على اللقاحات، يقول الطبيب المصري محمد منصور إن الدول المحترمة تقوم بتطعيم الموجودين على أراضيها سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، بناء على أسس وقواعد بعيدة تماما عن الجنسية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يطالب طبيب الباطنة والكلى بمستشفيات جامعة ليستر البريطانية المصريين في الخارج بضرورة الحصول على التطعيمات حينما يأتي دورهم، كذلك التعاون مع الدول المقيمين بها، والمشاركة الفعالة في حملات التوعية بأهمية التطعيم وفوائده للحد من انتشار الفيروس.

المصدر : الجزيرة