بعد وصفهم بالجيش الأبيض.. هل تساوي مصر الأطباء بالجيش والشرطة؟

من تقرير مساعي الحكومة لعلاج نقص الأطباء
بعد تزايد إصابتهم بكورونا، نقابة الأطباء طالبت الحكومة المصرية بضم ضحايا الطواقم الطبية إلى صندوق شهداء العلميات الحربية (الجزيرة)

محمد عبد الله-القاهرة

بعد وصفهم بالجيش الأبيض وتقدمهم الصفوف الأمامية في مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وإصابة العشرات منهم بسبب العدوى ووفاة حالتين، طالبت نقابة الأطباء المصرية بمساواة المصابين والمتوفين بكورونا من الطواقم الطبية بضحايا العمليات الحربية والأمنية. 

وفي ظل ما يراه مصريون محاباة من السلطة لفئتي الجيش والشرطة، أقر البرلمان في مارس/آذار 2018 قانونا بإنشاء صندوق "شهداء ومصابي العمليات الحربية"، الذي يهدف إلى تكريم ضحايا العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، ودعمهم ورعايتهم في كل النواحي الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها.

ورغم الدور الكبير المنوط بما بات يعرف بـ"الجيش الأبيض" في مواجهة فيروس كورونا، فإن الحكومة المصرية ترفض زيادة بدل العدوى الخاص بالأطباء الذي يتراوح بين 19 و30 جنيها (أقل من دولارين)، على الرغم من حصول فئة مثل القضاة -وهم غير معرضين للعدوى- على بدل يتجاوز 3 آلاف جنيه.

وفي محاولة لاسترضاء الطواقم الطبية، وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أيام على زيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75%، الذي يتراوح بين 400 و700 جنيه (الدولار= 15.7 جنيها). 


مساواة الجيش الأبيض
وطالبت نقابة الأطباء رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي بمعاملة كل من يصاب أو يتوفى من الفريق الطبي بكورونا معاملة مصابي وشهداء العمليات الحربية، خاصة أن القانون يمنح رئيس الوزراء إضافة حالات أخرى لصندوق ضحايا العمليات الحربية، بناءً على عرض الوزير المختص.

وقالت النقابة إن هناك العديد من الأطباء أصيبوا بالعدوى بفيروس كورونا أثناء أداء أعمالهم لحماية الوطن من هذا الفيروس، وبعضهم نقله لأسرته، والبعض الآخر لقي ربه شهيدا بالعدوى.

وأضاف بيان النقابة أن جهد الأطباء لا يقدر بثمن ولا يمكن لأي تعويض مالي أن يعوضهم أو أسرهم عن الإصابة بمرض خطير أو فقدان الحياة، إلا أن تقدير الدولة المنتظر لهم ولدورهم الهام سوف يزيد من شعورهم وأسرهم بالأمان والانتماء، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن الوطن في حربه على مخاطر الأمراض والعدوى.

وتضامن برلمانيون مصريون مع مطالب نقابة الأطباء في معاملتهم جميعا "مثل أسر شهداء الجيش والشرطة"، تقديرا وعرفانا لتضحياتهم وشجاعتهم في حربهم على فيروس كورونا، بعد تكرار الإصابات والوفيات في صفوف الطواقم الطبية.

أقل ما يمكن
وقال عضو مجلس النواب إسماعيل نصر الدين إن الأطباء يبذلون جهودا كبيرة في الأزمة الأخيرة، وتضمين أسر من يموتون جراء الإصابة بهذا الفيروس للقانون أقل ما يمكن أن يقدمه البرلمان لهؤلاء الرجال، الذين أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية وأنهم جنود في أرض المعركة.

وارتفعت الإصابات بكورونا في المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة إلى 33 حالة، من بينها ثلاثة أطباء و20 من طاقم التمريض وبعض العمال، بالإضافة إلى ستة من أسر المصابين، بحسب الصحف المحلية.

ومع تفشي كورونا، خرجت العديد من المستشفيات من الخدمة، كان آخرها المعهد القومي للقلب بالقاهرة بعد إصابة ممرض بالفيروس، في حين رفض العاملون في المستشفى الفرنساوي الجامعي بطنطا العمل، مطالبين بإغلاق المستشفى وتعقيمه وعزل المخالطين للحالة التي ثبتت إصابتها بكورونا.


مطالب مشروعة
وقال أحمد شوشة مفوض النقابة العامة للدفاع عن الأطباء ومقرر اللجنة القانونية والحريات بالنقابة سابقا، إن "مطلب النقابة بمساواة الطواقم الطبية بمصابي وشهداء العمليات الحربية، ليس له علاقة بمطلبها الأساسي بزيادة بدل العدوى، فالمطلب الجديد هو في حال الإصابة والوفاة، أما بدل العدوى فهو في حال الحياة واستمرار العمل".

وأكد شوشة في حديثه للجزيرة نت أن زيادة بدل المهن الطبية غير كاف على الإطلاق، ولا يتناسب مع حجم الخطورة التي يواجهها الأطباء، الذين هم في الصف الأول والمباشر في المواجهة مع الأمراض المعدية، وطالب بأن يكون الحد الأدنى لبدل العدوى 1000 جنيه، وزيادته لاحقا إلى 3000 جنيه.

وفي رده على تعليق البعض بأنه يكلف خزانة الدولة مليارات الجنيهات، قال شوشة إن "بدل العدوى هو حماية للمنظومة الصحية في المجتمع ممثلة في صحة الطبيب، وهي موازنة لصالح الشعب كله، وليست موازنة فئوية ولا استثنائية".


جائحة كاشفة
يقول الوكيل في وزارة الصحة المصرية سابقا مصطفى جاويش إن إعلان منظمة الصحة العالمية عن جائحة كورونا حمل أيضا التوصية بالاهتمام بصحة وسلامة الفريق الطبي ودعمه.

وأضاف "لكن شاهدنا بعد ذلك تعالي صيحات الاستغاثة من الأطباء والتمريض في مصر، الذين يشكون من نقص حاد في وسائل منع العدوى، وسقوط أعضاء الفريق الطبي تحت وطأة الإصابة بالعدوى".

وفي حديثه للجزيرة نت، لفت جاويش إلى أن الإصابات طالت جميع محافظات مصر من أسوان جنوبا إلى دمياط والإسكندرية وبورسعيد شمالا، ومن مستشفيات الصحة إلى المستشفيات الجامعية، مرورا بجامعة الأزهر ومستشفيات التأمين الصحي وعدد من المستشفيات الخاصة.

وتابع "وتحت وطأة تلك المعاناة، واستمرار أعضاء الفريق الطبي بالعمل في بيئة عمل غير آمنة، نرى السيسي وكأنه قد استاء من إطلاق مصطلح الجيش الأبيض، ليعلن وسط حشد من العسكريين أن الجيش هو القوة الضاربة في مواجهة كورونا، وأنه يملك من الاحتياطي الإستراتيجي ما يكفي، وكانت الدلالة واضحة وهي أن في مصر جيشا يسود فوق الدولة وما فيها، ولا عزاء لمن فرحوا بوصفهم بالجيش الأبيض".

 
غير أن المصريين بادروا لمناصرة الطاقم الطبي والتمريضي، حيث تفاعل مغردون مع وسم #أنقذوا_أطباء_مصر من أجل توفير سبل الحماية اللازمة للطواقم الطبية من الإصابة أثناء مواجهة فيروس كورونا المستجد، في ظل نقص بعض المستلزمات بالمستشفيات وتدني قيمة بدل العدوى.
 
المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي