حرموا من رواتبهم وحقهم في العلاج.. شهادات "صادمة" لنواب تونسيين ضحايا الإجراءات الرئاسية

قوات أمنية وعسكرية أمام البرلمان التونسي المغلق بقرار من الرئيس قيس سعيد (الجزيرة)

تونس – لم تكن حالة النائبة في البرلمان التونسي المجمّد هاجر بوهلال الاستثناء بعد أن وجدت نفسها محرومة من حقها في العلاج وهي التي تعاني مضاعفات مرض السرطان، حيث تتوالى شهادات وصفت بالصادمة لنواب وجدوا أنفسهم وعوائلهم في وضعيات اجتماعية صعبة بعد قرار رئيس الجمهورية إيقاف منحهم البرلمانية.

 

 

وفي 25 يوليو/تموز الماضي أعلن الرئيس التونسي عن تدابير استثنائية عطل بموجبها عمل البرلمان، وأوقف جميع منح ورواتب النواب، ليحال أكثر من مئة منهم على "البطالة القسرية"، في حين تعذر على من يشتغلون في القطاع الحكومي العودة لوظائفهم السابقة أو أخذ تقاعدهم وتمتعهم بالإحاطة الصحية بسبب ضبابية وضعيتهم القانونية.

سياسة تشفٍ

وبنبرة لا تخلو من الغضب والقهر، يقول النائب عدنان الحاجي للجزيرة نت إنه بعد 40 سنة قضاها في سلك التدريس، وجد نفسه الآن في وضعية مهنية ومالية ضبابية، فلا هو يتمتع بأجره بوصفه نائبا برلمانيا، ولا هو يستطيع التمتع بتقاعده من عمله في القطاع الحكومي.

وينص النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه إذ أراد النائب العودة لوظيفته السابقة، يشترط تقديمه استقالته من البرلمان التي يحيلها على أنظار مكتب المجلس ليأخذ فيها القرار لتصبح سارية المفعول.

 

 

دعا الحاجي رئيس الجمهورية لإعادة النظر في وضعية النواب، إما بتمكينهم من راتبهم الحكومي وحقهم في الإحاطة الاجتماعية عبر أمر أو مرسوم رئاسي أو تمكينهم من منحهم كنواب، طالما لم يصدر قرار بحل البرلمان.

وشدد النائب على أنه يعيش حاليا ضغوطا يومية متعلقة بتوفير مصاريف العائلة وثمن كراء المسكن، لافتا إلى أن وضعيته شبيهة بوضعية أكثر من 120 من زملائه النواب، داعيا رئيس الجمهورية للابتعاد عن سياسة التشفي والانتقام وتسجيل الأهداف السياسية ضد خصومه.

نداء استغاثة

وفي ما يشبهه "نداء الاستغاثة" الموجه للرأي العام الحقوقي والسياسي المحلي والدولي، قال رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان المجمد عماد الخميري، في تدوينة عبر حسابه الشخصي في فيسبوك، إنه فوجئ بمنعه من حقه في العلاج رغم دفعه جميع التزاماته المادية لصندوق التغطية الاجتماعية.

وشدد الخميري على أن زوجته التي تمر بوضعية صحية حرجة تحتاج للخضوع لعملية جراحية على مستوى الدماغ، وهي الآن مهددة في حياتها بسبب رفض الجهات المعنية تمكينها من مصاريف التغطية الصحية لإجراء عملية ثانية.

واعتبر النائب أن هناك "استهدافا للنواب ولعائلاتهم"، محملا رئيس الجمهورية مسؤولية السلامة الجسدية لزوجته، داعيا الجهات المعنيّة إلى التراجع عن هذا القرار "غير الإنساني وإنهاء المظلمة التي يتعرض لها وزملاؤه"، حسب وصفه.

وغير بعيد عن شهادة زميله في حركة النهضة، أعلن النائب عن حزب "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد منذ أيام دخوله في اعتصام داخل أحد المستشفيات الحكومية، بسبب حرمانه من حقه في التغطية الاجتماعية والعلاج المجاني.

وقال بن أحمد أمس الخميس في تدوينة عبر حسابه الشخصي في فيسبوك، إنه قرر فك اعتصامه بعدما زاره الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بالمستشفى، وتقديم وعود بحلحلة وضعيته الصحية والاجتماعية.

 

 

وفي سياق متصل، أطلق النائب عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي حملة لبيع جميع مؤلفاته وكتبه، ليتمكن من العيش وإعالة أسرته تحت شعار "بالكتاب أقاوم الانقلاب".

واتهم العلوي في تدوينة له رئيس الجمهورية بممارسة "التجويع وقطع الأرزاق"، معتبرا أنه سلاح المستبدّين، ولفت إلى أنه وزملاءه النواب باتوا بلا مورد رزق ويواجهون مسؤوليات جسيمة لتوفير مصاريف الأكل والعلاج والسكن.

دعاوى قضائية

واختارت المحامية والنائبة عن حركة النهضة فريدة العبيدي أن تتوجه للقضاء، وترفع 3 قضايا ضد رئيس الجمهورية في تجاوز السلطة وفي علاقة بحرمانها كنائبة من منحتها البرلمانية.

واعتبرت في حديثها للجزيرة نت أن رئيس الجمهورية تجاوز صلاحياته الدستورية بإصداره الأمر الرئاسي رقم 117، الذي أوقف بموجبه رواتب ومنح النواب ورئيس البرلمان.

وأشارت إلى أن مجلس نواب الشعب يتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وهو وفق الفصل 80 من الدستور في حالة انعقاد دائم، مشددة على أن نوابه منعوا من ممارسة نشاطهم البرلماني وتم "صدهم عن العمل" بعد إغلاق المجلس بالدبابات.

وشددت على أن المنحة التي يتمتع بها النواب هي ذات صبغة معاشية وليس من حق أي جهة أن تمنعها عنهم، خصوصا لمن يحملون صفة الموظف العمومي في الدولة، مما يترتب عنه الإيقاف الآلي لخدمات الصناديق الاجتماعية من تأثيرات سلبية في المعاشات ومصاريف العلاج والتغطية الاجتماعية.

 

 

يشار إلى أن الجزيرة نت حاولت التواصل مع الجهات الرئاسية ذات الصلة بالأوامر التي أصدرها رئيس الجمهورية وإيقاف منح النواب وحرمانهم من التغطية الاجتماعية والصحية، لكن لم يتسن لنا ذلك.

المصدر : الجزيرة