تحدّث عن 600 مليار جنيه.. أين ذهبت مشروعات السيسي لتنمية سيناء؟

سباق الأخبار- السيسي شخصية الأسبوع.. والهجوم على أرامكو حدثه
السيسي: الدولة أنفقت 600 مليار جينه (نحو 40 مليار دولار) على تنمية شبه جزيرة سيناء (الجزيرة)

محمد عبد الله-القاهرة

منذ تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي قبل 38 عاما، قالت الحكومات المصرية المتعاقبة إنها أطلقت عشرات المشاريع لتنمية سيناء، لكن الواقع يقول إن معظم تلك الخطط ظلت حبرا على ورق.

وفي ذكرى تحرير سيناء، برزت كالعادة لغة الأرقام وتضخمت في تصريحات السلطات المصرية التي ما فتئت تكررها على أكثر من صعيد، لكنها لا تنعكس على أرض الواقع أو على المصريين، وفق آراء خبراء ومعنيين بالشأن السيناوي.

وتحتفل مصر يوم 25 أبريل/نيسان من كل عام بذكرى تحرير سيناء، وهو اليوم الذي رُفع فيه العلم المصري بعد استكمال تحرير سيناء تحريرا كاملا، واستُردت فيه شبه الجزيرة بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي عام 1982.

وفي كلمته خلال افتتاح بعض مشروعات البنية التحتية، قال السيسي قبل أيام إن "الدولة أنفقت 600 مليار جينه (نحو 40 مليار دولار) على تنمية شبه جزيرة سيناء"، مشيرا إلى أن الدولة ستنتهي من كامل مخططها في تنمية سيناء نهاية هذا العام.

بيد أن رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أركان حرب إيهاب محمد الفار قال إنه "تم حتى الآن توجيه مبلغ 300 مليار جنيه لمشروعات التنمية في سيناء"، مضيفا أن سيناء تستحوذ على 25% من المبالغ المخصصة للتنمية في مصر.

وما أثار الاستغراب هو دعوة السيسي المواطنين للاطلاع على مشروعات تنمية سيناء على موقع الرئاسة على الإنترنت، رغم أنه لا يوجد موقع إلكتروني أصلا للرئاسة إلا إذا كان يقصد موقع هيئة الاستعلامات، وهي هيئة تابعة للرئاسة تضطلع بدورها بوصفها جهازا للإعلام، ورغم ذلك فإن بعض نوافذ المشروعات المدرجة على موقعها لا تعمل، وبالتالي لا يمكنك أن تجد دليلا ولو حتى بصور.

وقال السيسي إن "جميع المشروعات التي يتم تنفيذها في سيناء من أجل التنمية وغيرها من المشروعات الأخرى، متوفرة بكل تفاصيلها على موقع الرئاسة، ويمكن لمن يريد الحصول على معلومات تفصيلية الدخول على الموقع".

وبينما تتحدث الحكومة عن مشروعات تنموية، لا تزال أرض الفيروز -التي تبلغ مساحتها 60 ألف كيلومتر مربع- تشهد عمليات عسكرية ومسلحة ضروسا تدور منذ سنوات بين قوات الجيش والشرطة وبين مسلحين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية.

وخلال تلك الفترة سقط آلاف الضباط والجنود والمدنيين ما بين قتلى ومصابين، وهدم الجيش العديد من القرى على الحدود مع قطاع غزة، وجرًف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وهجًر أهالي تلك القرى، واعتقل آلاف المواطنين، وسط غياب أقلام الصحفيين وعدسات المصورين والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.

في ظل مدّ حالة الطوارئ وفرض حظر التجول، تمنع السلطات المصرية وجود أي صحفي أو مراسل تلفزيوني أو مراقب حقوقي أو تجوله في شمال شبه جزيرة سيناء، كما تمنع الإعلام حتى من التحدث إلى أهاليها، أو الاطلاع على الأرقام الحقيقية للمعتقلين والقتلى والمهجرين في صفوف المدنيين، وفق منظمات حقوقية محلية ودولية.

