الرئيس التونسي لماكرون: الحكومة ستتشكل خلال الأيام المقبلة وسنطلق حوارا وطنيا

سعيّد أثناء استقباله المكلفة بتشكيل الحكومة نجلاء بودن (الأوروبية)

أعلنت الرئاسة الفرنسية -اليوم السبت- أن الرئيس التونسي قيس سعيّد أبلغ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن الحكومة ستتشكل خلال الأيام المقبلة، وأنه سيتم إطلاق حوار وطني. ويأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه التوتر بالبلاد، بعد إعلان البرلمان أنه في حالة انعقاد، وتزايد الحراك في الشارع.

وقال الإليزيه -في بيان له مساء اليوم- إن ماكرون أثار خلال الاتصال مع سعيد موضوع خارطة الطريق الخاصة بالدستور التي ينتظرها الشعب التونسي والمجتمع الدولي.

وأضاف أن الرئيس الفرنسي عبّر عن تمسكه بإطلاق حوار يشارك فيه ممثلو أطياف الشعب التونسي بشأن الإصلاحات الدستورية المنتظرة.

من جهتها، نشرت الرئاسة التونسية بيانا تضمن فحوى المحادثة الهاتفية بين الرئيسين، لكنه لم يشر إلى النقطتين المتعلقتين بتشكيل الحكومة وتنظيم الحوار الوطني اللتين ذكرهما البيان الفرنسي.

وقال بيان الرئاسة التونسية إن سعيّد عبّر لنظيره الفرنسي عن أسفه لقرار تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للتونسيين الراغبين في السفر إلى فرنسا.

وتأتي المحادثة الهاتفية بين ماكرون وسعيد وسط دعوات غربية للرئيس التونسي للعودة إلى المسار الدستوري، عقب استحواذه على كل السلطات ضمن إجراءات شملت تعليق جل فصول الدستور وتجميد البرلمان وحل الحكومة.

وكان سعيّد كلف قبل أيام نجلاء بودن (63 عاما) بتشكيل حكومة جديدة، وأعلن قبل ذلك أنه سيشكل لجنة من الخبراء تتولى إعداد مقترحات لتعديل النظامين السياسي والانتخابي، وأكد مرارا أنه لن يتراجع مطلقا عن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز، وعززها بمرسوم رئاسي أصدره في 22 سبتمبر/أيلول، وبموجبه استحوذ على كل صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية.

القانون الانتخابي والنظام السياسي

في هذه الأثناء، قال الاتحاد العام للشغل -أكبر نقابة عمالية في تونس- إنه بدأ مناقشة وإعداد مقترحات بشأن مراجعة القانون الانتخابي والنظام السياسي وقانون الأحزاب والجمعيات في تونس.

وأكد الاتحاد على صفحته الرسمية في فيسبوك اليوم أن هذه المشاورات ستتواصل استعدادا للمرحلة المقبلة بمشاركة خبراء ومختصين، وذلك من أجل المحافظة على مكاسب الجمهورية وعلى الحقوق والحريات، وفق تعبيره.

بفون قال إن هيئة الانتخابات هي صمام أمان الانتقال الديمقراطي في تونس (الأناضول)

هيئة مستقلة

في السياق، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس نبيل بفون على استقلال الهيئة، وقال إن أي اقتراع مقبل يجب أن يتم وفقا للدستور والقوانين.

ففي تصريحات نشرتها اليوم السبت أسبوعية "المغرب" التونسية، قال بفون إن الهيئة بعيدة عن كل التجاذبات والأحزاب.

وأضاف أن الهيئة هي صمام أمان الانتقال الديمقراطي، وأن خصوصيتها تكمن في استقلالها، مشيرا إلى أن من بين البراهين على ذلك نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2019، حيث تمكن قيس سعيّد من الفوز دون أن تكون له سلطة أو مال عند ترشحه، على حد تعبيره.

وشدد بفون على أن الانتخابات السابقة لأوانها أو الاستفتاءات لا بد أن تجرى في الإطار القانوني والشرعي.

وكشف رئيس هيئة الانتخابات التونسية أن رئيس الدولة لم يطلب إلى الآن أي لقاء مع أعضاء الهيئة بشأن تعديل القانون الانتخابي.

وقال مراسل الجزيرة حافظ مريبح إن تصريحات بفون جاءت عقب الجدل الذي أثارته تصريحات أدلى بها سعيد خلال استقباله يوم الأربعاء الماضي رئيس هيئة محاكمة المحاسبات، حيث شكك في استقلال الهيئة.

مؤيدون لسعيد تجمعوا في محيط البرلمان مرددين هتافات مناهضة للنواب (وكالة الأنباء الأوروبية)

دعوات للتظاهر

من جهة أخرى، دعا مؤيدون للرئيس التونسي إلى التظاهر غدا الأحد في العاصمة دعما لإجراءاته الاستثنائية التي أعلن عنها يوم 25 يوليو/تموز الماضي، والتي قال إنه اتخذها بموجب الفصل الـ80 من الدستور، وبمقتضاها علّق عمل البرلمان وحلّ الحكومة، قبل أن يصدر يوم 22 سبتمبر/أيلول الماضي المرسوم 117 الذي أتاح له تجميع السلطات التنفيذية والتشريعية بيده.

ويأتي التحرك المرتقب بعد إعلان رئاسة البرلمان التونسي أمس الجمعة عن بدء دورة برلمانية جديدة، رفضا للإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي، وفي مقدمتها تجميد اختصاصات مجلس نواب الشعب.

وكان العشرات من أنصار سعيد تجمعوا أمس الجمعة في محيط البرلمان، وهاجموا بعض النواب الذين قدموا إلى البرلمان بعد نشر نحو 90 نائبا عريضة تدعو لاستئناف أعمال مجلس النواب في اليوم نفسه.

وتأتي المظاهرة المرتقبة لمؤيدي الرئيس التونسي بعد أسبوع من مظاهرة حاشدة لمعارضيه وسط العاصمة التونسية.

وقال مراسل الجزيرة حافظ مريبح إن معارضين لإجراءات سعيد دعوا من جهتهم إلى اجتماع يوم غد الأحد في الضاحية الجنوبية للعاصمة لتنسيق تحركاتهم.

ووصف الإعلان عن انطلاق دورة برلمانية ثالثة بأنه عبارة عن تصعيد وتحد لسعيد.

وكانت رئاسة مجلس النواب التونسي دعت النواب لاستئناف عملهم وإبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم.

وجددت رئاسة المجلس رفضها لما وصفته بالتفعيل غير الدستوري للفصل الـ80 الذي أقدم عليه الرئيس قيس سعيد، واعتبرته تعطيلا فعليا للدستور وسطْوًا على صلاحيات مجلس النواب وتجميعا مخيفا لكل السلطات في يد فرد واحد.

المصدر : الجزيرة + وكالات