الرهانات الخاسرة.. حروب الإمارات الضائعة في ليبيا واليمن
وقال البروفسور جان بيير فيليو الخبير بشؤون الشرق الأوسط إن الصحيفة تصف الإمارات أحيانا بأنها "إسبرطة الشرق الأوسط" مع أن عدد مواطنيها لا يتجاوز ثمانمئة ألف من بين الملايين التسعة الذين يقطنون على أراضيها، ولكنها رغم ذلك حصلت على آلة عسكرية مثيرة للإعجاب، حتى أصبحت رابع أكبر مستورد للأسلحة خلال الفترة 2011-2015.
ويقود "سيد" أبو ظبي بهوس بالغ -حسب المدون- خطا عدوانيا للغاية ضد إيران وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الانتكاسات التي مني بها بلده على المسرحين اليمني والليبي يمكن أن تعتبرا فشلا لهذا النهج العسكري.
اعتراف بالفشل في اليمن
ودفعت أبو ظبي ثمنا باهظا لهذا الانخراط بالقتال المباشر، حيث قتل 45 من جنودها في إطلاق صاروخ في سبتمبر/أيلول 2015، ولكنها -حسب المدون- فرضت إستراتيجيتها الخاصة على حليفتها السعودية، أولا من خلال رفض التعاون مع الإخوان المسلمين الممثلين في حزب الإصلاح، ثم دعم الانفصاليين الجنوبيين في الحراك لإعادة تأسيس دولة جنوب اليمن المستقلة.
وبهذه الإستراتيجية قوضت الإمارات بشكل دائم -حسب المدون- سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تشن باسم شرعيته هذه الحملة على الحوثيين رسميا، ومنعته من وضع حد للفوضى في عدن.
غير أن الأخطر -حسب رأي فيليو- أن الإمارات فضلت التحالف مع المليشيات السلفية وحتى الجهادية لمواجهة الإخوان المسلمين، ثم وجدت نفسها أخيرا بعد أشهر من القتال العنيف في ميناء الحديدة غير قادرة على اختراق خطوط العدو، ومضطرة لقبول وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة.
وذهب المدون إلى أن الإماراتيين استخلصوا درسا من هذا الفشل، وأعلنوا خفض مشاركتهم العسكرية ثم سحبوا قواتهم من اليمن، مستمرين في التأثير هناك من خلال القوات التي شكلوها من الجنوبيين، وبذلك بقيت السعودية تبحث وحدها عن نهاية مشرفة للنزاع اليمني، وبقيت حكومة هادي ضعيفة أمام الانفصاليين.
الحرب الأهلية الثالثة بليبيا
واعتبر بن زايد أن حفتر أفضل حصن لصد نفوذ الإخوان المسلمين، ورعاتهم الإقليميين كتركيا وقطر، حتى إن طائرات إماراتية قصفت في أغسطس/آب 2014 مدينة طرابلس، وإن لم تمنع سقوط العاصمة في الأيدي المناهضة لحفتر.
وفي تحد لحظر الأمم المتحدة لتوريد الأسلحة إلى ليبيا، قدمت أبو ظبي مروحيات لحفتر ومولت بسخاء اقتناءه للأسلحة الثقيلة، وقد أصبحت أهم داعميه في غزوه للعاصمة في أبريل/نيسان 2019، أكثر من مصر وروسيا والسعودية.
وفي هذه الحرب الأهلية الجديدة أيضا، يتخذ بن زايد -كما فعل في اليمن- الخيار الخطير للغاية المتمثل في دعم المليشيات السلفية، لا لشيء سوى عدائها الشديد لجماعة الإخوان المسلمين، كما يقول المدون.
لكن هذا التصعيد العسكري -ووفقا لفيليو- ألقى بحكومة طرابلس في أحضان تركيا التي أضعفت مشاركتها المتزايدة في ليبيا مواقع حفتر على عدة جبهات.
وعندما وجدت الإمارات أن حليفها لم يعد قادرا على تحقيق نجاح عسكري حاسم، ساهمت في استقالة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، ثم أقنعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراض على تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق، على اعتبار أنه غير موات بما فيه الكفاية لحفتر، ولا يزال المنصب شاغرا بسبب ما اعتبره المدون سياسة سيئة تقودها أبو ظبي.
وخلص المدون إلى أن الإمارات في كل من اليمن وليبيا وجهت ضربة قوية لوساطة الأمم المتحدة للسلام وسلطة الحكومات المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، كما أعطت فرصة مواتية لتدخل خصومها الإقليميين: إيران في اليمن وتركيا في ليبيا.
وفي غياب انتصار واضح في ساحة المعركة، وفيما عدا التأثير السيئ على السكان المحليين، فإن نتائج خمس سنوات من المغامرات تبدو غير مشرقة بالنسبة "لإسبرطة الشرق الأوسط".