تواصل شكاوى الأطقم الطبية وتحذيرات من تفشي كورونا بمصر

تحفظت مصر على مواجهة وباء كورونا - تصوير زميل مصور صحفي ومسموح باستخدام الصورة
انتشار فيروس كورونا كشف ضعف البنية الأساسية في القطاع الصحي بمصر فيما حملت الحكومة المواطنين المسؤولية (الجزيرة)

محمد عبد الله – القاهرة

رسمت شهادات أعضاء بالفرق الطبية ومسؤولين في مصر بشأن زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد صورة قاتمة عن الوضع الصحي، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع، مع إصرار الحكومة على تحميل المسؤولية للمواطنين.

وجاءت وفاة مدير الطب الوقائي سابقا في الإدارة الصحية بمدينة منيا القمح في محافظة الشرقية لتمثل الحالة التاسعة للوفيات بين الأطباء بسبب فيروس كورونا، وهو ما دفع العديد من الأطباء للتحذير عبر مواقع التواصل من تفاقم الأوضاع، خاصة مع تزايد عدد المصابين في مستشفيات العزل.

وأعلنت وزارة الصحة أمس الاثنين تسجيل 346 إصابة جديدة، فضلا عن 8 وفيات جديدة، ليرتفع عدد المصابين إلى 9746 حالة، من ضمنها 2172 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و533 وفاة.


شكاوى الأطقم الطبية
وفي مستشفى الشيخ زايد التخصصي بمدينة الشيخ زايد في محافظة الجيزة نظم العاملون وقفة احتجاجية بعد تزايد عدد الإصابات بينهم، ورفض الإدارة إجراء تحاليل لهم، وتهديدهم بجلب الأمن الوطني واعتقالهم.
 
وكشف أحد العاملين -فضل عدم ذكر اسمه- أن "هناك تغيبا واسعا في صفوف الطواقم الطبية من أطباء وممرضين وإداريين بسبب انتشار فيروس كورونا"، مشيرا إلى أن هناك "إصابات مؤكدة بالفيروس في صفوف الإداريين وصلت لست حالات".
 
وأشار في حديثه للجزيرة نت أنه تم حجز ست حالات في مستشفى الشيخ زايد بالدويقة (وسط القاهرة)، فيما يرفض المدير الحالي أحمد هجرس إجراء الفحوصات اللازمة للعاملين والإداريين، مع أن أحدهم أصيب هو وأسرته بالكامل، بينما طالبوا الباقين بحجر أنفسهم في المنزل لمدة 14 يوما.
 
ولفت إلى أن العزل في المنزل وحده ليس كافيا، ويهدد بانتقال العدوى في حال وجود إصابات إيجابية بفيروس كورونا، لذلك يتغيب معظم الأطباء والممرضين عن الحضور، خاصة بعد إصابة طبيبة القسطرة أيضا بالفيروس.


تحذيرات حكومية
ومنذ مطلع مايو/أيار الجاري قفز عدد الإصابات بكورونا بين المواطنين إلى ما يقارب خمسمئة إصابة يوميا، قبل أن يتراجع مرة أخرى إلى الثلاثمئة ، وهو ما أرجعته وزارة الصحة إلى توسعها في إجراء اختبار الكشف عن الإصابة بالفيروس، وعدم التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية.
 
وسجلت مصر أول ألف إصابة بعد 51 يوما، بينما اكتملت الألف الثانية بعد ثمانية أيام، والألفان الثالثة والرابعة بعد ستة أيام لكل منهما، والألف الخامسة بعد أربعة أيام وكذلك السادسة، أما الألف السابعة فاكتملت بعد ثلاثة أيام، والألف الثامنة في أقل من ثلاثة أيام، والألف التاسعة في يومين فقط.
 
وفي تصريحات صحفية، كشفت مصادر بوزارة الصحة أن مصر دخلت المرحلة الثالثة لانتشار فيروس كورونا، وأن الوزارة تعمل حاليا على عدم الانتقال إلى المرحلة الرابعة للفيروس، وذلك من خلال توسيع الفحص وزيادة عدد التحاليل اللازمة للمشتبه في إصابتهم.
 
وبحسب رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي فإن المرحلة الثالثة لانتشار فيروس كورونا هي مرحلة استفحال وانتشار الفيروس بشكل كبير وغير متوقع في الدولة، واصفا إياها بالمرحلة الخطيرة.
 
وتتمثل خطورة المرحلة الثالثة لانتشار فيروس كورونا بعد تسجيلها قرابة 500 حالة يوميا في عجز الدولة عن تعقب المخالطين أو السيطرة عليهم نتيجة تزايد عدد الإصابات بشكل كبير، وفق تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء.

 
من جهتها، انتقدت وزيرة الصحة هالة زايد تراجع اهتمام المواطنين بالإجراءات الوقائية للحماية من فيروس كورونا، قائلة إنه "يجب على المواطن الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي وضعتها الدولة، وهناك أشخاص لم يستجيبوا لذلك".
 
ولفتت في تصريحات تلفزيونية إلى أن زيادة عدد الإصابات تتسبب في إرهاق القطاع الصحي وتنعكس على الاقتصاد، مشيرة إلى أن زيادة الأعداد مسؤولية المواطن، والدولة قامت بتوفير كل شيء، مضيفة أن "النظام الصحي المصري من أقوى الأنظمة الصحية في العالم التي استجابت لإجراءات مواجهة كورونا".

ثمار الإهمال
من جهته، قال رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى المصري سابقا عبد الغفار صالحين إن "المنظومة الصحية تنقسم إلى مستشفيات تعليمية ومؤسسة علاجية وتأمين صحي، ومستشفيات وزارة الصحة، وهي أكثر جزء يعاني من التدهور وتدني التجهيز وسوء الإدارة وشح الميزانية والموارد، كما تفتقر إلى بديهيات الطب الوقائي، وتعد مركزا لنقل وتفشي الأمراض".
 
وأكد صالحين في حديثه للجزيرة نت أن هذا الواقع يزداد سوءا في ظل نظام ليس من أولوياته الصحة ولا يجيد إلا "الشو واللقطة"، ويتجاهل فقه الإنجاز ومواجهة الواقع.
 
وأضاف أن "مصر لم تطبق العزل ولا الغلق الكامل لأن اقتصادها المنهوب لا يتحمل، وراهن النظام على الوقت وتغير الأحوال الجوية وحرارة فصل الصيف أو على اكتشاف العالم علاجا أو لقاحا".
 
وأشار إلى دول عدة بدأت في جني ثمار الجدية وجاهزية المنظومة الصحية للتعامل مع مثل هذه الضربات وإن كان هناك ثمن كبير قد دفع، ولكن لم تتعرض منظوماتها الصحية ولا الاقتصادية للانهيار.
 
وتابع "في هذا الوقت تبدأ مصر في حصد نتائج الإهمال والفهلوة، وإهدار الموارد، وسوء الإدارة، وعدم توسيد الأمر لأهله وتولية المنتفعين، وانقلاب الأولويات".

المصدر : الجزيرة