شعارات إعلامية
وفي معرض تعليقه على حديث السيسي عن إنفاق 600 مليار جنيه في البنية التحتية لشبه جزيرة سيناء، قال رئيس لجنة فض المنازعات بسيناء سابقا الدكتور حسام فوزي جبر إن "المتأمل في وضع سيناء منذ عام 1952 إلى يومنا هذا يجد أن كل ما يقال عن تنمية سيناء إنما هو للترويج الإعلامي وإلهاب المشاعر بكلمات حماسية عن التنمية، ولكنها في الحقيقة مجرد عبارات جوفاء لا تعبر عن واقع ملموس".

ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن حديث السيسي عن إنفاق 600 مليار جنيه لتنمية سيناء، وهو رقم كبير ولا تخفى آثاره على أحد، يتعارض مع تصريحات أخرى خلال الجلسة نفسها لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإنفاق 300 مليار جنيه، وبالتالي يثور التساؤل عن 300 مليار جنيه الأخرى، أين ذهبت؟

وفيما يتعلق ببناء بعض مساكن للبدو بتكلفة تبلغ نحو 3 ملايين جنيه للمسكن الواحد، أكد رئيس لجنة فض المنازعات بسيناء سابقا أنه "كذب صريح، حيث إن هذا المبنى لا يمكن أن تصل تكلفته إلى ربع هذا الرقم، والحديث في مجمله لأخذ اللقطة ليس أكثر، ويؤكده ممارساته على الأرض التي حولتها إلى أرض محروقة، فكيف تحصل تنمية في وضع كهذا؟".

وشدد جبر على أن "سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها السيسي، تمثلت في التهجير القسري لأهل سيناء، وهدم البيوت على الشريط الحدودي برفح بما فيها بيتي في العاصمة العريش، فضلا عن اعتقال معارضي النظام وأقاربهم، وإذاقتهم صنوف العذاب، علاوة على فرض حالة الطوارئ وحظر التجول والقتل العمد والإخفاء القسري لآلاف من أبناء سيناء، وإنشاء عشرات الكمائن الأمنية".

نذير شؤم
أما الناشط السيناوي عيد المرزوقي فقال للجزيرة نت إن شعار "تنمية سيناء في عهد دولة يوليو، من عهد الرئيس الراحل عبد الناصر مرورا بأنور السادات وحسني مبارك ثم السيسي، أصبح نذير شؤم لا بشارة خير في عيون أهالي سيناء، لأنه منذ ذلك الوقت لم تتحق أي تنمية، وهو ما يدلل على أنها شعارات للاستهلاك المحلي والاستجداء الدولي، ومعظمها تتعلق بمصالح مرتبطة برجال أعمال".

ودلل على حديثه بالقول إنه في عهد مبارك أنشئ جهازان، الأول باسم جهاز تنيمة سيناء والآخر باسم تعمير سيناء، والجهازان يقع مقرهما خارج سيناء! وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 أنشأت القوات المسلحة الجهاز الوطني لتنمية سيناء برئاسة اللواء محمد شوقي رشوان، وكنت أحد المتقدمين بأحد المشروعات، ولكن كان من ضمن الشروط للموافقة على المشروع لأبناء سيناء أن تثبت جنسيتك المصرية!

وأوضح المرزوقي أنه "على المستوى الشعبي، لا يوجد قانون تمليك في سيناء لأهالي سيناء وهو أول بنود التنمية، فمن حقهم امتلاك منازلهم وأراضيهم، إضافة إلى وضع العديد من العراقيل مثل المحاذير الأمنية، والموافقات العسكرية للقيام بأي مشروع، وما تحقق على يد أهالي سيناء في عقود بجهود ذاتية دمرها نظام السيسي في ما يسمى بمكافحة الإرهاب، وبات قصارى أمانينا العودة لما قبل 2011".

في المقابل يرى الأمين العام لحزب الحرية المصري أحمد مهنى أن الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس السيسي بذلت جهود قوية في تنمية سيناء بعدما ظلت لعقود بعيدة عن التنمية والتعمير، وكان آخرها افتتاح عدد من المشروعات القومية والدعوة لتنمية سيناء.

وأضاف في تصريحات صحفية أن سيناء لها طبيعة خاصة بالنسبة للمصريين سواء على مستوى موقعها الجغرافي أو مكانتها الدينية، فهي الجزء الغالي والعزيز على الوطن، والذي نحتفل في هذه الأيام بإنهاء احتلاله وتحريره بالكامل، واستعادة هذه البقعة الغالية من أرض الوطن لتعود بالكامل للسيادة المصرية.

المصدر : الجزيرة