هل يمنح كورونا قبلة الحياة لتنظيم الدولة في سيناء؟

الحرب علي الإرهاب تطور ولاية سيناء
الجيش المصري يخوض عملية موسعة ضد المسلحين في سيناء منذ نحو عامين (الجزيرة)

محمود رفعت-القاهرة

في ظل انشغال مصر وجيشها بمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)؛ تزايد الحديث عن فرص انتعاش تنظيم الدولة الإسلامية، واستعادة تموضعه في محافظة شمال سيناء المصرية.

وفي هذا الصدد، حذرت دراسة مصرية من أن تنظيم الدولة يجيد استغلال أحداث مثل جائحة كورونا، وذلك عقب انهياراته الأخيرة في كل من سوريا والعراق، وزاد من حدّتها مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي.

كما ذهبت دراسة إسرائيلية إلى أن تنظيم الدولة سيعود مجددًا للمشهد، وسيظهر ذلك في شكل عدد متزايد من الهجمات، مع تركيز الحكومات على خطر الفيروس، وتخفيف الضغط العسكري على الحركات الإرهابية.

لكن خبيرين -أحدهما عسكري والآخر سياسي، ربطا بين فرص إعادة تموضع التنظيم "الإرهابي" في سيناء، في ظل الانشغال الإقليمي والدولي بمواجهة كورونا، وبين استغلاله "كظاهرة استخباراتية" من جانب بعض الدول لإعادة تفعيله من جديد، سواء في سيناء أو غيرها.

وفي المقابل، دفع تفاقُم أزمة الفيروس وانتشاره العالمي تنظيم الدولة إلى نصح أتباعه بالحرص والوقاية لتجنب الإصابة بالعدوى، والابتعاد عن أوروبا؛ باعتبارها أرضا للوباء.

الجيش المصري أطلق حملة كبرى عام 2018 للقضاء على مسحلي تنظيم الدولة في سيناء (رويترز)
الجيش المصري أطلق حملة كبرى عام 2018 للقضاء على مسحلي تنظيم الدولة في سيناء (رويترز)

شهية التطرف
ووفق دراسة بعنوان "داعش في زمن كورونا"، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية مصطفى زهران إن "التيارات الإرهابية -وعلى رأسها تنظيم الدولة- اعتادت ألا تكون بمعزل عن السياق القائم حولها، ومع كل إخفاق لها تسعى لإعادة التموضع مرة أخرى، من خلال توظيف التحولات الطارئة في محيطيها المحلي والإقليمي.

وأشارت الدراسة التي نشرتها "مؤسسة ذات مصر للدراسات والأبحاث" إلى أن التحولات التي نجمت عن ظهور كورونا من زعزعة للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي لعدد كبير من دول العالم حفزت شهية التنظيم على إعادة رسم إستراتيجيته المستقبلية من جديد، وهو ما ظهر في استنفار مقاتليه لاغتنام اللحظة الراهنة بالتصعيد.

وفي مصر، تتركز جهود الحكومة حاليًا على مواجهة الوباء، في ظل تزايد حالات الإصابة بالفيروس بشكل ملحوظ، والتي وصلت إلى 1450 إصابة و94 وفاة حتى مساء الاثنين.

وما يعزز فرضية الطرح السابق أيضًا أن انتشار فيروس "إيبولا" في بعض مناطق أفريقيا عام 2017 لم يؤثر على نشاط تنظيم الدولة في تلك المناطق.

يذكر أن التنظيم تلقى سلسلة من الضربات القاسية على يد الجيش المصري، مع إطلاق حملة أمنية واسعة النطاق منذ فبراير/شباط 2018 في مصر، خاصة شمالي سيناء.

في حين تركزت ضربات التنظيم خلال السنوات الأخيرة على أهداف عسكرية وأمنية وبنى تحتية أضرت بتدفق الغاز بين مصر وإسرائيل، كما لم تتوقف المواجهات الأمنية مع العناصر المسلحة بسيناء طوال الشهرين الماضيين، وفق بيانات رسمية.

مخاوف إسرائيلية
ومع انتشار الفيروس عالميًّا، نشر معهد الأمن القومي الإسرائيلي بتل أبيب تحليلات تخص الشرق الأوسط بعد كورونا، رصد فيها عشرة مخاوف إستراتيجية وسيناريوهات يمكن حدوثها في المنطقة، بينها تمدد تنظيم الدولة في سيناء.

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية تعتمد في المجالات الأمنية والإستراتيجية على "معهد دراسات الأمن القومي"، وهو أحد أهم مراكز الدراسات الأمنية في إسرائيل، ويتبع جامعة تل أبيب.

وتتوقع الدراسة "عودة تنظيم الدولة مجددا للمشهد، وسيظهر ذلك في شكل عدد متزايد من الهجمات"، زاعمة أن الوقت المرتقب الطويل وحالة عدم الاستقرار السياسي في الدول المختلفة، مع تركيز الحكومات على خطر الفيروس؛ سيُخفف الضغط العسكري على التنظيم.

وقالت إنه "في ذلك الزخم ستتمكن داعش من الحصول على أرض جديدة في أماكن مختلفة، من بينها سيناء"، حسب الدراسة.

أبعاد مخابراتية
في المقابل، شكك الخبير العسكري المصري اللواء طلعت مسلم في الدراسة الإسرائيلية، مؤكدا أن لها "أبعادًا مخابراتية"، وشدد في تصريحات صحفية على أنه لا يتفق مع فكرة وجود مناطق نفوذ للعناصر الإرهابية؛ لأن بلاده حاليًا في طريقها للقضاء تمامًا على تنظيم الدولة.

وحذَّر من أن الدراسة تستهدف أبعادًا أمنيًا أكبر من التنظيم الذي اعتبره "إحدى أذرع إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، ويهدف إلى تحقيق مصالح استعمارية".

وحول تعاطي بلاده مع أزمة كورونا وملاحقة العناصر الإرهابية بسيناء، قال إنها أمور تقتضيها الأوليات، موضحًا "لو أن تمدد تنظيم الدولة يأتي معه تمدد إسرائيلي، فالأولية بالنسبة لمصر هي المواجهة والتصدي للإرهاب، ولو على حساب التصدي لفيروس كورونا".

واتفق مع الطرح السابق، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بالأردن جواد الحمد، في ما يتعلق بفرص إعادة تموضع التنظيم "الإرهابي" في سيناء، في ظل الانشغال بمواجهة أزمة فيروس كورونا.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن "تنظيم الدولة ظاهرة استخباراتية، وقد تستغل أي استخبارات لها صلة به أي ظرف لإعادة إنتاج هذه الظاهرة وتفعيلها بأي شكل من الأشكال".

وبالنسبة للدراسات الإسرائيلية حول تنظيم الدولة والإرهاب، أكد الحمد أنها تفتقد للمصداقة والدقة، كما أنها موجهة أمنيا لأغراض سياسية ضد العالم العربي والإسلامي".

وأشار في هذا الصدد إلى أن "دولة مثل إسرائيل تتخذ السيناريوهات والاحتمالات والتوقعات لتوجيه السياسات الغربية والعالمية بعيدا عن الاحتمالات المنطقية والواقعية، مع الانتباه إلى أن إسرائيل لم تعان من إرهاب تنظيم الدولة إطلاقا".

غير أنه طالب بأخذ التحوط العلمي في دراسة الظواهر العابرة للقارات والمتحركة بشكل سريع والمتنقلة بشكل ملفت للانتباه.

المصدر : الجزيرة