تنديدا بالتمييز الإسرائيلي خلال أزمة كورونا.. فلسطينيو الداخل يحتجون ويطالبون بالتعويض

إضراب شامل في البلدات العربية احتجاجا على عدم تخصيص الميزانيات الكافية لمواجهة جائحة كورونا، في الصور بلدة باقة الغربية بالداخل الفلسطيني.
بلدة باقة الغربية واحدة من بلدات عربية بالخط الأخضر مشمولة بالإضراب المفتوح (الجزيرة نت)
محمد محسن وتد-أم الفحم
 
في الوقت الذي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليق إجراءات الإغلاق في البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا، شرعت السلطات المحلية العربية بالداخل الفلسطيني بإضراب مفتوح احتجاجا على التمييز في رصد الميزانيات الحكومية لمواجهة وباء كورونا وعدم جاهزية المدارس العربية لاستقبال الطلاب أسوة بالمدارس اليهودية التي انتظمت بها الدراسة.
 
وفي ظل تهميش الحكومة الإسرائيلية لاحتياجات السلطات العربية لمواجهة كورونا، وشح الميزانيات الحكومية المخصصة للحكم المحلي العربي الذي يضم 65 قرية ومدينة واقتصارها على 12 مليون دولار من أصل مليار دولار رصدتها الحكومة للسلطات المحلية اليهودية، أطلقت اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية سلسلة من الخطوات الاحتجاجية التي تطالب بتعويضات مالية بقيمة 60 مليون دولار عن خسائرها جراء الإغلاق وتخصيص ميزانيات لجاهزية العودة للمدارس.
 
ويشمل الإضراب الذي تزامن مع تعليق الدراسة وإغلاق المدارس العربية لمدة أسبوع، والذي أعلنته الهيئة العربية للطوارئ، جميع أقسام ومؤسسات السلطات المحلية، على أن يجري الخميس تقييم الأوضاع واتخاذ القرارات بشأن إمكانية استئناف الدراسة وعودة الطلاب العرب لمقاعد الدراسة الأسبوع المقبل، في ظل هواجس من موجة ثانية لتفشي فيروس كورونا بالداخل الفلسطيني.
 
المحامي مضر يونس يعلن عن الإضراب المفتوح في البلدات العربية (الجزيرة نت)
المحامي مضر يونس يعلن عن الإضراب المفتوح في البلدات العربية (الجزيرة نت)

هواجس وتحديات

ووسط الهواجس والتحديات، نظم رؤساء السلطات المحلية العربية احتجاجات ومظاهرات رافقت الإضراب المتواصل لليوم الثالث، وجرى اعتصام قبالة وزارة المالية الإسرائيلية بالقدس المحتلة بمشاركة العشرات من رؤساء البلديات والمجالس العربية ونواب القائمة المشتركة الذين أدرجوا مطالب تعويض الحكم المحلي جراء الإغلاق، ورصد ميزانيات خاصة لتجهيز المدارس، على جدول أعمال الكنيست ولجنة كورونا البرلمانية ووزارة التربية والتعليم.
 
وقال رئيس اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية المحامي مضر يونس للجزيرة نت، إن المجتمع العربي يواجه تداعيات أزمة كورونا دون أي دعم حكومي أسوة بالدعم الذي تحصل عليه السلطات المحلية اليهودية.
 
وأضاف يونس أن أزمة كورونا كبدت السلطات المحلية العربية، التي أغلقت أبوابها بقرار حكومي، خسائر مالية بقيمة 60 مليون دولار من انعدام جباية ضرائب "الأرنونا"، ناهيك عن الموارد التي رصدتها من ميزانياتها العادية لمواجهة جائحة كورونا والحد من انتشارها بالبلدات العربية.
 
وتابع أن السلطات المحلية العربية باتت على وشك الانهيار وعاجزة عن تقديم الخدمات والرعاية للمواطنين العرب لتحصينهم من فيروس كورونا، وغير قادرة على تجهيز المدارس لاستئناف الدراسة وعودة آمنة للطلاب، محذرا من مغبة تفشي الفيروس في المجتمع العربي إذا واصلت الحكومة الإسرائيلية سياسية التهميش والتمييز في رصد الميزانيات.
 
وأكد رئيس اللجنة القُطْرية لرؤساء السلطات المحلية العربية أن نهج التمييز العنصري من قبل الحكومة أجبر الحكم المحلي العربي على الشروع بخطوات احتجاجية والإضراب الشامل.
 
وأوضح أن مختلف الوزارات الحكومية تتنكر لاحتياجات المجتمع العربي لمواجهة جائحة كورونا، رافضا أن يكون الطلاب العرب حقل تجارب ورهينة للفيروس والوباء، وعليه أتى هذا الإضراب الذي سيعقبه خطوات نضالية تصعيدية بحال استمرت الحكومة تجاهل مطالب لجنة الرؤساء.
 
