أطباء تونسيون يحذرون: الخوف من العدوى بكورونا يقتل أيضا

الأطباء أكدوا انخفاض الحالات السلبية الواردة على المستشفيات بعد جائحة كورونا الجزيرة.
أطباء أكدوا انخفاض الحالات السلبية الواردة على المستشفيات بعد جائحة كورونا (الجزيرة نت)

آمال الهلالي-تونس

رغم شعوره بدوران وخمول مستمرين فضّل عبد الرحمن بن عمر عدم الذهاب للمستشفى أو العيادات الخاصة بالعاصمة تونس بسبب انتشار جائحة كورونا، وهو الذي يعاني من مرض السكري الذي يلازمه طيلة حياته.

وبالرغم من حرص الرجل على تناول دوائه بشكل منتظم، فإن زيارته لإحدى العيادات الخارجية قبل انتشار الوباء في البلاد -والتي كانت تتم بشكل دائم لإجراء الفحوص الدورية- اختلفت تماما اليوم بسبب الخوف من العدوى.

ولا يخفي عبد الرحمن في حديث للجزيرة نت، شعوره بالقلق الدائم كلما خرج مكرها من بيته لشراء مستلزمات العائلة، في ظل تحذيرات الأطباء من أن مرضى السكري، وبقية الأمراض المزمنة، هم الفئة الأكثر عرضة للوفاة بكورونا بسبب مناعتهم الضعيفة.

يأتي ذلك في وقت حذر فيه أطباء تونسيون من ارتفاع حالات الوفاة بأمراض أخرى غير كورونا، بعد أن اختار أصحابها عدم التوجه للمستشفيات خشية العدوى، أو لتوقف عمل الأقسام والعيادات الخارجية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد رئيس قسم الجراحة بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة، البروفيسور رمزي نويرة، أن نتائج الاختبارات والتشريح لبعض جثث مرضى متوفين حديثا، أظهرت خلوهم من فيروس كورونا، مقابل تعرضهم لتجلطات في القلب أو ثقب في المعدة أو انفجار القولون.

‪البروفيسور رمزي نويرة حذر من ارتفاع حالات الوفاة بأمراض أخرى بعد أن اختار أصحابها عدم التوجه للمستشفيات خشية العدوى‬ (مواقع التواصل) 
‪البروفيسور رمزي نويرة حذر من ارتفاع حالات الوفاة بأمراض أخرى بعد أن اختار أصحابها عدم التوجه للمستشفيات خشية العدوى‬ (مواقع التواصل) 

الموت المفاجئ
وشدد على أن حالات الوفاة الفجائية لأمراض يسهل مداواتها والتدخل فيها جراحيا، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أغلب المرضى اختاروا البقاء في منازلهم لوقت طويل، ومن ثم التوجه للمستشفيات بعد تعقد حالتهم الصحية وبلوغها مراحل متقدمة.

ولفت إلى أن مخاوف المرضى وعوائلهم من الإصابة بعدوى فيروس كورونا خلال تنقلهم من بيوتهم إلى المستشفيات، يجعلهم يفضلون السكوت على أمراضهم وأوجاعهم إلى أن يبلغ بهم الأمر منتهاه وتحدث الوفاة.

وأشار إلى أنه خلال حصص الاستمرار اليومية داخل أقسام الجراحة، تم تسجيل انخفاض ملحوظ في عدد المرضى الذين يخضعون في العادة لعمليات جراحية روتينية على القلب أو الأمعاء أو المعدة، مقارنة بما قبل انتشار جائحة كورونا في البلاد.

ولاحظ رئيس قسم الجراحة بمستشفى شارل نيكول أن هذه الظاهرة المقلقة ليست حكرا على تونس، بل أيضا على سائر الدول التي ينتشر فيها فيروس كورونا، حيث أظهرت نقاشات قام بها البروفيسور مع نظرائه في فرنسا تطابقا من خلال ارتفاع حالات الوفاة لأشخاص بأمراض تسهل مداواتها في المستشفيات.

ومن الحلول التي اقترحها الطبيب التونسي خلال جلسة عمل جمعته مع مسؤولين بوزارة الصحة، تخصيص مستشفيات في العاصمة للحالات الاستعجالية الروتينية، بالتوازي مع وحدات استشفائية أخرى مخصصة لمرضى "كوفيد-19″، بهدف طمأنة المرضى وأقاربهم ودفعهم للذهاب للمستشفيات.

‪بن فرج حذر من ارتفاع حالات الوفاة في صفوف المتقاعدين‬  (الجزيرة نت)
‪بن فرج حذر من ارتفاع حالات الوفاة في صفوف المتقاعدين‬ (الجزيرة نت)

الخوف من العدوى
وفي سياق متصل، حذر النائب السابق في البرلمان وطبيب القلب صحبي بن فرج في تدوينة مطولة نشرها عبر صفحته الرسمية على فيسبوك من الكوارث الأخرى التي تتسبب بها جائحة كورونا، خاصة ارتفاع نسبة الوفيات "المريب" في صفوف المتقاعدين.

وأشار بن فرج إلى أن آخر تحيين (تحديث) آلي جرى منذ أيام داخل منظومة الرعاية الاجتماعية والصحية الحكومية، والتي تناولت الفترة الممتدة بين 6 و21 من هذا الشهر أظهرت ارتفاعا في عدد الوفيات لتبلغ 627 حالة، والحال أن المعدل العادي للوفيات لا يتجاوز في أقصى الحالات مئة حالة قبل كورونا.

واستبعد طبيب القلب أن تكون حالات الوفاة ناجمة عن عدوى كورونا باعتبار أن ارتفاع نسبة الوفيات بهذا الفيروس يرافقه دائما ارتفاع في عدد المرضى الذين يتم إيواؤهم في أقسام الإنعاش وغرف التنفس الاصطناعية وهو ما لم يحدث في تونس. 

وأشار إلى أنه من بين الفرضيات المؤكدة أن تكون أسباب الوفيات ناجمة عن تدهور صحة المرضى العاديين من غير المصابين بالكورونا بمفعول صعوبة التنقل ومراجعة الأطباء وتوقف العمل في العيادات الخارجية والأقسام الطبية لأسابيع طويلة نظرا لتجنيد المنظومة الصحية بصفة شبه حصرية لمقاومة الكورونا. 

وزارة الصحة في تونس تفاعلت مع تحذيرات الأطباء، من خلال دعوتها عبر منشور وزاري السبت، جميع الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة لاستئناف نشاطها، ومواصلة إسداء الخدمات الصحية للمرضى غير المصابين بالفيروس ولا سيما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والحوامل.

وحث المنشور الموقع عليه من قبل وزير الصحة، على ضرورة وضع آليات جديدة للتواصل مع المرضى وتوفير الأدوية لهم، فضلا عن استعمال خط أخضر جهوي للتواصل مع المواطنين فيما يتعلق بأسئلتهم الخاصة بوضعهم الصحي.

وكانت وزارة الصحة قد أكدت خلال اليومين الماضيين على لسان المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية أن الوضع الصحي العام في البلاد بات تحت السيطرة بعد الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الدولة للوقاية من فيروس كورونا.

وبلغت آخر حصيلة لعدد الإصابات بفيروس كورونا 922 حالة مؤكدة، ووصل عدد الوفيات إلى 38، فيما سجل عدد الحالات المتماثلة للشفاء ارتفاعا ملحوظا بـ 194 حالة.

المصدر : الجزيرة