آخرهم شومان.. الضغط باستخدام الأهل أحدث أسلحة السيسي لتشويه المعارضين

الفنان المصري محمد شومان
محمد شومان أعلن اختفاء أربعة من أفراد أسرته قسريا بسبب فيلمه الأخير الذي ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان بمصر (مواقع التواصل)

أحمد رمضان وعبد الله حامد-الجزيرة نت 

لم يكتف النظام المصري بإصدار عشرات الأحكام المشددة ضد معارضيه بالخارج، أو وضعهم على قوائم الإرهاب؛ بل أجبر أسرهم على التبرؤ منهم، في حالات عدة تكررت مؤخرا.

آخر تلك الحالات كانت لوجين، ابنة الفنان المعارض محمد شومان، التي خرجت في فيديو عبر موقع التواصل الاجتماعي لتعلن التبرؤ من والدها، وتطالبه بعدم التدخل في شؤون أسرتها، مؤكدة سعيها سابقا لحذف اسمه من هويتها الرسمية.

وأوضحت أنها نشرت الفيديو ردا على البيان الذي نشره والدها، مناشدا المنظمات الحقوقية التدخل للإفراج عن أفراد من أسرته اعتقلتهم السلطات المصرية.

واحتفت وسائل الإعلام المحلية بالفيديو، وبثته مرارا وتكرارا، كما استضافت عبر الهاتف نجلة الفنان لتكرار ما قالته.

كما قالت السيدة شيرين هلال (طليقة شومان) -في مداخلة هاتفية بإحدى الفضائيات- إنها انفصلت عنه في وقت مبكر حينما لمست "ميوله الدينية المتشددة، لدرجة أنه كشف لها عن رغبته قبل ثلاثين عاما في التطوع للجهاد في أفغانستان"، حسب وصفها.

وتابعت أن ابنها (الذي اعتقلته الشرطة المصرية) في أيد أمينة، وسيفرج عنه عندما يتثبتون من عدم تواصله مع والده.


لا تثريب عليهم
جاءت الحملة على شومان عقب إصداره بيانا على صفحته بفيسبوك حول قيام قوات الأمن باعتقال نجله أحمد ونجل شقيقه فؤاد في فبراير/شباط الماضي وإخفائهما قسريا عدة أيام، ثم وُجهت لهما لاحقا اتهامات بالانتماء لجماعة إرهابية، وواصلت التجديد لهما وحبسهما على ذمة التحقيق.

وقال الفنان المصري إن الاعتقال محض تصفية حسابات سياسية، وعملية انتقامية خارج إطار القانون، بعد مشاركته في فيلم "بسبوسة بالقشطة"، والضجة التي أحدثها بعد فوزه بالجائزة الماسية بمهرجان الفيلم الأوروبي، خاصة أنه يتحدث عن التعذيب والانتهاكات في السجون المصرية.

وتعليقا على ما قالته ابنته لوجين؛ قال الفنان محمد شومان "قناعتي وقناعات كثير من المعارضين في الخارج أن من حق أسرتي أن تفعل ذلك، ولا أعتبرهم أخطؤوا، ربنا يسلمهم من كل سوء ويحميهم وينجيهم مما هم فيه من ظلم وبطش واعتقال".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح شومان أن قائمة المعتقلين من أسرته أصبحت تضم أربعة، وهم: "نجلي أحمد، وشقيقي فؤاد، ونجله هشام، ونجل شقيقي الأكبر أحمد المعتقل منذ عامين، ويتم تجديد حبسهم على ذمة التحقيق، بلا أي تهمة واضحة".   

وشدد شومان على أن النظام الحاكم في مصر "بني على باطل ووصل لمرحلة الخيانة"، مضيفا "مواقف خيانة النظام واضحة، سواء في التفريط في تيران وصنافير، ومياه النيل في اتفاقية سد النهضة، أو حصاره غزة، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والمشاركة مع حفتر في حربه على الشعب الليبي، مما يؤكد أنه نظام تجاوز مرحلة الخيانة والنفاق واستخدام الأساليب الخسيسة، فلا أستغرب ما يقوم به مع أسرتي".

