قاعدة "الوطية" الإستراتيجية.. الهدف الجديد لقوات الوفاق غربي ليبيا

Men talk near MiG fighter aircraft parked on the runway at Tammahint, 15km (9 miles) from the southern Libyan city of Sabha April 3, 2012. Violence in the Saharan south and in western Libya due to long-standing rivalries, divided communities and plentiful weapons have shown how volatile the country remains six months after the overthrow of Muammar Gaddafi, who had long played off one tribe or clan against the other to weaken their power. Militiamen from Sabha and fighters from the Tibu ethnic group in Sabha agreed to end the clashes that had broken out last month between the two groups, after about 150 people were killed. Picture taken April 3, 2012. REUTERS/Anis Mili (LIBYA - Tags: CIVIL UNREST MILITARY TRANSPORT)
مقاتلات ليبية في قاعدة جوية جنوب البلاد (رويترز-أرشيف)

محمود رفيدة-طرابلس

واصل سلاح الجو بحكومة الوفاق الوطني شن غارات مكثفة على مواقع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في "قاعدة الوطية الجوية"، بعد سيطرة قوات الوفاق على ست مدن غرب ليبيا.

وتقع قاعدة الوطية الجوية -المعروفة سابقا بقاعدة "عقبة بن نافع"- على بعد مئة كيلومتر جنوب غرب طرابلس، قرب منطقتي "الجميل" و"العسة" (غربي ليبيا).

وتعد القاعدة من أكبر القواعد الجوية في ليبيا، حيث تضم مخازن أسلحة ومحطة وقود ومهبطا للطيران ومدينة سكنية وطائرات حربية، بينها طائرات إماراتية مسيرة تستخدمها قوات حفتر في شن هجمات على طرابلس.

وتتسم القاعدة بموقع إستراتيجي، حيث إن الطيران الحربي والمسير الذي يطير منها يغطي كامل المناطق الغربية لليبيا، وتستطيع استيعاب نحو سبعة آلاف عسكري.

وتوجد بالقاعدة غرفة عمليات رئيسية تابعة لحفتر، يقودها آمر عمليات المنطقة الغربية عبد الله نور الدين الهمالي المكلف من حفتر بمهام القاعدة، خلفا للواء الطيار عامر الجقم الأسير لدى قوات حكومة الوفاق، بعدما أسقطت طائرته بمدينة الزاوية (غرب طرابلس) أواخر العام الماضي.

وتتحصن العناصر الفارة من مدن الساحل الغربي التي دخلتها قوات حكومة الوفاق مؤخرا ومسلحون من شرق ليبيا وبعض المرتزقة والأجانب؛ في القاعدة الجوية الإستراتيجية.

ومن بين الكتائب الموالية لحفتر التي تتمركز في القاعدة، عناصر من "كتيبة العاديات" المنتمين إلى التيار المدخلي، وأبرز قادته رجل المخابرات السعودية في غرب ليبيا "أبو الخطاب" طارق درمان، الذي ناشد في منشور له على صفحته في فيسبوك بضرورة فك الحصار عن قاعدة الوطية.

ضباط الإمارات
وأكد عضو مجلس النواب التونسي ماهر زيد أن قاعدة الوطية المحاذية لتونس أصبحت عمليا خارج الخدمة بعد هجمات جوية بطائرات حكومة الوفاق المسيرة في انتظار اقتحامها برا من قبل القوات الحكومية.

واتهم زيد في منشور له على صفحته في فيسبوك الإمارات بالتواصل مع عدد من الأطراف، من بينها رئاسة الجمهورية في تونس، لضمان تهريب آمن للضباط المحاصرين في قاعدة الوطية.

وأكد زيد أن خبراء عسكريين من مصر والإمارات وفرنسا موجودون داخل قاعدة الوطية لتوجيه مسلحي حفتر الذين يفتقدون إلى الخبرة القتالية والجهل بالميدان، باعتبارها "مليشيا مكونة من المرتزقة والأجانب".

شريان حياة
وأفاد المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي بأن قاعدة الوطية لها أهمية إستراتيجية باعتبارها شريان حياة لبؤر مليشيات حفتر في المنطقة الغربية بليبيا.

وأضاف المجعي للجزيرة نت أن "إخراج قاعدة الوطية من اللعبة العسكرية يعني قطع الإمدادات عنها بشكل شبه كلي من وقود وذخيرة وأسلحة وطيران حربي ومسير".

ورجح وجود ضباط أجانب من دول تعترف بحكومة الوفاق "ظاهريا" في قاعدة الوطية الجوية، التي تمثل للأجانب ملاذا آمنا عكس أي مكان آخر في غرب ليبيا، من دون تعريض حياتهم للخطر.

وأشار المتحدث إلى أن سيطرة قوات الوفاق على قاعدة الوطية تمنحها قاعدة مهمة للطيران الحربي بعيدا عن صواريخ ومدفعية حفتر، عكس قاعدة معيتيقة بطرابلس، إضافة إلى إمكانية تسخير القاعدة في مراقبة الحدود الليبية البحرية والجوية.

قاعدة إستراتيجية
واعتبر الطيار السابق عادل عبد الكافي أن أهمية قاعدة الوطية الجوية تكمن في وقوعها في رقعة جغرافية بمنطقة وعرة يصعب اقتحامها بريا إلا من بعض المحاور المحددة.

وتابع عبد الكافي للجزيرة نت أن "قاعدة الوطية تضم مخازن ذخيرة وأسلحة محصنة تحصينا جيدا باعتبارها قاعدة إستراتيجية إبان النظام السابق، كما تستخدم حاليا قاعدة لانطلاق الطائرات الإماراتية المسيرة التي تشن هجمات على المدنيين في طرابلس".

وأكد عبد الكافي أن حفتر حاول طوال الأشهر الماضية المحافظة على القاعدة لاستغلالها ضد العاصمة طرابلس، ودعم وحماية مسلحيه والمرتزقة في المناطق الست التي دخلتها قوات حكومة الوفاق.

وأشار إلى أن حفتر كان يسعى إلى استخدام القاعدة نقطة انطلاق وتجمع وتحشيد لقواته من أجل السيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.

ويرى الطيار السابق أن اقتحام قوات حكومة الوفاق قاعدة الوطية يعني السقوط القريب لمدينة ترهونة، المعقل الرئيسي المهم لحفتر في غرب ليبيا.

جنوب طرابلس
من حهته، يرى الضابط في الجيش الليبي بحكومة الوفاق عادل الزنتاني أن قاعدة الوطية لا تمثل تهديدا حقيقيا حاليا بعد سقوط ست مدن مهمة في الساحل الغربي لليبيا من يد حفتر.

وأضاف الزنتاني "الآن الذكاء العسكري هو محاصرة قاعدة الوطية بشكل صحيح والعمل على قصفها بشكل مستمر من قبل سلاح الجو بحكومة الوفاق لتحييدها عن العمل".

وصرح الزنتاني للجزيرة نت بأن دخول قاعدة الوطية -التي تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي ألف كيلومتر مربع- يحتاج إلى قوة كبيرة من الأولى استخدامها للهجوم على قوات حفتر في المناطق الجنوبية بطرابلس بدل استنزاف قوة من الوفاق في معركة الوطية.

وأوضح الزنتاني أن قوات حكومة الوفاق يجب أن تنهي المعركة في جنوب طرابلس لإنهاء وجود قوات حفتر بالكامل في المنطقة الغربية، وتهيئة الوضع لإضعاف قواته في مدينة ترهونة.

المصدر : الجزيرة