أتلانتيك: على الحكومات مصارحة الرأي العام.. كورونا معضلة اجتماعية وسياسية

ينتقد مقال نشرته مجلة أتلانتيك الأميركية الإجراءات التي يعتزم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اتخاذها إزاء كورونا، ويرى أن على الحكومات مصارحة الرأي العام بأن معضلة التعامل مع هذا الوباء هي أيضا اجتماعية وسياسية.

ويشير الكاتب توم ماكتاغ في مقاله إلى أن جونسون سعى في مؤتمر صحفي إلى طمأنة الحضور بأن بلاده جاهزة لمواجهة كورونا، وأن حكومته ستعتمد على العلم المراحل التالية، في وقت كان يحيط نفسه بكبير مستشاريه الطبيين كريس وايتي وكبير المستشارين العلميين باتريك فالانس.

غير أن المقال يشير إلى أن النقاد يرون أن جونسون خدع البلاد حيال مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي بسلسلة من الأكاذيب، وأنه استخف بموقف الخبراء الذين حذروا الناخبين من المخاطرة.

قضية البريكست
غير أنه يرى أنه إذا حدث إغلاق المدارس، فمن المحتمل أن الأطباء والممرضات سيضطرون إلى قضاء بعض الوقت في رعاية أطفالهم، مما يقوض قدرة الخدمات الصحية على التغلب على المرض.

ويشير الكاتب إلى أنه سبق للوزير البريطاني مايكل جوف -الذي يعد أحد أقرب حلفاء جونسون بالحكومة- أن صرح خلال تلك الحملة بالقول "إن الناس سئموا من الخبراء الذين ينتمون إلى منظمات تزعم أنها تعرف ما هو الأفضل للبلاد لكنهم يخطئون باستمرار".

ويضيف أن العلماء يرون أن تحديات التعامل مع كورونا ليست تكنوقراطية وإنما سياسية أيضا، ويقول إن جونسون سوف يلجأ لهؤلاء الخبراء أنفسهم للتأكد من عدم تحول أزمة الفيروس الذي نشأ في بلاد بعيدة إلى أزمة محلية في بريطانيا.

وعلى المستوى الاجتماعي، فيقول الكاتب إن مستشاري جونسون الاثنين يتساءلان بأنه في حال طُلب من كبار السن تجنب الاتصال بالآخرين، فكيف تضمن أسرهم عدم عزلهم اجتماعيا بهذه العملية؟ وماذا عن الفقراء؟ كما أنه لا يمكن للجميع العمل عن بعد، وبالتالي فإن تكلفة إجبار الناس على اتخاذ هذه الخطوة ستكون ذات عواقب غير متكافئة.

خطة وطنية
ويضيف المستشاران بالقول "وأما فيما يتعلق بالموظفين المؤقتين الذين يتقاضون أجورا مقابل ساعات عملهم، فمن المرجح أن دخلهم سينخفض كثيرا مقارنة بأصحاب العقود الدائمة. وهل ينبغي بالفعل توقع تحمل الأشخاص الأقل دخلا بالمجتمع عبئا أكبر جراء خطة وطنية مصممة لحماية الجميع من عدوى فيروس كورونا؟".

ويعود الكاتب ليقول إن ظهور فيروس كورونا يكشف عن أولويات المجتمع وقيمه، والحدود الزمنية لإمكانية التعامل معه في ظل الحرمان من الحريات المعتادة، ويضيف أن الحكومة البريطانية تعترف بأن سلطتها محدودة، وأنه من المحتمل ألا يكون لها لديها سوى مجال محدود لفرض قيود على السكان غير المعتادين حتى على تطبيق قيود الدولة الأساسية.

وتتمثل المهمة الأولى للحكومات -التي تأمل في قيادة بلدانها نحو بر السلام ومواجهة التحدي- في مصارحة الرأي العام بشأن الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن معضلة التعامل مع المرض التنفسي الحاد المرتبط بفيروس كورونا المستجد (كوفيد19) ليست علمية فحسب وإنما اجتماعية وسياسية كذلك، وتتطلب تأييدا واسع النطاق. كما يقول الكاتب

ويشير إلى محدودية الموارد المثقلة بالمطالب المتنافسة. وعند التعامل مع فيروس كورونا 2019، فإنه لا يمكن للحكومة البريطانية التوقف عن التصدي لأي شيء آخر، مثل السرطان والفيضانات والجريمة، أو بالطبع الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ويختم المقال بأن التحدي الذي سيواجه جونسون -وكل زعيم آخر لبلد ديمقراطي- خلال الأشهر القليلة المقبلة يتمثل في إقناع الشعب بأن قراراته معقولة وعادلة ومنصفة على المدى القصير، وأنه سيحقق التوازن بين المصالح الاجتماعية والطبية والاقتصادية على المدى الطويل.

المصدر : أتلانتك + الجزيرة