وأضاف شومان "أقول لابنتي وكل أفراد أسرتي ربنا يسلمكم وينجيكم، أما النظام المصري وأعوانه وإعلامه فأقول له تصرفاتكم لن تثنينا عن الاستمرار في ما نقدمه، ولن نتراجع عن طريق الحق، وأستعين بمقولة أخي عبد الله الشريف وأقول لهم: إذا ضربت فأوجع فإن العاقبة واحدة".


عبد الله الشريف
الانتقام من المعارضين عبر أسرهم لم يقتصر على شومان، حيث طال مؤخرا المدون و"اليوتيوبر" الشهير عبد الله الشريف، حيث تعرض هو الآخر لحملات تشويه من قبل إعلاميين مؤيدين لنظام السيسي خلال الفترة الأخيرة، وأكد تعرض أسرته لمضايقات عدة من قبل الجهات الأمنية في مصر، خاصة بعد نشره تسريبات من داخل القصور الرئاسية والمباني التي تحدث عنها الممثل والمقاول محمد علي.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار الشريف إلى قيام إعلام النظام بالتسجيل مع والده وجيرانه بمحافظة الإسكندرية للتبرؤ منه واتهامه بالخيانة.

وأوضح أنه بعد نشره حلقة الاختيار، التي تضمنت مقطعا مسربا لأحد ضباط الجيش المصري وهو يمثل بجثمان شاب في شمال سيناء؛ قامت الأجهزة الأمنية باعتقال شقيقيه أحمد وعمرو، وتم إخفاؤهما قسريا.

وشدد الشريف على أن النظام المصري يلجأ لهذه "الأساليب الرخيصة لكي يضغط بها على معارضيه، ظنا منه أنهم سيتراجعون ويتوقفون عن معارضته، مضيفا "أعلم جيدا جُرم هذا النظام وإذا تراجعت عما أقدمه فلن يؤثر في قرارهم بخصوص أشقائي، فلذلك أنا سأستكمل ما أقدمه ولن يثنيني ما يفعلونه، والحلقات القادمة ستعبر عن ذلك".

القمع الجماعي
من ناحيته، أكد المدير التنفيذي لمنظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية أحمد مفرح أن الانتقام من المعارضين أو المدافعين عن حقوق الإنسان عن طريق التعرض لعائلاتهم بالتهديد أو القبض والحبس؛ يعد نمطا من أنماط القمع الجماعي الذي ينتهك أبسط معايير العدالة.

وأشار مفرح في حديثه للجزيرة نت إلى أن ذلك يعطي دليلا جديدا على تحول مسار أجهزة العدالة في مصر من أجهزة تعمل بموجب القانون، إلى أجهزة أقرب لممارسات المليشيات المسلحة والعصابات، التي تستخدم الأهالي من أجل الانتقام.


ليست الأولى
لم تكن حالة شومان أو الشريف الأولى التي يخرج فيها ذوو معارضين مصريين بالخارج للتبرؤ منهم، فقد سبق ذلك تبرؤ ذوي الممثل والمقاول محمد علي منه عقب قيامه بالكشف بالأسماء عن "فساد كبير يخص الرئيس عبد الفتاح السيسي والمجموعة المحيطة به"، وهو ما حدث أيضا مع عدد من الإعلاميين المعارضين، مثل محمد ناصر وسامي كمال الدين وعماد البحيري.

كما اعتقلت السلطات أهل معارضين ومذيعين بالخارج، ومنهم معتز مطر ومحمد ناصر وآخرون، رغم أن بعض هؤلاء المعارضين طالب ذويهم بإعلان التبرؤ منهم، للنجاة بأنفسهم مما يمكن أن يلحق بهم على يد السلطات انتقاما من المعارضين.

يذكر أن شومان خرج من مصر عقب مذبحة رابعة العدوية، وسافر إلى تركيا ليقدم هناك أعمالا فنية ومسلسلات، كان آخرها فيلم "بسبوسة بالقشطة"، وهو محكوم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة معتادة مع معظم المعارضين الهاربين إلى الخارج، وتتلخص في الانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة.

وشارك شومان في عدد من الأعمال الفنية قبل سفره مع نجوم معروفين، مثل عادل إمام.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي