طبول الحرب تقرع.. ما سيناريوهات التصعيد الأميركي الإيراني في مياه الخليج؟

قطع البحرية الإيرانية في المياه الدولية (الصحافة الإيرانية)
قطع من البحرية الإيرانية في المياه الدولية قرب الخليج (الصحافة الإيرانية)

الجزيرة نت-طهران

تحولت المياه الخليجية خلال السنوات الماضية إلى ساحة للتوتر الأميركي الإيراني، وبينما يخفض أحدهما حدة "الاستفزاز"، يطلق الآخر شرارة باتجاه التصعيد.

وتجدد التوتر بعد اقتراب زوارق إيرانية من بوارج أميركية في مياه الخليج في 15 أبريل/نيسان الحالي، وتبادل الطرفان المسؤولية عن ذلك، وأعقبته سلسلة من التصريحات شديدة اللهجة من الجانبين.

ويذهب طيف من المحللين الإيرانيين إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يريد تصدير مشاكله الداخلية إلى الخارج، وأنه يرى إيران الحلقة الأضعف مقارنة مع أعدائه الكبار، ووجد في مياه الخليج الساحة الأنسب، وهو ما يفسر الرد الإيراني العنيف على المناورات الأميركية الأخيرة.

وفي معرض تقييمه للتطورات في مياه الخليج، يعتقد الأكاديمي والباحث في الشؤون السياسية محمد صالح صدقيان أن التوتر الأميركي الإيراني تجاوز مرحلة استعراض العضلات، وبلغ مؤخرا الاحتكاك الفعلي بين الجانبين.

احتواء الأزمة
وشدد في حديثه للجزيرة نت على أن حدة التصعيد لا تعني أن الطرفين يرغبان في خوض الحرب، لا سيما أن الظروف الإقليمية والدولية لا تسمح بذلك، مرجحا سيناريو احتواء الأزمة من قبل أميركا وإيران وعدم الانزلاق إلى أي مواجهة محتملة.

‪زوارق إيرانية لدى اقترابها من سفينة حربية أميركية في مياه الخليج قبل أيام‬ (رويترز)
‪زوارق إيرانية لدى اقترابها من سفينة حربية أميركية في مياه الخليج قبل أيام‬ (رويترز)

وأضاف أن إيران شعرت بالتهديد القادم إليها، لا سيما بعد تشكيل الولايات المتحدة تحالفا بحريا في المياه الخليجية، مؤكدا أن ذهاب قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إلى منطقة "نازعات" التي تضم عددا من الجزر الإيرانية، بعث رسالة جدية بأن الأصابع الإيرانية أصبحت على الزناد.

وعن التهديدات الإيرانية على لسان قادة الحرس الثوري وهيئة الأركان الإيرانية، يرى صدقيان أنها تؤكد أن انطلاقة شرارة الصراع بيد ترامب، ولكنه لن يتمكن من التحكم في نهايته؛ ما يجعل تكلفة الإقدام على مثل هذه الخطوة باهظة جدا للرئيس الأميركي وحلفائه بالمنطقة.

سبتمبر آخر
في المقابل، يعتقد السياسي الإيراني الأمين العام لحزب "سبز" حسين كنعاني مقدم أن الولايات المتحدة تسعى لافتعال ذرائع مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 لفرض حرب جديدة على المنطقة "تشرعن" من خلالها بقاء قواتها في المياه الخليجية، وتواصل تدخلاتها في المنطقة، على حد قوله.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار إلى مصادقة البرلمان العراقي في يناير/كانون الثاني الماضي على إخراج القوات الأجنبية من بلاده، وأضاف أن واشنطن ترى المياه الإقليمية بديلا مناسبا للعراق للمحافظة على وجودها العسكري قرب إيران، وهو ما ترفضه طهران.

ووصف التطورات في المنطقة الخليجية بأنها خطيرة جدا بفعل التدخلات الأميركية في شؤون دولها، محذرا من أن الشرق الأوسط بات على عتبة حرب قد تنطلق شرارتها في أي لحظة، موضحا أن المؤكد هو أن إيران لن تكون البادئة في أي حرب، لكنها على أهبة الاستعداد للدفاع عن مصالحها وأمنها القومي.

وحمّل كنعاني مقدم الإدارة الأميركية مسؤولية التوتر في المنطقة بسبب إصرارها على الحضور العسكري فيها، والقيام بأعمال استفزازية قرب المياه الإيرانية، مؤكد أن بلاده حسمت قرارها بالرد القاطع على أي مؤامرة قد تستهدف أمنها القومي.

سيناريوهات مرحلية
وليس بعيدا عما يذهب إليه الطيف الثاني، إذ يرى مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري أن الإدارة الأميركية الحالية تسير خلافا لما سارت عليه الإدارات السابقة في تفادي الاحتكاك المباشر مع القوات الإيرانية وعدم التصعيد في المياه الخليجية، مما أدى إلى بلوغ التوتر مستويات خطيرة.

‪مروحية تابعة للبحرية الإيرانية في مياه الخليج‬  (الصحافة الإيرانية)
‪مروحية تابعة للبحرية الإيرانية في مياه الخليج‬  (الصحافة الإيرانية)

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن ما نشاهده من استعراض للعضلات في المواقف الأميركية والإيرانية يأتي في إطار ترهيب الجانب الآخر لثنيه عن مواصلة التصعيد، معبرا عن خشيته من أن يخرج التوتر عن السيطرة بسبب توالي ردود الفعل الغاضبة من الجانبين.

وأشار إلى أن ترامب أمسى بحاجة ماسة لتسجيل إنجاز على المستوى العالمي لاستهلاكه داخليا في حملته الانتخابية المقبلة، في ضوء انتقادات الحزب الديمقراطي لسياساته، مما قد ينتج عنه صراع محدود مع إيران خلال الفترة القصيرة المقبلة عن طريق استهداف زوارق الحرس الثوري.

واستدرك الباحث الإيراني أن تداعيات سيناريو الصراع المحدود ستكون مكلفة جدا للرئيس الأميركي، وقد تفقده انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، الأمر الذي قد يفرض السيناريو الآخر، الذي يتجلى في تراجع واشنطن من بعض الملفات الإقليمية عن طريق التفاوض المباشر أو غيره مع طهران.

ولا يستبعد زواري خيار إبعاد شبح الحرب عن طريق خفض الوجود العسكري الأميركي بالمنطقة، لا سيما في ضوء تزايد قدرات إيران العسكرية، وتهاوي أسعار النفط، وتغيير أولويات الولايات المتحدة، واحتواء التهديد الصيني.

وخلص إلى أن واشنطن قد تلجأ حينها إلى استنزاف قدرات إيران عن طريق تفعيل جماعات متطرفة وإثارة النعرات الإقليمية للحيلولة دون تحول طهران إلى قوة كبرى.

ويسود توتر شديد بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحاب واشنطن بشكل أحادي عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم مع إيران وإعادة فرضها عقوبات اقتصادية شديدة على طهران.

المصدر : الجزيرة