المدارس العربية بالداخل الفلسطيني غير جاهزة لاستقبال الطلاب في ظل استمرار تفشي كورونا (الجزيرة نت)
المدارس العربية بالداخل الفلسطيني غير جاهزة لاستقبال الطلاب في ظل استمرار تفشي كورونا (الجزيرة نت)

إضراب ونضال

الموقف نفسه عبر عنه رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي شرف حسان الذي أكد أن قرار عدم عودة الطلاب العرب إلى المدارس في هذه الظروف كان قرارا صائبا حسب الغالبية الساحقة من الاختصاصيين والمهنيين واتخذته الهيئات التمثيلية، استنادا لتوصية مهنية للجنة الصحة القُطْرية وهيئة الطوارئ العربية.
 
ورغم تعليق الدراسة بظل انعدام المساعدات المالية والدعم الحكومي، اقترح رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي على السلطات المحلية العربية أن تستغل هذا الأسبوع لتجهيز المدارس وضمان صحة الطلاب والطواقم التربوية والموظفين، ونظرا للظروف ومدى الخسارة الفادحة للطلاب العرب في هذه الأزمة، دعا حسان أن يستثنى تجهيز المدارس من الإضراب ومواصلة التجهيزات الوقائية بالمؤسسات التعليمية والتربوية.
 
وأكد حسان أن نضال السلطات المحلية العربية هو نضال المجتمع العربي ضد التمييز والعنصرية، مشددا على ضرورة توفير دعم جماهيري كبير للسلطات المحلية العربية في هذا النضال وممارسة الضغوطات الجماهيرية على الحكومة حتى تستجيب للمطالب العادلة وترصد الميزانيات المطلوبة.
 
وقال إن لجنة الصحة القُطْرية ستسعى لاستكمال وضع توصياتها بعد بحث شامل للمعطيات الجديدة والتطورات واستكمال البحث والمسح لعينة من المدارس العربية لفحص جاهزيتها لعودة الطلاب الأسبوع المقبل.
النائب يوسف جبارين  انتقد التمييز الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد المجتمع العربي (الجزيرة نت)
النائب يوسف جبارين  انتقد التمييز الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد المجتمع العربي (الجزيرة نت)

تمييز وعنصرية

وعن دوافع الإضراب والخطوات الاحتجاجية التمييز ضد الجماهير العربية، قال النائب عن القائمة المشتركة يوسف جبارين إن السلطات المحلية العربية التي تواجه وحدها دون أي دعم حكومي تحديات أزمة كورونا، تعيش في هذه المرحلة حالة التهميش وكورونا التمييز التي تعكس سياسية الإقصاء والتمييز العنصري الممنهج من قبل الحكومة الإسرائيلية ضد فلسطينيي 48 في مختلف مناحي الحياة.
 
وفي حديث للجزيرة نت، انتقد جبارين التمييز الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد المجتمع العربي في ما يخص الميزانيات والإجراءات الوقائية لمواجهة انتشار المرض، وتفضيل البلدات اليهودية في رصد الميزانيات وتقديم الدعم المالي لها في ظل تنكر وزارتي المالية والداخلية لاحتياجات الحكم المحلي العربي الذي حصل على فتات من الميزانيات.
 
وأوضح النائب العربي أن جائحة كورونا عمقت الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالسلطات المحلية العربية بسبب التمييز التاريخي ضدها بكل ما يتعلق بتخصيص الموارد والميزانيات الحكومية والتمييز بهبات الموازنة التي تمنح الأفضلية للبلدات اليهودية، لافتا إلى أن معدل ميزانية الدعم التي حصلت عليها سلطة محلية يهودية تساوي معدل الميزانيات التي خصصت لجميع السلطات المحلية العربية.
 
ويقول جبارين إن الحكومة الإسرائيلية بدلا من أن تسعى لتعويض السلطات المحلية العربية عن الخسائر الفادحة التي كبدتها أزمة كورونا، تقوم بتعميق التمييز من خلال تخصيص ميزانيات ضئيلة وهامشية بلغت 12 مليون دولار من مجمل الميزانيات التي خصصتها للسلطات المحلية في البلاد، مبينا أن هذا المبلغ الذي سيحصل عليه مليون و250 ألف مواطن عربي بالخط الأخضر، وهو يعادل الميزانية التي حصلت عليها مدينة إيلات لوحدها التي يقطنها 50 ألفا.
 
وأكد رفض الجماهير العربية واقع التمييز والإقصاء ومواصلة النضال والعمل بشكل جماعي كأقلية قومية موحدة من خلال لجنة المتابعة العليا واللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة لإنهاء التمييز والمظالم التاريخية بحق المجتمع الفلسطيني بالداخل.
المصدر : الجزيرة